لندن – بات السلوك الاستبدادي الذي ينتهجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يشكل خطرا على وحدة حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، كما أثارت تحركات أنقرة في المتوسط حفيظة فرنسا التي تشعر اليوم بخيبة أمل كبيرة.
يشار في هذا السياق إلى أن بداية التوتر بين تركيا وبقية دول الحلف جاء على خلفية صفقة الصواريخ الروسية أس-400 المثيرة للجدل، ولوحت واشنطن بفرض عقوبات على النظام التركي لأن الصفقة الروسية تشكل خطرا أمنيا كبيرا على الناتو باعتبار أن تركيا تشارك في عملية تصنيع مقتلات أميركية.
واعتبر مركز دراسات دفاعية بريطاني متخصص أنه يجب عدم التقليل من أهمية الحادث الذي وقع بين سفن حربية تركية وفرنسية قبالة السواحل الليبية أوائل شهر يونيو الماضي نتيجة ما وصفه بـ”استفزازات” السفن التركية، وقال إنه يعكس الانقسام الاستراتيجي بين دول حلف الناتو.
ولفت التقرير الذي كتبه الجنرال البحري المتقاعد باتريك تشيفاليرو، المستشار السابق لوزير الدفاع الفرنسي، إلى أن الحادث مماثل بخطورته لقيام تركيا بغزو جزيرة قبرص عام 1974، الذي لم يؤثر على وحدة الناتو بسبب التهديد الوجودي للاتحاد السوفييتي في تلك الفترة، مضيفا أن الظروف تغيرت بشكل كبير الآن، خاصة بسبب المواقف الكارثية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي أصبحت تهدد مصداقية الناتو، والتزام واشنطن باتخاذ أي عمل ضد دولة عضو تهاجم أو تهدد دولة أخرى في الحلف، وفقا للكاتب.
ورأى الكاتب في التقرير الذي نشر أمس الجمعة أن تدخل أردوغان “الاستبدادي” في ليبيا وإرساله مقاتلين متشددين يعزز صورة تركيا على أنها دولة إمبريالية باتت تشكل خطرا أمنيا على مصالح الناتو.
ولفت إلى أن الحادث مع البحرية الفرنسية كان واحدا من سلسلة طويلة من الأعمال الاستفزازية التركية بما فيها شراء صواريخ إس-400 الروسية والتهديدات المتكررة بفتح الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين للعبور إلى أوروبا، والهجوم ضد الأكراد في شمال سوريا، الذين يعتبرون أهم حليف للناتو في الحرب ضد الإرهاب بعد ما وصفه بـ ”الضوء الأخضر غير المبرر الذي قدمه ترامب لأردوغان“ من دون استشارة حلفائه في حلف الناتو، إلى جانب أعمال التنقيب الاستفزازية في شرق البحر الأبيض المتوسط، واتفاق التنقيب عن النفط والغاز الذي وقعه مع حلفائه في ليبيا العام الماضي.
وتصاعد الغضب الدولي من ممارسات أردوغان بسبب سلوكه الدكتاتوري في تركيا بعد قيامه بحملة تطهير واسعة عقب الانقلاب الفاشل ضده عام 2016 شملت اعتقالات عشوائية ضد الصحافيين والضباط والمحامين والقضاة.
وتساءل الكاتب “إذًا، ما هي الرسالة التي يسعى أردوغان لإيصالها لحلف الناتو؟ وما هي نقطة الانهيار الحاسمة بالنسبة للناتو ، عندما تفوق الضربات التي يلحقها بالمصالح الجيوسياسية لأوروبا مصلحة وجود تركيا داخل الحلف؟“.
وأشار التقرير إلى أن الحلف أصبح في خطر، لافتا أنه في حال استمرت عضوية الحلف في توفير الغطاء لأعمال تركيا الاستفزازية من دون تحملها عواقب تلك الأعمال، فإن ذلك لن يكون مقبولا لفرنسا.
وسيكون من الخطأ التقليل من حجم الإحباط الذي تشعر به فرنسا، ولا ينبغي أبدا نسيان أن فرنسا هي ثالث أكبر مساهم في ميزانية الناتو، وقبل كل شيء فهي تعتبر ثاني أكبر عضو ذي مصداقية عسكرية.
العرب