كيف يمكن أن تتلاعب جوجل بنتائج الانتخابات الأمريكية لعام 2016؟

كيف يمكن أن تتلاعب جوجل بنتائج الانتخابات الأمريكية لعام 2016؟

يمكن أن يصل الرئيس الأمريكي القادم إلى منصبه بسهولة، ليس فقط من خلال الإعلانات التليفزيونية أو الخطابات الرنانة؛ لكن من خلال القرارات السرية لشركة جوجل، ولن يعرف كيف تمّ ذلك باستثناء مجموعة صغيرة من الباحثين.

البحوث التي كنت أشرف عليها في السنوات الأخيرة تشير إلى أنّ شركة جوجل أصبحت أكثر قوة للسيطرة على الانتخابات، وعلى مجموعة واسعة من الآراء والمعتقدات أكثر من أي شركة أخرى في التاريخ. خوارزمية البحث في جوجل يمكن أن تغيّر بسهولة تفضيلات التصويت من الناخبين المترددين بنسبة 20% أو أكثر، وربما تصل إلى 80% في بعض المجموعات الديموغرافية، دون أن يدرك أحد التلاعب الذي يجري في الأصوات؛ وذلك وفقًا لتجارب أجريتها مؤخرًا مع رونالد روبرتسون.

وبالنظر إلى أنّ العديد من الانتخابات تمّ الفوز بها بأغلبية ضئيلة؛ فهذا يعطي جوجل السلطة اللازمة في الوقت الراهن لتغيير نتائج ما يقرب من 25% من الانتخابات الوطنية في جميع أنحاء العالم. في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، فاز مرشحو الرئاسة في نصف الانتخابات الرئاسية بفارق أقل من 7.6%، وتمّ الفوز في انتخابات عام 2012 بفارق 3.9% وذلك بفضل سيطرة جوجل.

هناك على الأقل ثلاثة سيناريوهات حقيقية؛ حيث يمكن لشركة جوجل، وربما من دون معرفة رؤسائها، أن تشكّل أو حتى تقرر مصير انتخابات العام المقبل. وسواء كان المدراء التنفيذيون في جوجل يرون الأمر على هذا النحو أم لا؛ فإنّ الموظفين الذين يغيّرون باستمرار خوارزميات البحث العملاقة يتلاعبون بالمستخدمين في كل دقيقة من كل يوم. هذه التعديلات التي يقومون بها تؤثر بشكل متزايد على تفكير الناخبين وتغيّر تفضيلاتهم في عملية التصويت.

ما أطلقنا عليه في بحثنا اسم تأثير التلاعب بمحرك البحث (SEME) تبيّن أنّه أحد أكبر التأثيرات السلوكية التي سبق وأن اكتشفناها. في دراسة شاملة جديدة نُشرت في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم، توصلنا إلى نتائج من خمس تجارب أجريناها على أكثر من 4500 مشارك في بلدين مختلفين. ولأنّ تأثير التلاعب بمحرك البحث غير مرئي كشكل من أشكال التأثير الاجتماعي، وذلك لأنّ حجم التأثير كبير للغاية، ولأنّ في الوقت الحالي ليس هناك أي لوائح محددة في أي مكان في العالم تمنع جوجل من استخدام واستغلال هذه التقنية؛ فإننا نعتقد أنّ تأثير التلاعب بمحرك البحث يشكل تهديدًا خطيرًا على نظام الحكم الديمقراطي.

وفقًا لخدمة اتجاهات جوجل، فإنّ دونالد ترامب متفوق حاليًا على جميع المرشحين الآخرين في نشاط البحث في 47 من بين 50 ولاية. هل يمكن لهذا النشاط أن يدفعه إلى أعلى ترتيب البحث؟ وهل يمكن أن يجلب له هذا التصنيف المرتفع المزيد من الدعم؟ بالتأكيد، لكن هذا يعتمد على كيفية اختيار موظفي جوجل لضبط القيم الرقمية في خوارزمية البحث. تقرّ شركة جوجل بتعديل خوارزمية البحث 600 مرة في السنة، ولكن هذه العملية سرية للغاية. لذلك؛ فإنّ تأثير نجاح ترامب حول كيفية ظهوره في عمليات البحث في جوجل هو أمر خارج عن سيطرته.

لا تترك أبحاثنا الجديدة أي مجال للشك بشأن ما إذا كانت جوجل لديها القدرة على السيطرة على الناخبين. في التجارب التي أجريت عبر الإنترنت وفي المختبرات العلمية بالولايات المتحدة، تمكنا من زيادة نسبة السكان الذين لم يفضلوا أي مرشح بنسبة تتراوح بين 37 و63% بعد جلسة بحث واحدة فقط. إنّ أثر مشاهدة التصنيفات المنحازة بشكل متكرر على مدى أسابيع أو أشهر سيكون أكبر بلا شك في الفترة المقبلة.

 في تجربتنا الأساسية، تم تقسيم المشاركين عشوائيًا إلى ثلاث مجموعات في تصنيف بحثي يفضل إما المرشح “أ”، أو المرشح “ب”، أو عدم تفضيل أي مرشح. وتلقى المشاركون وصفًا موجزًا لكل مرشح ثم تم توجيه سؤال لهم بشأن حبهم وثقتهم لكل مرشح ومن المرشح الذي سيصوتون له. ثم سُمح لهم بإجراء بحث على الإنترنت عن المرشحين لمدة 15 دقيقة باستخدام محرك بحث يشبه جوجل صممناه وأطلقنا عليه اسم Kadoodle.

وكان كل فريق يمكنه الوصول إلى نفس نتائج البحث 30؛ وهي كل نتائج البحث الحقيقية المرتبطة بصفحات الويب الحقيقية من الانتخابات الماضية، ما يختلف فقط هو ترتيب النتائج في المجموعات الثلاث. يمكن أن ينقر المشاركون بحرية على أي نتيجة أو التنقل بين صفحات النتائج المختلفة، مثلما يفعل المستخدم العادي على محرك البحث جوجل.

عندما انتهى المشاركون من عملية البحث، طرحنا عليهم تلك الأسئلة مرة أخرى، ووجدنا أنّه في جميع المقاييس، تحولت الآراء في اتجاه المرشح الذي تم تفضيله في تصنيفات البحث. وكما كان متوقعًا، تغيّرت الثقة، والحب وتفضيلات التصويت.

الأمر المثير للقلق هو أننا أثبتنا هذا التحول مع ناخبين حقيقيين خلال حملة انتخابية فعلية في تجربة أُجريت مع أكثر من 2000 ناخب مؤهل ومتردد في جميع أنحاء الهند في انتخابات مجلس النواب لعام 2014، وهي أكبر انتخابات ديمقراطية في التاريخ، مع أكثر من 800 مليون ناخب مؤهل وطرح 480 مليون صوت في النهاية. وحتى في الولايات المتحدة، مع ناخبين حقيقيين على دراية عالية بالمرشحين والذين يتعرضون لوابل من الخطابات كل يوم، أظهرنا أن تصنيف محرك البحث يمكن أن يعزز نسبة التصويت لصالح أي مرشح بأكثر من 20%، وأكثر من 60% في بعض المجموعات السكانية.

ونظرًا لمدى قوة هذا التأثير، فمن الممكن أن تكون شركة جوجل هي التي قررت الفائز في الانتخابات الهندية. البيانات اليومية الخاصة بالبحث المتعلق بالانتخابات على جوجل (والتي تمّت إزالتها من الإنترنت، ولكن ليس قبل أن أحمل وزملائي تلك الصفحات) أظهرت أن ناريندرا مودي، الفائز في الانتخابات الهندية، تفوق على منافسيه في نشاط البحث بأكثر من 25% لمدة ستين يومًا متتالية قبل انتهاء عملية التصويت. هذا الارتفاع الكبير في حجم النشاط أنتج تصنيفات بحثية أعلى لصالح مودي.

نتائج جوجل قبل إغلاق الانتخابات الهندية لعام 2014

epstein_indian

التعليق الرسمي من جوجل على تأثير التلاعب بمحرك البحث هو: “لقد كان توفير الإجابات ذات الصلة هو حجر الزاوية في نهج جوجل للبحث منذ البداية. وإذا غيّرنا مسارنا فإن ذلك من شأنه تقويض ثقة الناس في نتائجنا وفي الشركة أيضًا”.

بالطبع، هذا تعليق بلا معنى. كيف يستبعد تقديم “أجوبة ذات صلة” على الأسئلة المتعلقة بالانتخابات إمكانية تفضيل مرشح على حساب الآخر في تصنيفات البحث؟ يبدو أنّ بيان جوجل هو مجرد إنكار تام لتدخلها في تلك المقاييس.

هناك ثلاثة سيناريوهات منطقية بموجبها يمكن أن تقلب جوجل نتائج الانتخابات في جميع أنحاء العالم:

 السيناريو الأول: هناك سيناريو شركة ويسترن يونيون؛ حيث يقرر المدراء التنفيذيون في جوجل من هو المرشح الأفضل بالنسبة للناخب الأمريكي وبطبيعة الحال بالنسبة للشركة، ومن ثم يتلاعبون بتصنيفات البحث وفقًا لذلك. وهناك سابقة في الولايات المتحدة لهذا النوع من التلاعب، حين تولى رذرفورد هايز، الرئيس التاسع عشر للولايات المتحدة، السلطة بسبب الدعم القوي من شركة ويسترن يونيون.

وفي أواخر عام 1800، كانت شركة ويسترن يونيون تحتكر الاتصالات في أمريكا، وقبل انتخابات عام 1876، بذلت الشركة قصارى جهدها لضمان نشر الأخبار الإيجابية فقط حول هايز في الصحف الوطنية. كما تبادلت الشركة البرقيات التي أرسلها موظفو حملة خصمه مع موظفي حملة هايز. ولعل الطريقة الأكثر فعّالية لفرض النفوذ السياسي في عالم التكنولوجيا اليوم هو التبرع بالمال لمرشح ومن ثم استخدام التكنولوجيا للتأكد من أنّه سيفوز بتلك الانتخابات. لذلك؛ يمكن القول إنّ التكنولوجيا تضمن الفوز، والتبرعات تضمن الولاء، وهذا ما استغلته شركة جوجل في السنوات الأخيرة مع إدارة أوباما.

في ضوء علاقات جوجل القوية مع الديمقراطيين، لا يوجد سبب للشك في أنه إذا تدخلت جوجل لتفضيل مرشح معين فإنها ستقوم بتغيير خوارزمية البحث لصالح هيلاري كلينتون. في عام 2012، تبرعت جوجل وكبار المدراء التنفيذيين بأكثر من 800 ألف دولار لأوباما في مقابل 37 ألف دولار فقط للمرشح الآخر، ميت رومني. وما لا يقل عن ستة من كبار المسؤولين التقنيين في إدارة أوباما، منهم ميغان سميث، المديرة التنفيذية للتكنولوجيا في الحكومة الأمريكية، كانوا موظفين سابقين في جوجل. ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا من صحيفة وول ستريت جورنال، منذ تولى أوباما منصبه، زار ممثلو جوجل البيت الأبيض 10 مرات مقارنة مع زيارة واحدة في الأسبوع من ممثلي الشركات الأخرى.

تحظى هيلاري كلينتون بدعم جوجل وتدرك جيدًا قيمة الشركة في الانتخابات القادمة. في أبريل الماضي، قامت بتعيين المديرة التنفيذية لشركة جوجل، ستيفاني هانون، في منصب الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في حملتها الانتخابية. ليس لدي أي سبب للشك في أنّ هانون تستخدم علاقاتها القديمة لمساعدة هيلاري، ولكن حقيقة أنها أو أي فرد آخر لديه نفوذ في شركة جوجل ومن ثم يكون لديه القدرة على تقرير مصير الانتخابات، تهدد بتقويض شرعية النظام الانتخابي، لاسيما في الانتخابات القادمة.

وهذا بالطبع سيناريو غير قابل للتصديق. هل هناك أي شركة يمكنها المخاطرة بإثارة حالة من الغضب العام وتحمل عقوبات ستفرض عليها في حال اكتشاف تلاعبها بالانتخابات؟

السيناريو الثاني: هناك سيناريو ماريوس ميلنر، وهو موظف محتال في جوجل كان لديه صلاحيات كبيرة ومهارات عالية في القرصنة صنعت بعض التعديلات في التصنيف البحثي (ربما بعد تلقى رسالة نصية من بعض الأصدقاء القدامى الذين يعملون الآن في الحملة). في عام 2010، عندما تم اكتشاف أنّ جوجل تحذف معلومات شخصية من شبكات واي فاي غير محمية في أكثر من 30 دولة باستخدام خاصية عرض الشوارع في خرائط جوجل، تم إلقاء اللوم في تلك العملية برمتها على أحد موظفي جوجل، وهو مهندس البرمجيات ماريوس ميلنر. هل طردته جوجل؟ لا. إنّه لا يزال يعمل بالشركة، بل كتب في ملفه الشخصي على موقع LinkedIn أنه يعمل “قرصانًا إلكترونيًا”. لذلك؛ فإذا شعرت بأن عددًا قليلًا من موظفي جوجل البالغ عددهم 37 ألف موظف هم بنفس ذكاء ميلنر، ربما تكون محقًا. ومن ثم؛ فإنّ سيناريو الموظف المحتال ليس مستحيلًا كما قد يبدو.

السيناريو الثالث: الأكثر رعبًا، هو سيناريو الخوارزمية: بموجب هذا السيناريو، فإنّ جميع موظفي جوجل هم مثل الحملان الصغيرة البريئة، ولكن كل الشرور تأتي من البرامج. خوارزمية البحث في جوجل تدفع مرشحًا معينًا إلى أعلى التصنيفات؛ بسبب ما تصفه الشركة بأنه نشاط بحث “عضوي” من قِبل المستخدمين. ومن ثم فإنه غير ضار؛ لأنه طبيعي. وفي ظل هذا السيناريو، يختار برنامج الكمبيوتر المرشحين المنتخبين.

لتوضيح ذلك بطريقة أخرى، تشير أبحاثنا إلى أنه مهما كانت براءة ونزاهة موظفي جوجل؛ فإنّ خوارزمية بحث جوجل، مدفوعة بنشاط المستخدم، كانت تحدد نتائج الانتخابات في جميع أنحاء العالم منذ سنوات عديدة، مع تزايد التأثير في كل عام بسبب زيادة انتشار الإنترنت.

تأثير التلاعب بمحرك البحث هو أداة قوية؛ لأنّ جوجل يجيد ما يقوم به. وفي كثير من الأحيان تكون نتائج هذا البحث مذهلة. وبعد أن أدركنا هذه الحقيقة مع مرور الوقت، بدأنا الثقة في تلك النتائج بدرجة عالية. وتعلمنا أيضًا أن أعلى تصنيف يعني أفضل الأدوات، وهذا هو السبب في أنّ 50%من النقرات تذهب إلى أول عنصرين في نتائج البحث، مع أكثر من 90% من النقرات تذهب إلى الصفحة الأولى في نتائج البحث. وللأسف، عندما يتعلق الأمر بالانتخابات، تجعلنا هذه الثقة الشديدة عرضة للتلاعب.

في الأيام الأخيرة من الحملة، تُنفق الكثير من الأموال على الحملات الدعائية الموجهة في مجموعة من المقاطعات؛ حيث يحدد الناخبون المترددون الفائزين في الولايات الهامة ذات الأصوات المتأرجحة. يا لها من مضيعة للموارد! الشخص المناسب في جوجل يمكنه أن يؤثر على هؤلاء الناخبين أكثر من أي خطاب سياسي. لا توجد وسيلة أرخص وأكثر كفاءة ودهاءً لتحويل الناخبين المترددين أفضل من تأثير التلاعب بمحرك البحث، الذي يتفوق أيضًا على تأثير اللوحات الدعائية: عندما يكون الناس غير مدركين لمصدر النفوذ، يعتقدون أنهم لم يتعرضوا للتأثير من أي طرف على الإطلاق؛ بل يعتقدون أنهم أصحاب القرار الأخير.

يدرك الجمهوريون أنّه سيكون من السهل التلاعب لصالح هيلاري كلينتون، لاسيما بالنسبة لجوجل؛ لأنّه من بين جميع المجموعات السكانية التي بحثنا فيها حتى الآن، لم تكن هناك أي جماعة أكثر عرضة لتأثير التلاعب بمحرك البحث أكثر من الجمهوريين المعتدلين. في التجربة الوطنية التي أجريناها في الولايات المتحدة، كنا قادرين على تحويل 80% من الجمهوريين المعتدلين في أي اتجاه نختاره من خلال تصنيفات البحث المتفاوتة.

هناك العديد من الطرق للتأثير على الناخبين أكثر من أي وقت مضى، وذلك بفضل التلفاز والأجهزة المحمولة والإنترنت. لماذا نخاف من محرك البحث جوجل؟ إذا كانت التصنيفات مؤثرة بهذه الدرجة، فهل يستخدم جميع المرشحين أحدث التقنيات لتحسين محركات البحث للتأكد من أنهم يحتلون مرتبة متقدمة؟

تحسين محركات البحث هو أمر تنافسي، وكذلك اللوحات الإعلانية والإعلانات التلفزيونية. ليس ثمة مشكلة في ذلك، لكنّ المشكلة الحقيقة هي أنّه لجميع الأغراض العملية هناك محرك بحث واحد فقط. أكثر من 75% من عمليات البحث على الإنترنت في الولايات المتحدة تتم عبر محرك البحث جوجل، وفي معظم البلدان الأخرى تصل النسبة إلى 90%. وهذا يعني أنه إذا كان الرئيس التنفيذي لشركة جوجل، أو موظف محتال أو حتى مجرد خوارزمية البحث نفسها تفضل مرشحًا معينًا؛ فإنه لا توجد وسيلة لمواجهة هذا النفوذ، وسيكون كما لو كانت شبكة فوكس نيوز هي القناة التليفزيونية الوحيدة في البلاد. وفي ظل زيادة انتشار الإنترنت، حيث يحصل الأشخاص على المعلومات عن المرشحين عبر الإنترنت، سيصبح تأثير التلاعب بمحرك البحث أكثر فعّالية؛ وهو ما يعني أنّ المبرمجين والمديرين التنفيذيين الذين يسيطرون على محركات البحث سيصبحون أيضًا أكثر قوة.

والأسوأ من ذلك، يُظهر بحثنا أنّه عندما يلاحظ الناس تصنيفات البحث المنحازة، تستمر تفضيلات التصويت في تغيير الاتجاهات، أكثر من تفضيلات الناس الذين لم يلاحظوا هذا التحيز. وفي دراسة أخرى في الولايات المتحدة، تحول 36% من الأشخاص الذين لم يكونوا على علم بتحيز تصنيفات البحث تجاه المرشح الذي اخترنا لهم، كما تحول 45% من أولئك الذين كانوا على علم بهذا التحيز. إنّ الأمر يبدو كما لو أنّ التحيز يعمل كشكل من أشكال الدليل الاجتماعي؛ حيث يفضل محرك البحث مرشحًا معينًا، ومن ثم يجب أن يكون هذا المرشح هو الأفضل. (من المفترض أن تكون نتائج البحث متحيزة، رغم كل شيء؛ بل من المفترض أن تبيّن لنا من هو الأفضل، ومن الثاني، وهكذا).

بالنسبة للأفراد، من الصعب الكشف عن التصنيفات المتحيزة، ولكن ماذا عن الجهات التنظيمية أو الرقابية في الانتخابات؟ للأسف، من السهل إخفاء تأثير التلاعب بمحرك البحث. ولذلك؛ فإنّ أفضل طريقة لممارسة هذا النوع من التأثير هو أن تفعل ما تجيد جوجل فعله كل يوم: إرسال نتائج البحث حسب الطلب. إذا كانت نتائج البحث التي تفضل مرشحًا معينًا تُرسل فقط لمجموعة معينة من الأفراد؛ فإنّ الهيئات التنظيمية والرقابية ستكون تحت الضغط للعثور عليهم.

جميع التجارب التي أجريناها تلبي معايير البحوث في مجال العلوم السلوكية؛ فهي تجارب عشوائية (وهو ما يعني أنه تم تقسيم المشاركين بطريقة عشوائية إلى مجموعات مختلفة)، ومنضبطة (وهو ما يعني أنها تشمل الجماعات التي تكون فيها التدخلات إما موجودة أو غائبة)، متوازنة (وهو ما يعني تقديم التفاصيل الهامة، مثل الأسماء لتقسيم نصف المشاركين بترتيب معين والنصف الآخر بترتيب مختلف) ومزدوجة التعميّة (وهو ما يعني أنّه لا يوجد أي شخص لديه أي فكرة عن الفرضيات أو الجماعات المعنية بهذه التجربة). كما أن أماكن المشتركين متنوعة، ويقابلها أكبر قدر ممكن من خصائص الناخبين في جميع أنحاء البلاد. وفي النهاية، شمل تقريرنا الأخير في دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم أربع نتائج متكررة. بعبارة أخرى: أظهرنا مرارًا وتكرارًا، في ظل ظروف مختلفة وجماعات مختلفة، أن تأثير التلاعب بمحرك البحث حقيقي وفعّال.

أحدث أبحاثنا حول تأثير التلاعب بمحرك البحث، الذي أُجري مع ما يقرب من 4000 شخص قبل الانتخابات الوطنية في المملكة المتحدة في الربيع الماضي، يبحث في الطرق الممكنة لحماية الناس من التلاعب. لقد اكتشفنا الوحش، ونحن الآن نحاول معرفة كيفية القضاء عليه. ما تعلمناه حتى الآن هو أنّ الطريقة الوحيدة لحماية الناس من تصنيفات البحث المنحازة هي كسر الثقة التي عملت شركة جوجل بجد لبنائها لدى العملاء. عندما نخلط التصنيفات بشكل متعمد، أو عندما نعرض أنواعًا مختلفة من التنبيهات التي تحدد التحيز؛ يمكننا الحدّ من تأثير التلاعب بمحرك البحث إلى حد ما.

ومع ذلك، من الصعب أنّ نتخيل أنّ شركة جوجل تهين منتجاتها وتقوّض مصداقيتها بمثل هذه الطرق. ولحماية انتخابات حرة ونزيهة، قد يكون أمامنا خيار واحد فقط غير مستساغ كما يبدو، وهو: الرقابة الحكومية.

التقرير