في يوليو عام 2014، دفن حزب الله “محمد علي حسين عواضة”، مقاتل يبلغ من العمر 16 عامًا قُتل في معركة ضد المعارضة السورية في المنطقة الجبلية بين الحدود اللبنانية السورية. بالكشف عن عمره، كما لاحظ المراقبون في ذلك الوقت، فإنّ حزب الله -المنهك من السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي مع عدد أقل من الرجال- تخلى عن شرط سابق بأن جميع المقاتلين الذين يتم إرسالهم إلى ساحات القتال يجب أن تكون أعمارهم 18 عامًا.
ومنذ ذلك الحين، ظهرت أدلة تشير إلى أنّ حزب الله يقوم بإرسال الأطفال إلى الخطوط الأمامية للحرب في سوريا. الموقع الإلكتروني المؤيد لحزب الله (SouthLebanon.org) الذي ينشر جنازات مقاتلي الميليشيا الذين قُتلوا “في أثناء مواجهة مجموعة من المرتزقة الوهابيين” -في إشارة إلى المسلّحين السُنة- ما زال ينشر حتى الآن صور “المجاهدين الشهداء” الذين يبدو أنهم أقل من 18 عامًا.
عندما تم الإعلان عن موت “مشهور شمس الدين”، وهو مقاتل يبلغ من العمر 15 عامًا، في أبريل عام 2015؛ أصدر الحزب بيانًا ينفي مقتله في الحرب الدائرة في سوريا، وزعم أنّه مات إثر “حادث محزن” في جنوب لبنان. لكنّ نشطاء المعارضة السورية أكّدوا أنّه قُتل في أثناء القتال في منطقة القلمون السورية، وهو نفس المكان الذي مات فيه عواضة البالغ من العمر 16 عامًا في العام السابق.
لبنان ليس دولة غريبة على استخدام الجنود الأطفال. في أثناء الاشتباكات المتكررة في مدينة طرابلس في 2012 و2013 بين الأحياء المتناحرة في باب التبانة وجبل محسن، ظهرت العديد من أشرطة الفيديو للأطفال المشاركين في تلك المعارك، من بينهم فتى يهزّه ارتداد مدفع AK-47 بعد إطلاق النار.
خلال الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990، انتشر تجنيد الأطفال على نطاق واسع، مع اعتراف زعيم ميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، على سبيل المثال، بأنه استخدم جنودًا “لا تزيد أعمارهم على عشر سنوات“.
وخلال الحرب الأهلية السورية الحالية، وجد تقرير للأمم المتحدة في يونيو عام 2015 أنّ كل فصيل تقريبًا، من المؤيدين والمعارضين للنظام، من حزب الله وما يسمى اللجان الشعبية إلى تنظيم داعش وجبهة النصرة ووحدات حماية الشعب الكردية والجيش السوري الحر، قام باستغلال الأطفال كجنود في المعارك.
ويحظر القانون الدولي تجنيد من هم دون سن الـ18، ولاسيما من قِبل الميليشيات غير التابعة للدولة، مثل حزب الله. المادة 4 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل حول اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2000، تنص على أنه “لا يجب على الجماعات المسلحة المستقلة عن القوات المسلحة في الدولة، تحت أي ظرف من الظروف، أن تقوم بتجنيد أو استخدام الأطفال دون سن الثامنة عشر في الأعمال العدائية“، وتنص المادة أيضًا على أنّه “يجب على جميع الأطراف اتخاذ كافة التدابير الممكنة لمنع هذا التجنيد والاستغلال، بما في ذلك اعتماد الإجراءات القانونية اللازمة لحظر وتجريم هذه الممارسات“؛ وهذا يعني أنّ لبنان -من الدول الموقعة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل- مجبر بموجب القانون الدولي على اتخاذ إجراءات لمنع حزب الله، وأي ميليشيا أخرى، من الاستمرار في استخدام الجنود الأطفال.
التقرير