من حسن حظ صدام حسين أن الذين أعدموه كانوا عملاء لإيران. مع الشهادتين كانت فلسطين حاضرة على لسانه.
بالنسبة للرئيس العراقي الراحل كانت فلسطين جزءا من الدرس الوطني الذي لم يتعرف عليه خصومه الذين شاء حظهم العاثر أن يقعوا في فخ الحيلة الإيرانية التي تنادي بتحرير القدس وهي تقصد بغداد.
ذهب الرجل إلى بارئه وهو ينادي بفلسطين عربية.
كانت عاطفته أكبر منه ولم يكن الرجل سياسيا. ارتكب كل حماقاته فكان يبتعد عن فلسطين. ولو أنه كان سياسيا ولم يرتكب تلك الحماقات لكان اقترب من فلسطين التي هي من المؤكد تسكن ضميره.
ما يهم هنا أن من أعدموه هم أعداء فلسطين الذين لا يعترفون بالعراق إلا كونه ولاية إيرانية. أعداء صدام حسين هم في الحقيقة أعداء فلسطين. ذلك لأنهم لا يعترفون بوجود الدول العربية. تعاونوا مع المحتل الأميركي من أجل أن يهدموا الدولة الوطنية في العراق ويقيموا بدلا منها ولاية هي جزء من إيران.
وبالرغم من أن ميليشيات إيران دمرت العديد من العواصم والمدن العربية التاريخية فإن لعبة فلسطين على الطريقة الإيرانية لا تزال مستمرة.
لا يزال عملاء إيران يتشدقون بالعداء لإسرائيل فيما يجرون الشعوب العربية من محرقة إلى أخرى حتى صاروا كما لو أنهم يمهدون للاحتلال الإيراني بتحويل الدول العربية التي تمكنوا من السيطرة عليها إلى أرض محروقة.
إنهم يرفعون شعار معاداة التطبيع مع إسرائيل. ذلك ما يمكن تفهمه في ظل تعثر المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. ولكن دولا مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن وهي الدول التي شهدت تغولا للميليشيات الإيرانية تشهد من سنوات تطبيعا للفساد وتطبيعا للعنف وتطبيعا للفقر وتطبيعا للخيانة.
فهل إسرائيل أكثر خطورة من الفساد والعنف والفقر والخيانة؟
عملاء إيران لا يخفون خيانتهم لأوطانهم عن طريق ولائهم الكامل لدولة أجنبية هي إيران. فهل يمكن لخونة من ذلك الطراز الذي يعمل على تكريس احتلال دولة أجنبية لوطنه أن يقوموا بتحرير أراضي دولة أخرى من الاحتلال؟
تلك كذبة لا يمكن تمريرها فهي نوع من اللعب المكشوف.
وهو ما انتهى إليه حال المقاومة التي صارت تهدد بسلاحها كل من يخاطبها بلغة العقل. فمَن يقاوم من أجل تحرير فلسطين عليه أن يحرر وطنه أولا.
فتحرير العراق مثلا من الاحتلال الإيراني يجب أن يسبق المناداة بتحرير فلسطين. أما شعار التطبيع مع إسرائيل فإنه يبدو مضحكا في ظل استمرار حزب الله وهو الممثل الرسمي لإيران في رفض فكرة حياد لبنان التي تتناقض كليا مع تطبيع الموت في سوريا وتطبيع سرقة المصارف وتطبيع تخزين نترات الأمونيوم الذي أدى إلى حرق نصف بيروت.
لو كنا في زمن صدام حسين لكان الخطاب العربي مختلفا. غير أن أعداء صدام حسين صنعوا زمنا رثا مثلهم. إنه زمن الفاسدين واللصوص وقطاع الطرق والخونة الذين لا يحق لهم الحديث بكلمة عن فلسطين بعد أن سلبوا أوطانهم استقلالها وسيادتها وألحقوها بإيران. إنهم أصغر من أن يقولوا تلك الكلمة. ذلك لأنهم دمروا دولا كانت تقف مع الفلسطينيين في قضيتهم العادلة.
وإذا ما تعلق الأمر بإسرائيل فإنها لم تفعل بالعراق ما فعلته إيران من خلال ميليشياتها ولم تهيمن على لبنان واليمن مثلما فعلته إيران من خلال حزب الله والحوثيين. أما في سوريا فإن الفارسية هي السائدة في ضاحية السيدة زينب وليست العبرية.
ربما وجد عملاء إيران في حكاية التطبيع فرصة لتبرئة حزب الله من مسؤولية تفجير ميناء بيروت، على الأقل على المستوى المحلي. ولكنها محاولة ستبوء بالفشل. فارتباط حزب الله بإيران سيكون كفيلا بفضح النوايا المبيتة.
العرب