ماذا بعد سماح السعودية لعبور الطائرات الإسرائيلية لأجوائها؟

ماذا بعد سماح السعودية لعبور الطائرات الإسرائيلية لأجوائها؟

الرياض – أكّدت السعودية الأربعاء موافقتها على السماح لكافة الرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات والمغادرة منها بعبور أجوائها، وذلك بعد عبور طائرة العال الإسرائيلية لأجوائها حاملة على متنها الوفد الأميركي الإسرائيلي وذلك في أول رحلة رسمية لشركة طيران إسرائيلية تحلق في أجواء السعودية وفوق العاصمة الرياض قبل أن تحطّ في مطار الرئاسة بأبوظبي.

ويأتي فتح الأجواء السعودية بعد ساعات من لقاء بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بمستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر في الرياض.

وأعلنت هيئة الطيران المدني السعودية في تغريدة “الموافقة على الطلب الإماراتي بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة إليها والمغادرة منها إلى كافة الدول”.

ويعتبر هذا أول تأكيد رسمي سعودي على السماح للطائرات من كافة الدول وبينها إسرائيل بعبور أجوائها من وإلى الإمارات، بعدما كان مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر كشف عن ذلك الاثنين في أبوظبي لدى وصوله مع وفد إسرائيلي في أول زيارة من نوعها لدولة خليجية.

وشدد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان على أن فتح الأجواء أمام الطائرات الاسرائيلية “لن يغير مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني” والقائمة على مبادرة السلام العربية التي تنص على أن لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة.

ولم تنتقد السعودية الاتفاق بين حليفتها الإمارات وإسرائيل، لكنها أعادت التأكيد على عدم تطبيع علاقاتها مع تل أبيب قبل التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، في وقت تكثف فيه الدبلوماسية الأميركية جهودها لتوسيع دائرة التطبيع مع إسرائيل وإقناع الرياض بالقيام بخطوة مماثلة للخطوة الإماراتية.

ويقول مراقبون أن الموقف السعودي إزاء التطبيع مع إسرائيل يجعل من الرياض موضع جهد أميركي خاص لإقناعها بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل، وهو ما يقوم به كوشنر والوفد المرافق له خلال زيارته للمملكة.

وكتب وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان على تويتر “مواقف المملكة الثابتة والراسخة تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لن تتغير بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة لدولة الإمارات العربية المتحدة والمغادرة منها إلى كافة الدول”.

وتابع “كما أن المملكة تقدر جميع الجهود الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم وفق مبادرة السلام العربية”.

وأعلنت إسرائيل والإمارات في 13 أغسطس 2020 عن اتفاق بوساطة أميركية لتطبيع العلاقات بينهما، بعد سنوات شهدت تقاربا بين البلدين، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون “خيانة” لقضيتهم.

وبذلك أصبحت الإمارات أول دولة خليجية وثالث دولة عربية تقوم بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل بعد مصر (1979) والأردن (1994).

والاثنين وصل وفد إسرائيلي أميركي برئاسة كوشنر إلى أبوظبي على متن أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات انطلقت من مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب، وذلك في طائرة إسرائيلية غادرت العاصمة الإماراتية عائدة لإسرائيل الثلاثاء.

وأظهرت مواقع تحديد مسارات الطائرات عبور الطائرة أجواء السعودية ومرورها فوق العاصمة الرياض، في أول رحلة معلنة لشركة طيران إسرائيلية تسافر في سماء المملكة. لكنّها تفادت أجواء البحرين وقطر.

وقال كوشنر لدى وصوله إلى أبوظبي عند نزوله من الطائرة “هذه أول مرة يحدث فيها هذا الأمر وأودّ أن أشكر المملكة العربية السعودية لجعل ذلك ممكنا”.

وتؤكد السعودية أنّها ترفض تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، في وقت تحث الولايات المتحدة الدول العربية على الاحتذاء بالإمارات في التوصل لاتفاقات مع إسرائيل.

وبعيد الإعلان السعودي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات لن تكون الأخيرة.

وأوضح في بيان “هناك الآن انفراج كبير آخر”، مشيرا إلى أن “الطائرات الإسرائيلية وتلك القادمة من جميع دول العالم ستكون قادرة على الطيران مباشرة من إسرائيل إلى أبو ظبي ودبي والعودة” بدون الإعلان عن أي جدول زمني لذلك.

وكان مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية قال لقناة “العربية” السعودية الثلاثاء إن الرحلات المنتظمة بين الإمارات وإسرائيل قد تبدأ بحلول نهاية العام.

وتعهدت إسرائيل بموجب الاتفاق مع الإمارات بتعليق خطتها لضم أراض فلسطينية في تنازل رحبت به أوروبا وبعض الحكومات العربية التي رأت أنه يعزز الآمال بتحقيق السلام في المنطقة.

لكن نتانياهو شدد على أن حكومته لن تتخلى عن خطط ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة.

وكانت السعودية قد رعت مبادرة لحل النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني أطلقت عام 2002 تدعو فيها إسرائيل إلى الانسحاب من الاراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 مقابل السلام والتطبيع الكامل للعلاقات مع الدول العربية.

وأجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشهر الماضي جولة في المنطقة لحث دول عربية على اللحاق بالامارات، وهي السودان والبحرين وعمان، لكونه ووجه بتحفظ رغم مؤشرات التقارب مع إسرائيل من قبل هذه الدول.

وكان كوشنر قال في لقاء مع صحافيين في 19 أغسطس عن احتمال تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل “سيكون أمرا مفيدا جدا للأعمال السعودية، وسيكون مفيدا جدا لقطاع الدفاع السعودي”.

وتابع “إذا فكّرت في الأشخاص الذين لا يريدون أن تتوصل السعودية وإسرائيل إلى اتفاق سلام، فإن الرافض الأول لذلك هو إيران. وهذا يدل على أنه ربما يكون الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”.

وتتشارك السعودية مخاوفها مع إسرائيل بشأن التهديدات الإيرانية لأمن واستقرار المنطقة والتهديدات المماثلة لإسرائيل التي طالما هددت إيران بإزالتها من الوجود.

وإيران عدو مشترك لإسرائيل والسعودية، حليفة إدارة ترامب، بينما تتّهم معظم الدول الخليجية طهران بالتدخل في شؤونها في ظل مساعيها لبث الفوضى والعنف في المنطقة عبر أذرعها المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

العرب