ذكرت مصادر حكومية يابانية كشفت عنها صحيفة “ذا تايمز” اليابانية، أن إدارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، في محاولة لتخفيف التوترات بين إيران والولايات المتحدة، اقترحت سراً مقايضة النفط الخام الإيراني بالحبوب الأميركية عبر اليابان العام الماضي.
وأكد مصدران، لوكالة أنباء كيودو، أن الاقتراح قُدِّم رسمياً في يونيو (حزيران) 2019 عندما زار آبي إيران، وهي الأولى لرئيس وزراء ياباني منذ 41 عاماً، في محاولة للعمل وسيطاً بين طهران وواشنطن.
وفي لقائه في الـ12 من يونيو مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، اقترح آبي رسمياً صفقة المقايضة، بقيمة عدة مليارات من الدولارات، واستقبلتها في البداية إيران وأميركا بشكل إيجابي.
وتتوخى الخطة الالتفاف على العقوبات الأميركية ضد إيران من خلال مبادلة الذرة وفول الصويا الأميركيين اللذين تشتريهما اليابان من الولايات المتحدة بالنفط الخام الإيراني، ونقلهما بعد الحصول على الموافقة الأميركية.
مساع يابانية باءت بالفشل
لكن، المسعى الدبلوماسي، الذي كان يهدُف في المقام الأول إلى إقناع إيران بالموافقة على الحوار مع الولايات المتحدة لم ينجح في النهاية، إذ لم تستطع اليابان تغيير الإصرار الإيراني على رفع العقوبات الأميركية أولاً، قبل أي حوار من هذا القبيل.
وإلى جانب انعدام ثقة إيران بالولايات المتحدة، اعتُبرت السياسة غير المتسقة للإدارة الأميركية، التي يترأسها دونالد ترمب، أيضاً عاملاً في فشل جهود الوساطة اليابانية، وفقاً للمصادر.
وفي الوقت الذي جرى فيه تقديم الاقتراح، كانت واشنطن في خضم حرب تجارية مع بكين، وتبحث عن مشترين لمحاصيلها، خصوصاً الذرة وفول الصويا، بينما كانت إيران بحاجة إلى منفذ لتصدير النفط بسبب العقوبات المعوقة، وكذلك تناقص مخزونها من الحبوب.
وسبق اقتراح آبي مباحثات سرية بين إيران واليابان في وقت سابق من ذلك الشهر، طلبت فيها طهران من طوكيو إضافة الأدوية والآلات إلى عبوتها.
وعلى الرغم من حرصها على استئناف صادرات النفط الخام، شككت إيران في أن الولايات المتحدة ستقبل الاقتراح الياباني، وأصرت على التزام الولايات المتحدة في هذا الصدد. وكان الجانب الياباني واثقاً في البداية بإقناع الولايات المتحدة، لكنه تراجع تدريجياً.
وكانت إدارة ترمب قد فرضت حظراً على النفط الخام الإيراني في مايو (أيار) 2019، ما تسبب في خسارة طهران إحدى ركائز دخلها القومي والاندفاع في حالة من الغضب.
وتعهدت إيران حينها عدم السماح لأي دولة بتصدير “ولو قطرة نفط” عبر مضيق هرمز، وهو الجسم المائي الضيق الذي يفصل الخليج العربي عن العالم الأوسع، إذا كانت طهران نفسها لا تستطيع تصدير نفطها بحرية، وكان هذا التهديد مدعوماً بسلسلة من الهجمات الغامضة على ناقلات النفط، التي نُسبت على نطاق واسع إلى إيران.
وجرت مناقشة الاقتراح الياباني أيضاً عندما زار روحاني اليابان في ديسمبر (كانون الأول) 2019، والتقى مجدداً آبي، وفي ذلك الوقت علم أن اليابانيين غير قادرين على تضييق الفجوات بين طهران وواشنطن. وعلى الرغم من فشل الاقتراح الياباني في النهاية، قال مصدر حكومي إن مقترحات الدول الصديقة “جرى النظر فيها بجدية”.
وساطة فرنسية لتوفير خط ائتمان
وحاولت فرنسا أيضاً، في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، التوسط في خطة لتوفير خط ائتمان لإيران بقيمة 15 مليار دولار. وأشار مصدر حكومي إلى أن “الاقتراح الياباني جرت دراسته وصياغته بشكل أفضل من نظيره الفرنسي”.
وفي أواخر 2019، كانت هناك أيضاً تحركات لتشجيع إيران على النظر في المقترحات اليابانية والفرنسية كمجموعة لزيادة فرص التوصل إلى اتفاق. وقال المصدر: “فشل الاقتراحان بسبب عدم تعاون الولايات المتحدة، على الرغم من الضوء الأخضر الأولي لواشنطن”.
كما رأت اليابان أنه يمكن تجنب العقوبات الأميركية، لأن الصفقة غير النقدية ستمنع إيران من استثمار أي أرباح نفطية في جيشها.
كفاية أولير
اندبندت عربي