هذا الأسبوع يجتمع الفيكتوريون المختلفون الذين يحدثون في بلادنا عاصفة كاملة الأوصاف. وإذا شئتم، ترغب شوشكا في صنع السلام مع شبابنا، ولكن هذا لا ينجح. بالنسبة لأهل احتجاج شوشكا، فكل مكتشفات الأسبوع الماضي لا تغير صورتهم أمام العالم. يعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدواً في نظر كبار الادعاء العام، كما كشف عميت سيغال النقاب عن ذلك. ويعد نتنياهو عدواً في نظر كبار مسؤولي جهاز الأمن المتقاعدين والدوائر الانتخابية لـ “شوشكا”. نمر أمني مع راديكال مناهض للصهيونية يتعايشان معاً.
ولكن الأمر أكثر بكثير من هذا، فالسلام مع الإمارات الذي سيوقع عليه هذا الأسبوع في واشنطن، واتفاق التطبيع الآخر مع البحرين، يدفنان مفهوم الأمن القديم، الكلاسيكي، لدولة إسرائيل. إذا كان أحد ما يرغب في فهم جذور الأمور، فقد رأى جهاز الأمن في نتنياهو منذ انتخابه لأول مرة في 1996 غازياً غريباً مع فكر يتناقض وفكرة الأمن التي أسسها بن غوريون. وبقوة أكبر، انكشفت الأمور في العقد المنصرم. والنيابة العامة والمحكمة العليا تريان في رئيس الوزراء عدواً، وليس من ينبغي بشأنه تقصي الحقيقة للقضايا التي هو ضالع فيها، هكذا أيضاً هي القمة الأمنية للجيل الماضي. فحسب المفهوم التاريخي، يعدّ جهاز الأمن ومن يقف على رأسه هو المسؤول عن الحفاظ على ختم الأمن القومي. فالجيش الإسرائيلي يفترض أن يوفر الأمن، والأساس السياسي – الدبلوماسي الوحيد في مفهوم الأمن هو العلاقات مع الولايات المتحدة.
كبار رجالات الأمن، من إيهود باراك، عبر أشكنازي، وغانتس، ومئير داغان الراحل، وآيزنكوت ورفاقهم، وجدوا أنفسهم في حالة دونية أمام الاستراتيجية الناجحة التي مارسها الفلسطينيون وزعيمة المقاومة إيران ضد إسرائيل. فالسعي إلى تسوية سياسية بكل ثمن أصبح المهمة العليا لإعادة ملء مخزون الشرعية المتناقص. والمواجهة الحادة مع الرئيس أوباما أقنعتهم بأن نتنياهو هو التهديد الأساس على الأمن القومي.
إن احتجاج شوشكا مثلما رأيناه أمس في القدس، هو من نتاج كبار رجالات الأمن المتقاعدين. فالمعركة السياسية الطويلة التي قادها نتنياهو وتجني ثمارها في هذه الأيام، تثبت بأن هناك جواباً على الاستراتيجية الفلسطينية التي تهدف إلى التسبب بالانهيار الداخلي لدولة إسرائيل. وهذا يحصل كثيراً جداً بفضل الصعود غير المتوقع للرئيس ترامب. فهو أيضاً يحطم مسلمات المؤسسة الأمنية والدبلوماسية في واشنطن. فالإنجازات في الخليج تحصل بالتوازي مع اتفاق ذي أهمية تاريخية بين صربيا وكوسوفو الذي هو الآخر يحصل برعاية ترامب. إن هذه الاختراقات السياسية يجب أن تضاف إلى المعنويات الوطنية ورص الصفوف الداخلية. وهذا لا يحصل لأن معسكر “كله إلا بيبي” يتحكم بلا قيود في المزاج الشخصي والقومي، فهم يندفعون كالحصان الجامح انطلاقاً من دافع سياسي عاطفي، ونسوا منذ زمن بعيد ما السبب الذي يجعلهم مستعدين لحرق العالم على ألا يكون نتنياهو رئيس وزراء.
القدس العربي