بعد أن ضاقت الولايات المتحدة الأمريكية ذرعا بالاعتداءات المستمرة على مصالحها ” سفارتها وقواتها” في العراق من قبل المليشيات الولائية ، يبدو أن حاضر ومستقبل العراق على المحك هذه المرة، ففي اتصال هاتفي جمع بين برهم صالح رئيس جمهورية العراق ومايك بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام بومبيو بتبليغ برهم صالح رسالة شديدة اللهجة من قبل دونالد ترامب مفادها أ”ن الولايات المتحدة الأمريكية ستغلق سفارتها وتسحب قواتها من العراق”.
واستدرك وزير الخارجية الأمريكي، وبحسب التقارير الإخبارية، بالقول “اذا انسحبت قواتنا وتم اغلاق السفارة بهذه الطريقة فسنقوم بتصفية كل من ثبت لدينا انه متورط بهذه الاعمال”. و“لن نرحم احدا وبالخصوص كتائب حزب الله وعصائب اهل الحق”، مشددا على ان “قرار اغلاق السفارة الأميركية سيكون له مردودات سلبية جدا على العراق ومستقبله”. وعلى ضوء هذا الاتصال، أرسل برهم صالح رئيس جمهورية العراق رسائل لكل المعنيبن في العراق.
ونظرًا لخطورة الموقف تداعت “قوى الدولة” لمواجهة “قوى اللادولة” التي تشمل الأحزاب التابعة لإيران، والميليشيات التي تملك سلاحا خارجا عن القانون تتحدى به المؤسسات الرسمية. فقد دعا سماحة السيد مقتدى الصدر، إلى تشكيل لجنة للتحقيق في الخروقات الأمنية التي تتعرض لها البعثات الدبلوماسية والمقار الرسمية للدولة وبما يضر بسمعة العراق.
وقال سماحة السيد مقتدى الصدر في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “ندعو إلى تشكيل لجنة ذات طابع أمني وعسكري وبرلمانية للتحقيق في الخروقات الأمنية التي تتعرض لها البعثات الدبلوماسية والمقرات الرسمية للدولة بما يضر بسمعة العراق في المحافل الدولية”. وأوضح أن على اللجنة أن تعلن “نتائج التحقيق للرأي العام ضمن سقف زمني محدد لكي يتم أخذ الإجراءات القانونية والتنفيذية اللازمة حيال ذلك”.
ومن جانبه رحب مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة العراقية بدعوة سماحة السيد مقتدى الصدر، وقال في تغريدة له على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “ندعم المقترحات التي قدمها سماحة السيد مقتدى الصدر بتشكيل لجنة أمنية وعسكرية وبرلمانية للتحقيق في الخروقات التي تستهدف أمن العراق وهيبته وسمعته والتزاماته الدولية”.وأضاف “نؤكد أن القانون فوق يد الخارجين عليه مهما ظن البعض عكس ذلك وأن تحالف الفساد والسلاح المنفلت لا مكان له في العراق”.
فالكاظمي عندما أوكلت إليه مهمة قيادة العراق في هذا الوقت الحساس من تاريخ العراق المعاصر، يتلخص هدفه وطموحه أن يرسخ في أرض العراق الدولة المدنية الجامعة لكل العراق، تحكم هذه الدولة من قبل القوانين وليس من قبل مليشيات. فالدولة من وجهة نظر الكاظمي تزدهر بتطبيق القانون وتموت تحت حكم المليشيات. لذلك اتخذ قرارا إدارية
ومن جانبه أصدر تحالف الفتح بيان أكد على هذا المسار جاء فيه:” نتيجة لما يقع من احداث ومواقف داخلية ومايحيط بالعراق من ظروف غير اعتيادية، نرى ضرورة ان نؤكد مرة اخرى على ماذكرناه في بياننا المؤرخ في ١١ محرم الموافق ٨/٣١ وندعو الى مايلي:
١- الالتزام بالمهمة الاساسية الاولى لهذه الحكومة وهي بسط الامن واعادة هيبة الدولة وخلق المناخات المناسبة لاجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة وعادلة.
2. نؤكد ان لاخيار سوى خيار بناء الدولة العادلة القادرة على بسط الامن وتأمين الحياة الحرة الكريمة لكل مواطن عراقي.
٣-ندعو القضاء والاجهزة الامنية الى الوقوف بحزم وقوة وانهاء مسلسل الخطف والاغتيالات واثارة الرعب بين الناس والذي تقف خلفه اياد اثمة تريد اثارة الفوضى وخلط الاوراق ويجب على الجميع التعاون مع الجهات المختصة من اجل القضاء على هذه الاعمال الاجرامية.
٤- نعلن رفضنا وادانتنا لاي عمل يستهدف البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الرسمية وان هذه الاعمال اضعاف للدولة وضرب لهيبتها وهو امر مرفوض ويؤدي إلى نتائج خطيرة.
٥- ان الحشد الشعبي هو المدافع عن العراق ووحدته وسيادته جنباً الى جنب القوات المسلحة والاجهزة الامنية وعليه فاننا ندعو ابناءنا في الحشد الشعبي الى ان يكونوا كما عرفناهم مثلاً اعلى في الالتزام بالقانون والابتعاد عن كل مايسيء الى صورة هذا الكيان المقدس.
6 . وعلى الجميع توخي الدقة وعدم اطلاق التهم جزافاً لان الارهاب وازلام النظام السابق والمجاميع المنحرفة واعداء العراق تسعى دائماً لخلط الاوراق.
كما نوكد مجدداً ان هدفنا وواجبنا حفظ مصلحة العراق والعراقيين والدفاع عن وحدته وسيادته وامنه واستقراره وازدهاره وتقدمه
عاش العراق حراً قوياً عزيزاً ومنتصراً مستقلاً ومزدهراً”.
كما أصدر المكتب السياسي لتيار الحكمة بيانا جاء فيه: ” في غمرةِ الأحداثِ التي يشهدها بلدنُا العزيز وفي الوقتِ الذي ندينُ فيه عملياتِ الإغتيال والخطف والترهيب التي تزعزعُ أمنَ البلاد واستقرارها ، فإنَّنا في تيار الحكمة الوطني نشدِّدُ ونؤكد مواقفنا الدائمةَ ونطالبُ الجميعَ بالحفاظِ على هيبةِ الدولة ودعمِ أجهزتها الأمنية بكافة صنوفها وتشكيلاتها المكلَّفةِ بتطبيق القانون وحماية المواطنين ، كما نعبِّرُ عن اعتزازنا الكبير بعشائرنا العراقية الأصيلة التي بذلت الغالي والنفيس من أجلِ صيانة الأرض والعرض وهي تقفُ صفّاً خلفَ مرجعيتها الرشيدة على امتداد تاريخها الناصع ومواقفها المشرفة مما يؤكدُ أهميَّة التعاون الكامل مع هذه العشائر الكريمة في حفظ القانون وتعزيز هيبة الدولة ومنهجها ، ولايفوتنا أن نجدِّدَ إدانتنا واستنكارنا لإستهداف البعثات الدبلوماسية في العراق لما تعكسه هذه التصرفات اللامسؤولة من تأثيرٍ سلبيٍ كبيرٍ على سمعة العراق أمام المجتمع الدولي .
ونودُّ في هذا المقامِ أن نُعربَ عن ترحيبنا بالبياناتِ الصادرة عن الكتل السياسية وهيئة الحشد الشعبي التي عبرت عن التمسّكِ بالقانونِ وهيبةِ الدولة ، فالإجماعُ الوطني والتزامُ جميعِ الأطراف ، كفيلٌ باستقرار البلاد و توفير المناخ المناسب لحل الأزمات العالقة وإزالة العقبات ومعالجة التراكمات والتمهيد لانتخابات نزيهة وعادلة . حفظ الله العراق والعراقيين ووفق الجميعَ الى الخير والبناء”.
وقد لاقت تغريدة سماحة السيد مقتدى الصدر وترحيب مصطفة الكاظمي تأييد كل من برهم صالح رئيس جمهورية العراق ومحمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب ونيجرفا بارزاني والسيد عمار الحكيم وحيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، ونواب مستقلون ، والحزبين الكورديين، ولاهور شيخ جنكي، الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
فهذا التيار الذي يطلق عليه ” قوى الدولة” يدرك تمامًا مخاطر القرار الأمريكي ورسالة الرئيس الأمريكي الذي لم يسبق لأي رئيس أمريكي أرسلها للعراق في مرحلة ما بعد عام 2003م، فهذا القرار إذا تم تنفيذه فإن له عواقب وخيمة على العراق منها على سبيل المثال لا الحصر وقف صفقة الغاز مع إيران ويمكن أن يصار إلى فرض عقوبات شاملة على العراق في استمرت العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران، ولربما يقدم دونالد ترامب سحب توقيعه لحماية أموال العراق، هذا الأمر من شأنه أن يفتح باب مطالبات الديون الدولية المترتبة على العراق ومن ثم تحجز جميع أمواله ونفطه في الخارج، وفي هذه الحالة لا تتدفق العملة القيادية ” الدولار الأمريكي” إلى العراق، هذا يعني باختصار انهيار العراق. وهذا يعني أيضًا أن رئة إيران الاقتصادية” العراق” سيصاب بكورونا اقتصادية متقدمة الأمر الذي سيفضي إلى موت الدولتين.
لذلك على القوى السياسية العراقية أن تقف مع مشروع مصطفى الكاظمي الذي يهدف إلى استعادة الدولة العراقية من حكم المليشيات التي ستقود العراق إلى المجهول، فما زالت الفرصة التاريخية قائمة لتخليص العراق من هذه المرحلة التي لا شبيهة لها في تاريخ العراق الحديث والمعاصر. فالوقوف إلى جانب الكاظمي يعني الوقوف إلى جانب الدولة الوطنية العراقية.
وحدة الدراسات العراقية