يتوجه الأمريكيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات الرئاسة كل أربع سنوات. وهم الآن على بُعد شهر من معرفة من سيكون رئيسهم المقبل في انتخابات قد تكون الأكثر أهمية في العصر الحديث.
سنتعرف في هذا التقرير على كل ما يتعلق بتفاصيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية وكيفية سير عملية الترشيح والاقتراع.
ما لا يعرفه كثيرون هو أن رئيس الولايات المتحدة ونائبه لا يتم انتخابهما مباشرة من قبل الشعب بل يتم اختيارهما من قبل ما يطلق عليهم “كبار الناخبين” (Electors) من خلال عملية تسمى “الكلية الانتخابية” (Electoral College). ويعني هذا أن الأصوات الشعبية لا تحدد من يفوز بالرئاسة، بل تعتمد البلاد نظاما يختار بموجبه المواطنون أعضاء “الكلية الانتخابية” المخصصين لكل ولاية على حدة. ويحتاج مرشحو الرئاسة وفق هذا النظام إلى الفوز بغالبية أصوات هؤلاء، وعددهم 538، للوصول إلى البيت الأبيض.
ويعكس عدد أعضاء “الكلية الانتخابية” من كل ولاية، عدد المشرعين الذين يمثلونها في الكونغرس.
يمكن تبسيط عملية انتخاب رئيس الولايات المتحدة في خمس نقاط: الانتخابات التمهيدية والتجمعات، المؤتمرات الوطنية، الحملة الانتخابية، الانتخابات العامة، الكلية الانتخابية.
– الانتخابات التمهيدية والتجمعات (انتخابات على مستوى الحزب في الولايات)
هناك العديد من الأشخاص الذين يريدون الوصول إلى البيت الأبيض. قد يكون لكل من هؤلاء أفكاره الخاصة حول كيفية عمل الحكومة. الأشخاص الذين لديهم أفكار مماثلة عادة ما ينتمون إلى نفس الحزب السياسي لكنهم بحاجة إلى كسب تأييد أعضاء حزبهم أولاً. يقوم المرشحون من كل حزب بحملة في جميع أنحاء البلاد لكسب تأييد الحزب.
تختار الأحزاب السياسية المرشحين للانتخابات العامة من خلال الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية.
الانتخابات التمهيدية هي انتخابات على مستوى الولاية حيث يصوت أعضاء الحزب لأفضل مرشح سيمثلهم في الانتخابات العامة. مرشحو الحزب الذين يتم اختيارهم في الانتخابات التمهيدية يتنافسون فيما بينهم في الانتخابات العامة. تجري 34 ولاية أمريكية انتخابات أولية.
التجمع الحزبي هو اجتماع محلي يجتمع فيه الأعضاء المسجلون في حزب سياسي في مدينة أو بلدة أو مقاطعة للتصويت لمرشح الحزب المفضل لديهم. التجمع الحزبي هو بديل للانتخابات الأولية لاختيار مندوبين إلى المؤتمر الوطني للحزب. تعقد 16 ولاية مؤتمرات حزبية لتحديد مرشحي الأحزاب السياسية.
– المؤتمرات الوطنية لكل حزب
بمجرد الانتهاء من الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية في كل ولاية، يتم عقد مؤتمر وطني يُعلن فيه رسميا عن مرشح الحزب لمنصب الرئيس. أثناء المؤتمر، يدلي المندوبون المنتخبون بأصواتهم لمرشح حزبي ويحصل المرشح الذي يتمتع بأكبر عدد من المندوبين على ترشيح الحزب. ويختار المرشح الرئاسي نائبا. يمثل ذلك بداية عملية الانتخابات العامة.
– الدعاية الانتخابية
تبدأ الحملة الانتخابية العامة بعد اختيار مرشح واحد من كل حزب سياسي، عبر الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية والمؤتمرات الوطنية. يقوم هؤلاء المرشحون بجولة عبر البلاد، ويشرحون وجهات نظرهم وخططهم للعامة ويحاولون كسب دعم الناخبين المحتملين. تعد التجمعات والمناقشات والإعلانات جزءا كبيرا من حملة الانتخابات العامة.
– الانتخابات العامة (التصويت الشعبي)
تجري في نوفمبر/ تشرين الثاني. إذ يصوت المواطنون في كل ولاية في جميع أنحاء البلاد لرئيس واحد ونائب رئيس واحد. عندما يدلي الناس بأصواتهم، فإنهم في الواقع يصوتون لمجموعة من الناس تعرف باسم “كبار الناخبين”، ليكونوا أعضاء دستوريين مفوضين في الانتخابات الرئاسية. هؤلاء الناخبون يشكلون “الكلية الانتخابية”، وهم معينون من قبل الولايات، ملتزمون بدعم المرشح الرئاسي الذي دعمه الناس.
على الرغم من أن غالبية سكان الولايات المتحدة يصوتون لمرشح ما، فإن هذا لا يعني أنه سيفوز في الانتخابات الرئاسية. هناك حالات خسر فيها مرشح فاز في التصويت الشعبي للانتخابات. للفوز في الانتخابات، يحتاج المرشح إلى الحصول على أكثر من 270 “من أصوات كبار الناخبين”.
يمكن أن تتجاوز الأصوات الشعبية التي يفوز بها مرشح رئاسي، الأصوات داخل “الكلية الانتخابية”. وقد وصل خمسة رؤساء أمريكيين إلى البيت الأبيض رغم عدم فوزهم بالأصوات الشعبية، بينهم الرئيسان الجمهوريان دونالد ترامب وجوج بوش الابن.
– الكلية الانتخابية
يتم انتخاب رئيس الولايات المتحدة من قبل “الكلية الانتخابية”. وينص الدستور الأمريكي على أن المرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات في الكلية الانتخابية يصبح رئيسا. لا يذكر شيئا عن التصويت الشعبي.
كان هدف واضعي هذه الصياغة هو تصفية الرأي العام من خلال هيئة مؤلفة من أشخاص أكثر حكمة وخبرة. لم يرغب واضعو السياسات في أن يتم اختيار الرئيس مباشرة من قبل الشعب. تحصل كل ولاية على عدد معين من “كبار الناخبين”، بناء على العدد الإجمالي لتمثيل كل ولاية في الكونغرس.
لكل ولاية من الولايات الأمريكية الخمسين وواشنطن العاصمة عدد محدد من “كبار الناخبين” يعكس حجمها. كاليفورنيا هي الأكثر سكانا (أكثر من 38 مليون شخص) ولديها 55 صوتا انتخابيا – أكثر من أي ولاية أخرى. بينما ولاية مثل مونتانا، وهي ولاية كبيرة جغرافيا ولكن بها عدد سكان صغير نسبيا (ما يزيد قليلاً عن مليون شخص)، لديها ثلاثة ناخبين فقط.
إذا حصل المرشح على أكبر عدد من الأصوات داخل الولاية، فإنه يحصل على الحصة الكاملة من أصوات الكلية الانتخابية لتلك الولاية.
يدلي كل “ناخب” بصوت انتخابي واحد بعد الانتخابات العامة. وهناك ما مجموعه 538 صوتا انتخابيا. المرشح الذي يحصل على أكثر من النصف (270) يفوز في الانتخابات.
– انتهت الانتخابات. ماذا بعد؟
يؤدي الرئيس المنتخب ونائبه اليمين الدستورية في حفل التنصيب في يناير/ كانون الثاني.
– هل يمكن لأي شخص أن يصبح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية؟
يمكن أن يكون الرئيس رجلا أو امرأة من أي عرق أو أي دين، ولكن يجب أن يكون: أولا، مولودا في الولايات المتحدة. ثانيا، عمره 35 عاما على الأقل. ثالثا، عاش في الولايات المتحدة لمدة 14 عاما على الأقل.
يحتاج الترشح للرئاسة شهورا، بل حتى سنوات، من العمل الجاد. ويحتاج المرشح إلى الكثير من المال لدعم حملته الانتخابية.
يمكن للرئيس أن يبقى في الرئاسة لمدة أقصاها ثماني سنوات، في حال تم انتخابه لمرة ثانية.
– الانتخاب عبر البريد
يحتدم النقاش حاليا في الولايات المتحدة حول مسألة الانتخاب عبر البريد، إذ يحاول الرئيس دونالد ترامب التشكيك في مدى شفافية العملية. وفي هذا السياق يعلق الكاتب الصحافي سعيد عريقات المقيم في واشنطن لـ”القدس العربي” قائلا إنها مسألة مختلقة ويوضح “أولا، الولايات المتحدة تصوت عبر البريد منذ انتخاباتها الأولى أي منذ عام 1788 وبالتالي فهي قضية مفتعلة. أثناء الحرب العالمية الأولى 1861 صوت الجنود الأمريكيون عبر البريد لأنهم كانوا في المعارك. ترامب بدأ يروج لذلك، اعتقادا منه ربما أنه سيخسر. بدأ يقول إن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها فوز المرشح الديمقراطي ستكون عبر التزوير بسبب التصويت بالبريد”. ويضيف عريقات قائلا “سيصوت الكثير من الناس عبر البريد هذا العام بسبب جائحة كورونا، إذ يخشى الناس من التوجه إلى مراكز الاقتراع والانتظار في صفوف لفترات طويلة، ويكون هناك تقارب بين الناخب والآخر، وهنا سيعتمد الكثير من الناخبين على التصويت عبر البريد. وترامب يعتقد أنه كلما كثرت الأصوات كلما قلت حظوظه في الفوز”.
– ما هي المسألة التي تشغل بال الناخب الأمريكي عند الاقتراع؟
يرى الاستاذ عريقات لـ”القدس العربي” أن المسألة الأكثر تأثيرا على صوت الناخب الأمريكي هي الاقتصاد، ويقول “تاريخيا، الاقتصاد هو الأساس. المثل الأمريكي يقول “الناخب يصوت لجيبه”، بمعنى إذا كان وضعه المادي الآن أفضل من قبل أربع سنوات أم لا. وبالتالي فإن الاقتصاد هو الذي يرجح كفة مرشح على آخر. إلا أن الانتخابات هذا العام تختلف عن سابقاتها، بسبب جائحة كورونا التي لها انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي. وأيضا بالأساس موت أكثر من مئتي ألف أمريكي وإصابة نحو سبعة ملايين بالفيروس”.
– هل يمكن للرئيس الأمريكي عدم تسليم السلطة لخلفه؟
بينما يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الترويج بأنه قد لا يسلم السلطة في حال خسارة الانتخابات، يرى عريقات أن “هذا الكلام يهدف للترهيب فقط. إذ يرغب منه ترامب أن يقر بأنه لن يفوز بالانتخابات وأن السبب الوحيد كان التزوير، وبالتالي لن أخرج إلا إذا ثبت لي أنني فعلا خسرت الانتخابات بشكل واضح. وهذا طبعا لن يحصل لأنه منذ بداية الانتخابات الأمريكية، يترك الرئيس منصبه بشكل سلس. كل ذلك عنترية من ترامب ولا تتماشى مع النظام الأمريكي”.
لميس أنس
القدس العربي