على الرغم من استمرار الرئيس دونالد ترامب في تعافيه من إصابته بفيروس كورونا، التي أبقته بالمستشفى 4 أيام، كثف الرئيس الأميركي جهوده قبل 4 أسابيع من انتخابات رئاسية مصيرية لتقويض الأدلة المقبولة على نطاق واسع حول جهود التدخل في الانتخابات الروسية عام 2016.
وكان الرئيس ترامب قد أمر برفع السرية عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات الفدرالية في التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة، إضافة إلى ذلك سمح برفع السرية أيضا عن جميع الوثائق المتعلقة بالتحقيقات حول استخدام وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون بريدها الشخصي (غير الآمن) في مراسلات حكومية.
وتركز الوثائق، التي جاءت في ألف صفحة، وأفرج عنها مدير الاستخبارات الوطنية جون راتكليف، على بعض الثرثرة من قبل ضباط استخبارات روسية التقطتها أجهزة الاستخبارات الأميركية عام 2016.
وقابل هذه الخطوة ردود فعل محذرة من مختلف ألوان الطيف السياسي الأميركي، بمن فيهم بعض المقربين من ترامب، تبرز مخاطر هذه الخطوة، وما تحققه من مكاسب لروسيا ورئيسها ذو الخبرة الطويلة في أجهزة الاستخبارات السوفياتية فلاديمير بوتين.
وغرد ترامب، مساء الأربعاء، مشيرا إلى تحقيقات التدخل الروسي في انتخابات 2016، وقال “أوباما، بايدن، والمحتالة هيلاري والعديد من الآخرين تورطوا في الخيانة والتجسس للإطاحة بمرشح منتخب، وهو ما يمثل جريمة جنائية. كيف يُسمح لبايدن الآن بالترشح للرئاسة؟”
ويدل توقيت التغريدة على أن ترامب يستهدف نائب الرئيس السابق ومنافسه الديمقراطي جوزيف بايدن من إعادة تسليط الضوء على تحقيقات التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية لعام 2016، ودور بايدن فيها.
اعلان
أبرز ما كشفت عنه الوثائق
أجمعت أجهزة الاستخبارات الأميركية بأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 جاء بناء على توجيهات الكرملين، وكان يهدف بالأساس إلى تعزيز حظوظ فوز ترامب بها.
تم نشر بعض هذه الوثائق المنتقاة، والتي تشكك في مصداقية الرواية الأميركية الرسمية، التي أجمعت عليها أجهزة الاستخبارات الأميركية.
وتصف بعض الملاحظات المرفقة بالوثائق تقارير استخباراتية مستمدة من عملاء روس، تُفصل الجهود الروسية للتأثير في انتخابات 2016.
وتصف الملاحظات خطة مزعومة “وافقت عليها هيلاري كلينتون، وتمثلت في اقتراح من أحد مستشاريها للسياسة الخارجية لتشويه سمعة دونالد ترامب من خلال إثارة فضيحة تدعي تدخل جهاز الأمن الروسي”.
وصفت وثيقة ثانية تم تنقيحها بشدة، ملخصا أعدته وكالة الاستخبارات المركزية لمكتب التحقيقات الفدرالي، أشار إلى حديث بين أشخاص لم يسمهم حول “موافقة هيلاري كلينتون على خطة تتعلق بالمرشح دونالد ترامب، وقراصنة روس تدخلوا بالانتخابات الأميركية كوسيلة لصرف انتباه الجمهور عن استخدام خادم البريد الإلكتروني الخاص بها في مراسلات حكومية”.أوضح رئيس الاستخبارات الوطنية راتكليف في بيان بمناسبة إزاحه السرية عن هذه الوثاق أن “هناك حاجة ماسة إلى زيادة الشفافية بشكل مناسب مع الشعب الأميركي، وأن نعطيه الثقة بأن العمل الاستثنائي للمهنيين في مجال الاستخبارات لا يساء استخدامه أبدا أو يُسيس”.
وأشار راتكليف في رسالته إلى السيناتور غراهام إلى أن الروس يعتقدون أن كلينتون أذنت باستراتيجية انتخابية لربط ترامب بأجهزة الاستخبارات الروسية، والعملية التي قامت بها لتقويض الديمقراطيين قبل 4 سنوات.
من جانبه أشاد رئيس اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ السيناتور غراهام ليندسي برفع السرية عن هذه الوثائق، التي اعتبرها تدعم مزاعم ترامب بأن مكتب التحقيقات الفدرالي استهدف حملة ترامب بشكل غير عادل.
تشغيل الفيديو
دفاع الديمقراطيين
يرى الديمقراطيون أن بعض حلفاء ترامب يهدفون من هذه الدفعة الأخيرة من الوثائق المرفوع عنها السرية لا إلى محاولة التشكيك في تدخل روسيا؛ بل ببساطة للتشكيك في رواية “التواطؤ بين ترامب وروسيا” التي كانت تلوح في الأفق في البيت الأبيض، وإلقاء اللوم جزئيا على دور مزعوم لجو بايدن.
واتخذ الديمقراطيون موقفا دفاعيا ارتكز على التذكير بأن ترامب نفسه كان يدعو إلى التدخل الروسي، وأكد نيك ميريل المتحدث باسم كلينتون قائلا، الأسبوع الماضي، إن هذه الوثائق “هراء لا أساس له من الصحة”.
وقال جون برينان -وهو المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية- في حديث تلفزيوني إن المواد التي رفعت عنها السرية هي “ملاحظاته التي كان يطلع عليها الرئيس أوباما وبقية فريق مجلس الأمن القومي على ما كان الروس على وشك القيام به، وما كان الروس يتحدثون عنه ويزعمونه”.
وأضاف برينان أنه “إذا كان ما يدعيه الروس -وهو أن هيلاري كانت تحاول تسليط الضوء على الصلات بين ترامب والروس- فلا يوجد شيء غير قانوني على الإطلاق حول ذلك”.
ونفى برينان اتهامات حلفاء ترامب بأنه قام بتسيس النتائج، التي توصلت إليها أجهزة الاستخبارات في يناير/كانون الثاني 2017، عندما خلصت إلى أن موسكو تدخلت بهدف مساعدة ترامب.
جدير بالذكر أن وزير العدل وليام بار كان قد كلف المحقق جون دورهام بالتحقيق في النتائج، التي توصلت إليها أجهزة الاستخبارات. وقرر دورهام تأجيل إصدار أي استنتاجات قبل يوم إجراء الانتخابات لتجنب التأثير على السباق الرئاسي.
ويبدو أن عمليات رفع السرية الأخيرة من إدارة ترامب ما هي إلا محاولة لملء هذا الفراغ، وقد استغل ترامب ذلك استفادة كاملة حيث يرى أن عملية النشر خطوة تعزز إعادة انتخابه، وتضر بجو بايدن.
الجزيرة