هل ينهي اتفاق سنجار الخلافات السياسية ويعيد القضاء للأهالي؟

هل ينهي اتفاق سنجار الخلافات السياسية ويعيد القضاء للأهالي؟

أعلنت الحكومة العراقية، الجمعة، اتفاقاً بين الحكومة العراقية ممثلة في رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومة إقليم كردستان، لإعادة الاستقرار وتطبيع الأوضاع في قضاء سنجار، وحضره ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، وناقش الملفات الإدارية والأمنية في قضاء سنجار.

ويتضمن الاتفاق نقاطاً إدارية وأمنية وخدمية؛ إذ سيدخل كل ما هو أمني في القضاء ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان. أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى.

وأشار بيان، صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء حصلت “اندبندنت عربية” على نسخة منه، إلى تأكيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المضي قدماً لإنجاح هذا الاتفاق، وقال إن “الحكومة الاتحادية، وبالتنسيق مع حكومة الإقليم، ستؤدي دورها الأساسي في سبيل تطبيق الاتفاق بشكله الصحيح لضمان نجاحه، بالتعاون مع أهالي سنجار أولاً”، كما شدد البيان على حرص الحكومة وجديتها في أن تكون سنجار خالية من الجماعات المسلحة، سواء المحلية منها أو الوافدة من خارج الحدود “ويقع الأمن في غرب نينوى ضمن صلاحيات الحكومة الاتحادية، رافضاً استخدام أراضي العراق من قبل جماعات مسلحة للاعتداء على جيرانه، سواء التركي أو الإيراني وباقي جيراننا”.

الاتفاق التاريخي

وصف الناطق باسم رئيس مجلس الوزراء أحمد الملا طلال، اتفاق سنجار بـ”التاريخي”، إذ كتب في سلسلة من التغريدات على تويتر “رئيس الوزراء رعى اليوم اتفاقاً تاريخياً، يعزز سلطة الحكومة الاتحادية في سنجار وفق الدستور، على المستويين الإداري والأمني، وينهي سطوة الجماعات الدخيلة، ويمهد لإعادة إعمار المدينة وعودة أهاليها المنكوبين بالكامل، وبالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان”.

وفي مجال إعادة تنظيم الأوضاع الإدارية والأمنية في سنجار كتب طلال “سيعمل الاتفاق على إعادة تنظيم الأوضاع الإدارية والأمنية في سنجار، وهو صلاحية حصرية للحكومة الاتحادية ستتم بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان، التزاماً دستورياً من الحكومة تجاه مكون أصيل. واحدة من مخرجات الاتفاق تتمثل في تعيين 1500 شاب إيزيدي من المخيمات، و1000 شاب من سنجار ضمن القوات الأمنية في القاطع”.

وينص الاتفاق على إنهاء وجود العناصر المسلحة في سنجار، بما فيها حزب العمال الكردستاني، الذي غالباً ما كانت تركيا تجدد المبرر لاستهداف الأراضي العراقية لوجود عناصر هذا الحزب به.

وأوضح المحلل السياسي، إحسان الشمري، أن هذا الاتفاق سيصب في مصلحة الحكومة الاتحادية؛ كونه سيضع حداً لتهديدات تركيا المستمرة لاجتياح سنجار، بسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، فسيوقف هذا الاتفاق الاستهداف التركي للأراضي العراقية بعد إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني”.

وفي السياق ذاته، صرح النائب عن كتلة الجماعة الإسلامية الكردستانية، أحمد الحاج، أن تركيا والأحزاب الصديقة لها مثل الجبهة التركمانية رحبت بالاتفاق؛ كونه سيبعد المخاوف التركية بشأن حزب العمال الكردستاني.

وأشار الحاج إلى أن “ما يمتاز به حزب العمال الكردستاني أنه لا يعمل تحت لافتة واحدة، بل تحت لافتات متغيرة، ولكن بالمنهج ذاته، الذي يؤمن به، وعليه”. ويرى الحاج “أن وجود الحزب سيبقى تحت لافتة جديدة قد تقنع تركيا بأنه غير تابع لحزب العمال الكردستاني”. وعليه، يستبعد أن ينهي الاتفاق وجود الحزب.

الاتفاق والانقسام الكردي

كذلك رأى المحلل الشمري، أن “الجهات المستفيدة من هذا الاتفاق، هي بغداد وأنقرة وأربيل، لكنه سيفتح الباب أمام خلافات “كردية – كردية”، فالاتفاق سيسمح بهيمنة الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يرى أن سنجار جزء من مساحة نفوذة السياسي والإداري والجغرافي، بعد تقويض نفوذ حزب العمال الكردستاني”، لكن في الوقت ذاته حذر الشمري من أن تقويض نفوذ حزب العمال الكردستاني سيكون محط اعتراض من القوى الكردية الأخرى “فبعض الأحزاب الكردية تمتلك علاقات معه، وليس من المصلحة الكردية تقويض هذا الكيان في الداخل العراقي”.

الخلافات حول الاتفاق لا تخص الأكراد وحدهم، فالحكومة المحلية في نينوى، والنواب السنة يعتقدون أن اتفاق سنجار من الممكن أن يعمل على عودة البشمركة، وهذا من شأنه أن يعزز وجود الحزب الديمقراطي الكردستاتي في المنطقة. وذهب الشمري إلى القول إن “هذا الاتفاق قد لا يصمد بسبب الخلافات، إذا لم يتم الأخذ بعين الاعتبار آراء كل الأطراف السياسية المعنية بسنجار”.

الاتفاق وتغيير المعادلات

واعتبر النائب أحمد الحاج أن اتفاق سنجار سيكون بداية جديدة لحل النزاعات كما أن الاتفاق سيحدث تغييراً في القضاء؛ كونه سيضمن وجود إدارة أمنية تسيطر عليها الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان، مقابل أن يكون الأخير مشاركاً في بعض المناصب الإدارية كمديري النواحي ومنصب القائمقام.

المجتمع الإيزيدي والاتفاق

ومع إعلان اتفاق سنجار بدأت ردود الفعل تتوالى بين مؤيد ومعارض ومتحفظ على الاتفاق، وأوضح الصحافي والناشط المدني عيسى سعدو، أن هذا الاتفاق لم يُراعِ إشراك الإيزيديين فيه، ولم تتم معرفة مطالبهم الإدارية والأمنية في قضاء سنجار، متسائلاً “كيف يمكن للموصل وأربيل وبغداد أن تناقش مصير الإيزيديين، ويتم الاتفاق وفق أجنداتهم، وليس وفقاً لمصلحة الإيزيديين ومطالبهم”. ورأى سعدو أن أي اتفاق لا يتضمن تشكيل قوة عسكرية موحدة من الإيزيديين لحماية منطقتهم، وهيئة إدارية منهم وحسب نسبتهم السكانية في سنجار التي تتجاوز 90 في المئة من سكانها سيكون اتفاقاً مرفوضاً.
ولفت سعدو إلى أن الاتفاق يصب في مصلحة الأحزاب الكردية والسنية أكثر من الإيزيديين “فالشخصيات الإدارية التي ستدفع بها الأحزاب الكردية والسنية ستكون مُوالية لهم”.

تأييد مشروط

الكاتب خالد تعلو، رحب بالاتفاق مشترطاً أن ينهي الاتفاق الازدواجية في إدارة سنجار، وأن تكون هناك جدية لإعادة النازحين إلى مناطقهم والبدء بإعادة بناء وإعمار تلك المناطق وتوفير الخدمات لهم. وأضاف أن “رفض المجتمع الإيزيدي لأي اتفاق يجعل من قضاء سنجار منطقة تتحكم فيها أجندات سياسية وحزبية بالتناوب، أو نتذوق مرارة الكر والفر بالنسبة للقوات العسكرية هناك مستقبلاً”. وأشار إلى أن المجتمع الإيزيدي طلب وبشكل مستمر من الحكومتين الاتحادية وحكومة الإقليم عدم جعل قضاء سنجار منطقة للصراع السياسي والحزبي والعسكري فيما بينهما، واليوم يرى أن قضية سنجار أصبحت قضية إقليمية بعدما تدخلت فيها أجندات تتبع دولاً أخرى، وأنه من الضروري أن يتم تسليم الملف الأمني في القضاء للجيش والشرطة فحسب وإنهاء وجود أي قوات أخرى تحت أي مسميات كانت.

وفي النهاية، يظل اتفاق سنجار يطرح سؤالاً بشأن مصير قوات الحشد الشعبي الموجودة هناك، فهل سينهي هذا الاتفاق وجود هذه القوات؟ وهل ستقبل بالانسحاب أم يتصدع الاتفاق بسب رفضها تسليم قضاء سنجار؟

غفران يونس

اندبندت عربي