سكان شمال أفريقيا أكثر العرب إقبالا على الهجرة السرية

سكان شمال أفريقيا أكثر العرب إقبالا على الهجرة السرية

بروكسل – أدت جائحة كوفيد – 19 والأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي أعقبت ذلك في أوروبا إلى تفاقم مشكلة الهجرة على عكس ما حدث في 2014 – 2015، عندما اعتُبرت هذه القضية “خارجية” وكانت مرتبطة بتدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي.

وأصبح الوضع الآن أسوأ بسبب إعادة تنظيم المهاجرين الوافدين حديثا والمدى المختلف لتكاملهم في المجتمعات الأوروبية التقليدية، حيث إن الأزمة في الاقتصاد الأوروبي تزيد الأمور سوءا، مما يتسبب في “حلقة مفرغة” قد تعرّض مستقبل الاتحاد الأوروبي للخطر وتقوض وحدته كمنظمة.

وذكرت مجلة “موديرن دبلوماسي” في تحليل حديث أن المشاكل تفجرت بشكل غير مسبوق بين دول جنوب أوروبا أكثر من دول الشمال، ودخلت حكومة إيطاليا، على سبيل المثال، في سباق مع الزمن لفرض أجندتها على دول جنوب المتوسط لتقبل باللاجئين، ولكن ضغوطها اصطدمت مع رفض شديد من تونس والجزائر، بينما لا يمكن قياس ذلك في ليبيا، التي تعاني من اضطرابات عسكرية وتوترات سياسية واجتماعية.

وتشير الإحصائيات إلى وصول ما يقرب من 5 ملايين مهاجر إلى أوروبا منذ عام 2014، مما ساهم في زيادة الجريمة، وتفاقم التهديد الإرهابي وأدى إلى أزمة نظام “دولة الرفاه” ذاته الذي كان مصدر فخر للأوروبيين في العقود الماضية.

يعتقد مراقبون سياسيون أن هناك عدة أسباب للحديث عن الفشل الذريع لسياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي بسبب انهيار نظام منح اللجوء بأكمله، حيث يتم رفض ثلثي الطلبات، بينما يتم إرسال الثلث فقط.

ومع ذلك، فإن الخطر الأول في الظروف الحالية ليس العدد المتزايد للمهاجرين أو التهديدات المتعلقة بالمهاجرين، ولكن تفاقم الأزمة في المجال السياسي للاتحاد الأوروبي وتعميق المواجهة بين دول أوروبا الغربية، من ناحية، ودول وسط وشرق أوروبا من ناحية أخرى.

وفي خضم ذلك، أظهرت دراسة حديثة لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث أن تصنيف شعوب منطقة المغرب المغربي تراجع في مؤشرات الازدهار وتعثر التنمية في دولهم في ظل تداعيات جائحة كورونا التي دفعت مؤشرات البطالة والفقر إلى الارتفاع، ما حفز إقبال نسبة كبيرة من الشباب على الهجرة السرية أو غير النظامية إلى القارة الأوروبية وتحديدا نحو الوجهتين الإيطالية والإسبانية المطلتين على بلدان شمال أفريقيا.

ورصد المركز زيادة ظاهرة الهجرة غير الشرعية بين الجزائريين نحو أوروبا وتحمّل عبء المخاطر من أجل البحث عن حياة أفضل، حيث رفع متظاهرون جزائريون في مناسبات عدة شعارات ضد السلطة بعد أن باتت بيئة هذا البلد طاردة للأعمال، وهو ما أثر سلبا على مؤشر التفاؤل.

ورغم ما ينعم به المغرب من استقرار يجعله بين أكثر الدول العربية استقطابا للثروات وصنعا لإيرادات تشغيلية عبر تحفيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ما أسهم في زيادة حداثة البلد لترتفع نسبة خدماته ومنتجاته الحائزة على مواصفات جودة عالمية الأمر الذي انعكس إيجابا ولو بشكل محدود على سوق العمل وتعزز استقطاب الموظفين الموهوبين، ولكن تبقى الجهود محدودة لحل قضايا متراكمة أبرزها متعلق بتراجع مستمر للقدرة الشرائية للمواطن المغربي مع تنامي ظاهرة الفقر واستمرار شبح بطالة الشباب الذي يدفع بالكثيرين منهم إلى الإقبال بشكل مستمر على الهجرة السرية أو غير الشرعية نحو أوروبا.

وعمقت نتائج الحكومات المتعاقبة على تونس من خيبة أمل بعض التونسيين الذين أصبحوا لا يكترثون لأهمية التغيير وممارسة الديمقراطية والحريات بالنظر إلى تردي أوضاعهم المعيشية، إذ تعاني البلاد من مدركات الفساد، وهو ما يجعلها في مواجهة حزمة من الإصلاحات العاجلة التي ينتظرها الشعب، وخاصة على مستوى زيادة فرص العمل واستقطاب الشباب المهمشين الذين خيّر جزء كبير منهم الهجرة الجماعية إلى الخارج.

العرب