اقتصادات الخليج على مشارف انكماش حاد

اقتصادات الخليج على مشارف انكماش حاد

أكدت تحذيرات وتقارير تضرّر اقتصادات دول الخليج العربي هذا العام بسبب أزمة كورونا وما تبعها من تداعيات انهيار أسعار النفط، كما حملت في طياتها مخاوف من تعثر حكومات المنطقة في القيام بتنفيذ إصلاحاتها المنتظرة.

دبي – أكدت استطلاعات وآراء أن اقتصادات دول الخليج العربي على مشارف انكماش أكثر حدة هذا العام بفعل الوباء وتبعات انهيار أسعار النفط في ظل اعتماد هذه الاقتصادات على الخام لتمويل نفقاتها.

وأظهر استطلاع رأي فصلي لرويترز الثلاثاء أن دول مجلس التعاون الخليجي الست تواجه انكماشا اقتصاديا حادا في العام الحالي قبل أن يتعافى جزئيا في 2021، إذ تواجه معظم الدول تراجعا أكثر حدة مما كان متوقعا في وقت سابق.

واحتفظ محللون في الاستطلاع الذي أُجري في الفترة بين 13 و25 أكتوبر بآرائهم بشأن تسبب اعتماد المنطقة الكبير على الهيدروكربون في تعرضها لضرر بالغ جراء أزمة فايروس كورونا نظرا لتأثيرها على الطلب على النفط وأسعاره.

وقد تؤدي إجراءات عزل عام جديدة مع استمرار ارتفاع الإصابات في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى إلى تدهور النشاط الاقتصاد المتراجع بالفعل.

ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة، 5.1 في المئة في 2020 ثم يتعافى إلى نمو 3.1 في المئة خلال العام المقبل. وكان استطلاع مماثل قبل ثلاثة أشهر توقع أن تسجل المملكة، أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، انكماشا بنسبة 5.2 في المئة في العام 2020.

وكتب محللون في بنك الكويت الوطني “تواجه المنطقة الآن خيارات صعبة تتعلق بالسياسات. مازالت ثمة حاجة لدعم مالي لمواجهة الإصابات المستمرة والمتزايدة والتي تظهر بالفعل في أوروبا والولايات المتحدة”.

وأضافوا “لكن من المنظور متوسط المدى، ينبغي أن تسعى الحكومات لتحقيق استدامة مالية وللقطاع الخارجي في ظل التصور المرجح لأسعار نفط منخفضة”.

5.2 نسبة انكماش الاقتصاد السعودي الأكبر في المنطقة خلال العام 2020

ويُتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي شهدت زيادة في الإصابات بكوفيد – 19 الشهر الماضي أو نحو ذلك، 6 في المئة في 2020 وينمو 2.7 في المئة في 2021، و3.8 في المئة في 2022. وكانت التوقعات قبل ثلاثة أشهر لانكماش 5.1 في المئة في العام الجاري ونمو 2.6 في المئة العام المقبل.

وقال معهد التمويل الدولي “سيعاني اقتصاد الإمارات هذا العام من انكماش أعمق مما توقعنا في مايو”.

وقال المعهد “اقتصاد دبي قد ينكمش بما لا يقل عن 8 في المئة، أكثر من أبوظبي إذ أن انكشافها على السياحة والطيران والخدمات الأخرى يجعلها أكثر عرضة لتداعيات الجائحة”، مضيفا أن الإنتاج انخفض 9 في المئة في النصف الأول من العام والتوظيف 10 في المئة.

وجاء متوسط التوقعات لاقتصاد الكويت بانكماش 6.3 في المئة في 2020 ثم يسجل نموا 2.6 في المئة في العام المقبل، و3.3 في المئة في 2022. وقبل ثلاثة أشهر، كانت التوقعات لانكماش 6.1 في المئة في 2020 ونمو 2.5 في المئة في العام المقبل.

ولم تتغير التوقعات لقطر للعام الحالي بانكماش 4 في المئة ولكن توقعات النمو للعام المقبل تحسنت إلى 3 في المئة من 2.8 في المئة قبل ثلاثة أشهر. كما يُتوقع أن ينمو الاقتصاد 3.4 في المئة في 2022.

وساءت التوقعات لسلطنة عمان والبحرين للعام الحالي، ويتوقع محللون انكماش اقتصاد الأولى 4.9 في المئة والثانية 4.8 في المئة من 4.7 و4.4 في المئة على التوالي في يوليو.

ويُتوقع أن ينمو اقتصاد عمان 2.5 في المئة في العام المقبل مقابل تقدير عند 3 في المئة في يوليو ويرتفع إلى 2.7 في المئة في 2022. ولم تتغير توقعات النمو للبحرين في العام المقبل عند 2.6 في المئة، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد 2.6 في المئة في 2022.

وقالت مايا سنوسي، الاقتصادية في مؤسسة أوكسفورد إيكونوميكس، “تبدو الأوضاع أقل إيجابية لاسيما للترفيه والسياحة”. وتابعت “ما زالت الزيارات ممنوعة لغير المقيمين مع اقتراب موسم الذروة”، وأضافت أن المحللين بصفة عامة لديهم رؤية أوضح لتأثير الصدمة المزدوجة على النشاط.

ووفق التقديرات، فإن المنطقة التي سجلت فائضا في ميزانياتها خلال العام الماضي قدره 88 مليار دولار، قد تسجل عجزا قدره 33 مليار دولار خلال العام الحالي.

كما أن معدل العجز المالي المتوقع سيرتفع إلى 10.3 في المئة بنهاية هذا العام قياسا بنحو 2.5 في المئة العام الماضي، بما يعادل 144 مليار دولار.

وحسب تقرير صادر عن معهد التمويل الدولي في يونيو الماضي، يتوقع أن يتراجع احتياطي النقد الأجنبي المجمع لدول الخليج بمقدار 133 مليار دولار مع نهاية هذا العام ليصل إجمالي قيمة الأصول الأجنبية إلى 2.6 تريليون دولار.

وأشار تقرير المعهد إلى أنه في حين يمكن أن تعتمد البحرين على المساعدات الخارجية من دول الجوار لمواجهة الضغوط الخارجية، فإن سلطنة عمان تظهر كنقطة شديدة الضعف في المنطقة في ضوء تزايد دَيْنها العام.

وكانت تداعيات الوباء في دول الخليج أكبر بكثير من مجرد إلحاق الضرر بقاعدة الإيرادات والدخول الشهرية للأسر. وقد دفعت هذه الانعكاسات إلى اعتماد خطط تغيير هيكلية هائلة بطرق لم تأخذها خطط التنويع الاقتصادي في الحسبان.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت دول الخليج يمكن أن تواصل مستقبلا التركيز على المشاريع العملاقة التي تلفت الانتباه مثل مشروع نيوم السعودي، وهي المدينة المستقبلية التي تقدر قيمتها بنحو 500 مليار دولار على البحر الأحمر.

ولكن من المؤكد أنه في أعقاب هذا الوباء، ستواصل دول الخليج مراجعة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وسيكون الرهان مستقبلا على الشفافية لتطويق الأزمات.

العرب