الأمتار الأخيرة نحو البيت الأبيض: كيف تبدو المنافسة بين ترمب وبايدن؟

الأمتار الأخيرة نحو البيت الأبيض: كيف تبدو المنافسة بين ترمب وبايدن؟

قبل أمتار من وصول قطار المنافسة في الانتخابات الأميركية إلى وجهته الأخيرة، يكثف الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته دونالد ترمب، ومنافسه الديمقراطي جو بايدن تحركاتهم عبر الولايات الحاسمة في الغرب الأوسط الأميركي حيث تفشى كورونا مرة أخرى.

وفي وقت لم يتبق سوى ثلاثة أيام على الانتخابات، عقد ترمب تجمعات انتخابية الجمعة، 30 أكتوبر (تشرين الأول) في ميشيغان وويسكونسن ومينيسوتا، بينما يعتزم بايدن زيارة ولايات ويسكونسن ومينيسوتا وأيوا في أكثر أيام حملته ازدحاماً حتى الآن.

وكانت ميشيغان وويسكونسن اثنتين من ثلاث ولايات صناعية تصوت عادة للديمقراطيين، إلى جانب ولاية بنسلفانيا التي صوتت بفارق ضئيل لصالح ترمب عام 2016، ما منحه فوزاً مفاجئاً.

ومينيسوتا، التي لم تصوت لمرشح رئاسي جمهوري منذ عام 1972، هي واحدة من الولايات الديمقراطية القليلة التي يحاول ترمب تغيير توجهها هذا العام. وتقدم بايدن بثبات في استطلاعات الرأي في هذه الولاية، وقال إن زيارته ليست علامة على قلقه بشأن الولاية، وقال للصحافيين في ولاية ديلاوير مسقط رأسه قبل ركوب طائرة متوجهة إلى الغرب الأوسط، “لا أتعامل مع أي شيء باعتباره من المسلمات. سنعمل مقابل كل صوت حتى اللحظة الأخيرة”.

وقالت الحملة إن بايدن وزوجته والمرشحة لمنصب نائبته كمالا هاريس وزوجها سيقضون يوم الاثنين وهو اليوم الأخير في الحملة الانتخابية في ولاية بنسلفانيا، ما يمكنّهم من الوصول إلى جميع أركان تلك الولاية المنقسمة في الساعات الأخيرة من السباق.

الاقتصاد المحرك الرئيس

وفي ووترفورد تاونشيب على مشارف ديترويت، قال ترمب، “التصويت لي هو الاحتفاظ بالوظائف بل وخلق الوظائف في قطاع السيارات وجميع أنواع القطاعات في ميشيغان”، متباهياً بإدارته للاقتصاد ومحذراً العمال في صناعة السيارات بالولاية من أن سياسات بايدن ستهدد وظائفهم.

وتلقّى ترمب بيانات اقتصادية مشجّعة قبل يومين، تدعم تأكيده أنّه القادر على إنعاش الاقتصاد، وأظهرت الأرقام الجديدة أن معدل نمو، على أساس سنوي، بلغ 33,1 في المئة في الربع الثالث، ما يعكس انتعاشاً اقتصادياً نسبة إلى معطيات منخفضة.

في المقابل، وفي ولاية آيوا، حيث تظهر استطلاعات الرأي احتدام المنافسة مع ترمب، قال بايدن إن فشل الرئيس في احتواء الوباء أودى بحياة الناس وأدى إلى انهيار الاقتصاد. وأوضح بايدن في اجتماع حاشد في أرض المعارض في دي موين بولاية آيوا، “شركة من كل ست شركات أغلقت أبوابها لأنه لم يتحرك”. وأضاف، “لا يمكننا تحمل دونالد ترمب لأربع سنوات أخرى”.

وهيمن كورونا، الذي أودى بحياة أكثر من 229 ألفاً في الولايات المتحدة وكلف ملايين آخرين وظائفهم، على الأيام الأخيرة من الحملة. وقلل ترمب من شأن الأزمة الصحية لأشهر، وقال لمؤيديه في الأسابيع الأخيرة إن الوضع يتحسن حتى مع تزايد الحالات، بينما حذر بايدن من “شتاء قاس” ووعد ببذل جهود جديدة لاحتواء الفيروس.

كفة بايدن ترجح في استطلاعات الرأي

وتخلف ترمب عن بايدن في استطلاعات الرأي على مستوى البلاد أشهراً عدة، ويرجع ذلك في جانب منه إلى الرفض الواسع النطاق لأسلوب تعامله مع كورونا. وأظهرت استطلاعات الرأي في الولايات الأكثر تنافسية والتي ستقرر النتيجة أن المنافسة أكثر احتداماً.
ويحذر الديموقراطيون والجمهوريون على حد سواء مراراً من أنه لا يمكن الوثوق تماماً باستطلاعات الرأي، مذكرين بهزيمة هيلاري كلينتون في العام 2016 على الرغم من الاستطلاعات التي أظهرت أنها كانت المرشحة الأوفر حظاً.

ودفع الوباء والمستوى غير العادي من الحماسة الأميركيين إلى التصويت مبكراً بأعداد لم يسبق لها مثيل، وأدلى أكثر من 83.5 مليون أميركي بأصواتهم إما عن طريق البريد أو شخصياً، أي حوالى 61 في المئة من إجمالي عدد الأصوات في انتخابات عام 2016 بأكملها، وفقاً لمشروع الانتخابات الأميركية في جامعة فلوريدا.

وفي ولاية تكساس، وهي ولاية جمهورية تقليدياً حيث تظهر استطلاعات الرأي فروقاً بسيطة بين ترمب وبايدن، أدلى أكثر من تسعة ملايين شخص بأصواتهم، وهو رقم يتجاوز إجمالي الإقبال في عام 2016، حسب ما قال مكتب وزيرة خارجية تكساس، وتكساس هي الولاية الثانية، بعد هاواي، التي تجاوزت بالفعل إجمالي 2016.

وبسبب الإقبال على التصويت عبر البريد، فإن من المرجح ألا يعرف الفائز في ولايات عدة، بما في ذلك الولايات الحاسمة مثل بنسلفانيا وويسكونسن، ليل الثلاثاء، ويتوقع مسؤولو الانتخابات أن يستغرق فرز الأصوات أياماً.

ومنعت محكمة استئناف اتحادية الخميس الماضي مسؤولي الانتخابات في مينيسوتا من تنفيذ خطة لفرز الأصوات التي تصل خلال أسبوع بعد يوم الانتخابات ما دام تم ختمها بالبريد بحلول الثلاثاء المقبل.

وزعم ترمب مراراً وتكراراً، من دون دليل، أن بطاقات الاقتراع عبر البريد عرضة للتزوير، وجادل أخيراً أن النتائج المتاحة ليلة الانتخابات هي فقط التي يجب أن تُحسب.

وتظهر بيانات التصويت المبكر أن عدداً أكبر بكثير من الديمقراطيين قد صوتوا بالبريد، بينما من المتوقع أن يشارك الجمهوريون بأعداد أكبر يوم الثلاثاء.

وهذا يعني أن النتائج الأولية من ولايات مثل بنسلفانيا التي لا تبدأ في فرز الأصوات عبر البريد حتى يوم الانتخابات قد تظهر ترمب في المقدمة قبل أن تتغير النتيجة مع إضافة المزيد من الأصوات الديمقراطية. وقالت مقاطعات عدة في بنسلفانيا إنها لن تبدأ في إحصاء الأصوات بالبريد حتى يوم الأربعاء.

فلوريدا ومفاتيح البيت الأبيض

في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى ولاية فلوريدا أكبر ولاية متأرجحة في الانتخابات الأميركية، والتي اكتسبت خلال العقود الماضية موقعاً خاصاً، حيث تحدد نتيجتها في الأغلب من سيكون رئيساً للولايات المتحدة. ووفق صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، عرف عن فلوريدا تأرجح ولائها التصويتي، إذ صوتت بانتخابات عامي 2008 و2012 لصالح المرشح الديمقراطي باراك أوباما، قبل أن تصوت لصالح ترمب عام 2016.

وبينما حشد المنافسان حملتيهما في الساعات الأخيرة باتجاه فلوريدا، لا تزال الاتجاهات التصويتية غير حاسمة في الولاية التي هزم فيها ترمب، المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016، لكن استطلاعاً لشبكة “إن بي سي نيوز/ماريست” صدر الخميس أظهر تقدّم بايدن 51-47 نقطة في هذه الولاية.

ويبلغ عدد الأصوات المخصصة لفلوريدا في المجمع الانتخابي 29 صوتاً، من إجمالي 538 صوتاً، بما يعكس عدد ممثلي الولايات المختلفة بمجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ). وباستثناء نبراسكا ومين تتبع بقية الولايات وكذلك مقاطعة كولومبيا سياسة “الفائز يحصل على كل أصوات الولاية”. ويحتاج المرشح للفوز بالرئاسة الحصول على أصوات 270 مندوباً من إجمالي أصوات المجمع.

اختلافات الرؤى تحكم المشهد

ويقف ترمب وبايدن على جانبين مختلفين تماماً في ما يخص عدداً كبيراً من القضايا، إذ يبدو الاختلاف بين أفكار المتنافسين على عدد من الملفات، كبيراً للغاية، ويجعل الناخبين أمام خيارين مختلفين تماماً عن بعضهما، وفق ما ذكر تقرير لموقع “صوت أميركا”.

في وقت ترتكز فلسفة الرئيس المنتهية ولايته، على شعار “أميركا أولاً”، مبتعداً عن السياسات التقليدية لبلاده، يقف منافسه، على الجهة الأخرى، بسياسات تقدمية إلى حد كبير، متعهداً بإعادة البلاد إلى سياسة أكثر تقليدية، لا تعتمد على الحشود الجماهيرية أو التصريح عبر” تويتر”، وتركز أكثر على المناقشات السياسية التفصيلية، وسنّ التشريعات.

وبجانب تبادل الاتهامات بين الطرفين بشأن ملف إدارة كورونا يأتي ملف الضرائب، كأحد أبرز الملفات الحساسة في الانتخابات الأميركية. وأبدى ترمب خلال الأيام الأخيرة رغبة في خفض الضرائب على مكاسب رأس المال، والأرباح التي يحققها المستثمرون عندما يبيعون الأسهم والسندات التي زادت قيمتها، كما فكر في تأجيل أو الإعفاء من ضرائب الرواتب كشكل من أشكال التحفيز الاقتصادي.

في المقابل، لم يخف بايدن نواياه برفع الضرائب على الأثرياء والشركات، وقال إنه سيتراجع عن العديد من الإعفاءات الضريبية، متعهداً في الوقت نفسه بأن الأفراد الوحيدين الذين سيرون زيادة في ضرائبهم هم الذين يجنون أكثر من 400 ألف دولار سنوياً.

وفي ما يتعلق بالأمن القومي للبلاد، تحتدم المنافسة بين المترشحين، بين رؤية ترمب التى ترتكز على الانعزال وتقوية القوات الأميركية من خلال زيادة الإنفاق العسكري، وتقليص عدد القوات في الخارج، سواء في المناطق الملتهبة أو الساكنة، بينما يميل بايدن إلى سياسة الاقتراب مع الحلفاء التقليديين لواشنطن، داعماً في ذلك الوجود الأميركي العسكري في الخارج.

أحمد عبدالحكم

اندبندت عربي