تخطت ديون الأسواق الناشئة المقومة بالدولار حاجز 4 تريليونات دولار أميركي للمرة الأولى، في نهاية الربع الثاني من العام الحالي، عندما سجلت في ثلاثة أشهر منذ مارس (آذار) وحتى يونيو (حزيران) الماضيين نحو 4.03 تريليون دولار أميركي.
7.4 في المئة
وكشف مصرف التسويات الدولية (B.I.S)، في تقرير على موقعه الإلكتروني، الإثنين الماضي، ارتفاع ديون الأسواق الناشئة الدولارية بنحو 7.4 في المئة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو الماضي، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2019، عندما سجلت ديون الأسواق الناشئة نحو 4.03 تريليون دولار أميركي.
وأرجع ارتفاع هذه الديون، إلى زيادة بلغت 14 في المئة في إصدارات الجديدة للديون بسبب جائحة كورونا في الربع الثاني من عام 2020، بينما انخفضت تكاليف الاقتراض بالدولار منذ خفض الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة إلى الصفر تقريباً هذا العام.
ولفت إلى أن دول الأسواق الناشئة تحذر بشكل مستمر من عدم قدرتها على سداد الديون الدولارية عندما تنخفض عملاتها بشكل مباشر.
أعلى معدل نمو ائتمان
وأضاف المصرف، أن الائتمان الممنوح لأفريقيا والشرق الأوسط سجل أعلى معدل نمو، عندما سجل 14 في المئة، مدفوعاً بزيادة معدل الائتمان الممنوح إلى دول الشرق الأوسط.
وأكد أن الأسواق الناشئة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأميركا اللاتينية الناشئة شهدت زيادة بنحو 9 في المئة و5 في المئة على أساس سنوي.
أدوات الدين المصرية
استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية سجلت ارتفاعاً خلال الشهر الحالي، عندما ارتفعت بنحو 10.7 مليار دولار أميركي في غضون خمسة أشهر تقريباً.
وقال رئيس وحدة الدين العام في وزارة المالية المصرية محمد حجازي، إن “استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة ارتفعت إلى 21.1 مليار دولار أميركي في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الحالي من 10.4 مليار دولار في مايو (أيار) الماضي”، وفقاً لوكالة “بلومبيرغ”.
وأضاف أن المستثمرين الأجانب يعودون بقوة للاستثمار في الديون المحلية بعد تراجع كبير تأثراً بالتداعيات السلبية لتفشي جائحة كورونا، حين اتجهوا إلى عمليات بيع مكثفة خلال تلك الفترة.
وكانت استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية سجلت أكبر قيمة لها خلال العام الحالي في فبراير (شباط) الماضي، عندما سجلت نحو 27.8 مليار دولار أميركي، قبل أن تتراجع بنسبة تخطت 60 في المئة في مايو الماضي، حين سجلت 10.4 مليار دولار أميركي، وفقدت ما يقرب من 18 مليار دولار خلال الشهرين.
وأكدت “بلومبيرغ” أن اتفاقات التمويل الأخيرة التي أبرمتها مصر مع صندوق النقد الدولي شجعت المستثمرين على العودة، ونقلت عن حجازي “رأينا شهية أجنبية ضخمة في السندات المحلية بدءاً من أواخر أغسطس (آب) على الرغم من حالة عدم اليقين العالمية”.
الدين الخارجي للقاهرة يصل إلى 123.5 مليار دولار
ارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 11 في المئة بقيمة 12.2 مليار دولار أميركي خلال الربع الأخير من العام المالي 2019-2020 وفقاً لبيانات البنك المركزي المصري.
وسجل الدين الخارجي للقاهرة نحو 123.5 مليار دولار مقارنةً بـ111.3 مليار دولار أميركي بالربع الثالث من العام نفسه. وعلى أساس سنوي، ارتفع الدين الخارجي بنسبة 13.6 في المئة خلال عام، بالمقارنة بمستوى 108.7 مليار دولار أميركي في نهاية العام المالي 2018/2019.
وتشكل الديون الخارجية المصرية نحو 33 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي. وبحسب بيانات الموازنة العامة للدولة، سددت القاهرة خلال النصف الأول من العام الحالي أكثر من 25 مليار دولار أميركي إلى مؤسسات التمويل والاستثمار الدولية، ومن المتوقع أن تسدد 5 مليارات دولار أميركي قبل نهاية العام الحالي.
ثلث الناتج المحلي
وقال مدحت نافع، المتخصص في شؤون الاقتصاد، إن الدين الخارجي لمصر لا يزال آمناً ويمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي ويدور في النطاق الآمن.
وأوضح أن وضع الديون مطمئن، وفي الحدود الآمنة دولياً، مقارنة بدول أخرى في الأسواق الناشئة يصل حجم ديونها الخارجية أضعاف حجم الدين الخارجي لمصر، خصوصاً في ظل اعتماد الدولة على إطالة عمر الدين وتنويع محفظة الديون، بحيث تشكل الديون طويلة الأجل نحو 85 في المئة من حجم الديون المستحقة على مصر.
وكانت القاهرة حصلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 على خطة دعم بقيمة 12 مليار دولار أميركي من صندوق النقد الدولي، تلقت القسط الأخير منها العام الماضي. ثم أبرمت اتفاقاً آخر في مايو الماضي لتحصل على 2.8 مليار دولار أميركي بموجب “أداة التمويل السريع” التابعة للصندوق في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة تفشي جائحة كورونا، قبل أن تبرم برنامج مساعدات طارئة مع الصندوق عندما منح الأخير القاهرة نحو 5.2 مليار دولار أميركي لتعزيز قدرتها على مواجهة التداعيات الاقتصادية السلبية للوباء، إضافة إلى اقتراض 5 مليارات دولار أميركي قيمة سندات طرحتها الشهر الماضي.
في سبتمبر (أيلول) الماضي، أكدت “غولدمان ساكس” أن اقتصاد مصر لا يزال قوياً وراسخاً وينمو بشكل حقيقي يجعلها الأقوى بين الأسواق الناشئة، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وأشارت إلى أن مصر حققت نجاحاً مثيراً للإعجاب في برنامجها الاقتصادي الذي تنفذه منذ عام 2016، ما أدى إلى استجابة سريعة من قبل صندوق النقد الدولي بالموافقة على اتفاق أداة التمويل السريع وبرنامج الاستعداد الائتماني.
وذكرت أن وباء كورونا أصاب مصر مثل جميع البلدان الأخرى، مشيرة إلى أن الإغلاق غير الكامل إضافة إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها السلطات ساعدت على حماية البلاد من إلحاق ضرر أكبر بالاقتصاد.
وتوقعت انتعاش القطاع السياحي في مصر في الربع الثالث من العام المقبل بعد ما تأثر سلباً بتداعيات كورونا، حيث تشكل السياحة 20 في المئة من إجمالي النشاط الاقتصادي، وهو ما يجعله القطاع الأكثر تضرراً، مشيرة إلى أن التعافي يعتمد أساساً على تطورات إنتاج اللقاح المضاد لكورونا.
وعلى الرغم من أن السوق المصرية شهدت خروج استثمارات بلغت نحو 20 مليار دولار في الفترة من مارس حتى يونيو الماضي، لكن “غولدمان ساكس” ترى أن نصفها تقريباً (ما يعادل 10 مليارات دولار)، عادت مرة أخرى في الأشهر الأخيرة، كما توقعت تحسن تحويلات المصريين العاملين في الخارج بعد تراجعها في الفترة الأخيرة.
وأكدت المؤسسة الأميركية أنها لا تزال ترى أن الجنيه المصري سيظل قوياً مع اتجاه تصاعدي، في ظل التوقعات بتوالي التدفقات الداخلة إلى البلاد، موضحة أن ارتفاعه لن يشكل أي مخاطر كبيرة على القدرة التنافسية للصادرات، مطالبة في الوقت نفسه بضرورة تشجيع القطاع الخاص على زيادة الاستثمار في مجالات البحث والتطوير وبناء القدرات.
وأكدت أن معدل سعر الفائدة الحقيقية المصرية والعائد من أدوات الدين البالغ نحو 6.5 في المئة و6.7 في المئة من بين المعدلات الأكثر جاذبية على مستوى العالم، مقارنة بمعدلات بين واحد في المئة و0.5 في المئة التي تقدمها الدول المثيلة، ما يعزز شهية المستثمرين الأجانب والتوقعات بشأن التدفقات الأجنبية.
وزير المالية: الإصلاح الاقتصادي منحنا المرونة والصلابة
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، إن “تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل بشكل جاد خلال السنوات الماضية، والإصرار على عمليات الإصلاح، منحت الاقتصاد المصري قدراً من المرونة في امتصاص الصدمات والتعامل الإيجابي مع التحديات الداخلية والخارجية”.
وأكد خلال اجتماعه عبر تقنية “الفيديو كونفرانس” مع 40 مستثمراً أميركياً في الغرفة التجارية الأميركية، الثلاثاء الماضي، على استمرار أولويات الحكومة في تنفيذ حزمة متكاملة من الإصلاحات الهيكلية لجذب المزيد من الاستثمارات.
وأشار إلى أن القطاع الخاص سيكون له دور أكبر في عملية التنمية خلال المرحلة المقبلة، باعتباره قاطرة النمو الاقتصادي التي يمكن من خلالها توفير فرص عمل جديدة، وتعظيم القدرات الإنتاجية وتوسيع القاعدة التصديرية، على النحو الذي يسهم في تعزيز بنية الاقتصاد الكلي، وتحسين مؤشرات الأداء الاقتصادي.
ولفت إلى أن تقديرات المؤسسات الدولية لأداء الاقتصاد المصري، تجسد التجربة المصرية الناجحة في الإصلاح الاقتصادي، وتعكس صلابة الاقتصاد المصري، مشيراً إلى وصف تقرير البنك الدولي، المحدث والمنشور على هامش الاجتماعات السنوية، مصر بأنها “النقطة المضيئة” في أفريقيا، بعد ما ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر فيها بنسبة 11 في المئة خلال العام المالي الماضي، مقارنة بالعام المالي 2018-2019، بما يجسد ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، على الرغم من التحديات والتداعيات السلبية لجائحة كورونا.
اندبندت عربي