التهور والمشاكسة تختزلان سنوات ترامب في البيت الأبيض

التهور والمشاكسة تختزلان سنوات ترامب في البيت الأبيض

تحمل مواقف المتابعين وحتى الخصوم السياسيين للرئيس دونالد ترامب في الولايات المتحدة انطباعات سيئة تمتزج بين التهور والمشاكسة، فالمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية 2020، كان من أكثر الشخصيات إثارة للجدل على امتداد أربع سنوات وهو الآن أمام منافسة شرسة قد تنتهي به إلى الخروج من البيت الأبيض.

واشنطن – روج دونالد ترامب رجل الأعمال، الذي اشتغل بالسياسة لشعار “أميركا أولا” طيلة تواجده في البيت الأبيض وقاوم محاولة لعزله وتعرض شخصيا للإصابة بفايروس كورونا وأخذ مواقف كانت محل خلاف تتعلق بالهجرة وقضايا عرقية خلال فترة رئاسة عاصفة يقول معارضوه إنها خالفت الأعراف الديمقراطية الأميركية.

وبعد سنوات نال فيها شهرة بوصفه مطورا عقاريا متهورا محبا للظهور في وسائل الإعلام ثم نجما من نجوم تلفزيون الواقع، سعى ترامب صاحب الشخصية المشاكسة للاستفادة من مشاعر الاستياء السائدة بين كثير من الأميركيين ليتحول إلى ظاهرة سياسية فريدة في تاريخ الدولة على امتداد 244 عاما.

في البداية قوبل ترامب، الذي يسعى للاحتفاظ بالرئاسة في الانتخابات التي يواجه فيها يوم الثلاثاء منافسه الديمقراطي جو بايدن، بمقاومة ضارية داخل الحزب الجمهوري لكنه تمكن من تطويعه على هواه بل ونال ولاء بعض الجمهوريين الذين سبق أن نددوا به.

ومن خلال تويتر وفي اللقاءات الجماهيرية الصاخبة لم يترك ترامب فرصة إلا وهاجم فيها الديمقراطيين ووسائل الإعلام الإخبارية بل وبعض الجمهوريين وأعضاء حكومته ومسؤولين آخرين عينهم بنفسه في مناصبهم. وقال في لقاء جماهيري في بنسلفانيا الاثنين الماضي “إذا لم يشبه كلامي كلام السياسي العادي في واشنطن فذلك لأنني لست سياسيا”.

وتولى ترامب (74 عاما) مقاليد الرئاسة في يناير 2017 بعد فوزه المفاجئ على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في نوفمبر 2016. وقد أسفر فرز الأصوات عن خسارته التصويت الشعبي على مستوى البلاد بفارق 3 ملايين صوت تقريبا لكنه انتصر في الولايات المتأرجحة ذات الأهمية البالغة لتتحقق له الأغلبية في المجمع الانتخابي.

وجعل الانتصار في تلك الانتخابات منه أول رئيس أميركي يتولى الرئاسة دون سابق خبرة سياسية أو عسكرية وهو ينهج نهجا شعبويا يمينيا. وكان صعود نجمه جزءا من موجة شعبوية تمتد من بريطانيا بقرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى البرازيل حيث تم انتخاب جاير بولسونارو الزعيم القادم من أقصى اليمين.

وجاءت رئاسة ترامب، الذي ندد بالعولمة وركز السياسة الخارجية الأميركية حول رؤيته العالمية القائمة على أساس “أميركا أولا” في وقت يشهد استقطابا شديدا في الولايات المتحدة وخللا في الأداء السياسي في واشنطن.

وفرض المرشح الجمهوري طيلة فترة رئاسته قيودا على الهجرة سواء القانونية أو غير القانونية وخفض عدد المسموح لهم بدخول البلاد سواء بصفة لاجئين أو طالبي لجوء وأجرى تخفيضات ضريبية كاسحة ودفع بالقضاء الاتحادي بل وبالمحكمة الدستورية العليا في اتجاه اليمين بدرجة كبيرة وألغى لوائح بيئية وصفها بأنها عبء على البلاد.

أما خارجيا، فقد ساهم في التوسط في اتفاقات بين إسرائيل الحليف الأميركي الوثيق وثلاث دول عربية وتخلى عن اتفاقات دولية صورها على أنها غير منصفة للولايات المتحدة واستعدى حلفاء قدامى وأشاد بزعماء أجانب مستبدين.

كما أبدى ترامب إكبارا لروسيا خصم أميركا القديم ورئيسها فلاديمير بوتين. وخلصت وكالات المخابرات الأميركية إلى أن روسيا استخدمت حملة تسلل إلكتروني ودعاية من خلال الإنترنت لتعزيز فرص نجاح ترامب في انتخابات 2016 وأن موسكو تتدخل مرة أخرى في حملة الدعاية في انتخابات 2020 في محاولة لتشويه سمعة بايدن.

وصوره المنتقدون بمن فيهم كبار الديمقراطيين وأعضاء سابقون في إدارة ترامب نفسه باعتباره خطرا على الديمقراطية يميل للحكم الاستبدادي. وقال بايدن عن ترامب في ولاية أيوا العام الماضي “أعتقد أن الرئيس يعد حرفيا خطرا وجوديا على أميركا. فهذا شخص يفعل كل شيء لتفريق الناس وتخويفهم. مسألة خوف وكراهية”.

وفي يونيو الماضي، قال جيم ماتيس ضابط مشاة البحرية السابق الذي تقاعد برتبة جنرال بأربعة نجوم وكان أول من شغل منصب وزير الدفاع في حكومة ترامب “دونالد ترامب هو أول رئيس في حياتي لا يحاول توحيد الشعب الأميركي ولا يتظاهر حتى بأنه يحاول، بل إنه يحاول بدلا من ذلك أن يفرقنا”.

غير أن الدعم الحماسي لم يتأثر في ما يبدو من جانب عدد كبير من الأميركيين لاسيما بين البيض والمحافظين المسيحيين وسكان الريف والمتعلمين تعليما غير جامعي وذلك رغم الجدل المتلاحق الذي لازم الرئيس.

وفي مراسم قبول ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة قال ترامب “دخلت الساحة السياسية حتى لا يتمكن القوي بعد الآن من التعدي على الناس الذين لا يمكنهم الدفاع عن أنفسهم. ولا أحد يعرف النظام أكثر مني ولهذا السبب أستطيع أنا وحدي أن أصلحه”.

واتهم الديمقراطيون ترامب بوضع نفسه فوق القانون وعدم الاكتراث بالقيود الدستورية السارية على السلطات الرئاسية إذ تجاهل قرارات استدعاء من الكونغرس وشكا من نظام التصويت الأميركي وألصق به تهمة “التزوير” ورفض الالتزام بالانتقال السلمي للسلطة إذا خسر الانتخابات لصالح بايدن وهاجم شخصيات في مكتب التحقيق الاتحادي ووكالات المخابرات الأميركية.

كما ندد معارضوه به لاستخدامه أكاذيب، ونشرت جهات مسؤولة عن التحقق من صحة ما يقول الآلاف منها خلال فترة رئاسته. ولكنه أيضا اعترض على الأسئلة التي وُجهت له عن حالته النفسية في 2018 كتب في تغريدة على تويتر يقول “في الواقع طوال حياتي كان أعظم رصيدين عندي استقراري النفسي وكوني ذكيا جدا”، ووصف نفسه بأنه “عبقري في غاية الاستقرار”.

وفي لقاءات جماهيرية وقف فيها، بشعره الذهبي الشهير المصفف بعناية، مرشحا ورئيسا استمتع ترامب بتملق أنصاره له والذين كان كثيرون منهم يضعون غطاء الرأس الأحمر الشهير للعبة البيسبول وعليه شعار “لنجعل أميركا عظيمة من جديد”.

وهلل أنصاره لعباراته التي كان يطلقها تهكما على الديمقراطيين والليبراليين والنخب وكذلك تهجمه على الصحافيين وإطلاق وصف “أعداء الشعب” عليهم ووصف تقاريرهم بأنها “أخبار زائفة”.

العرب