الانتخابات للرئاسة الأمريكية مفعمة بالآثار على دولة إسرائيل، وقد تكون مصيرية أيضاً. بايدن، نائب الرئيس السابق، الذي عرفته جيداً، هو رجل مؤيد لإسرائيل وملتزم بالحلف الاستراتيجي بيننا وبين الولايات المتحدة.
كما أن السناتورة كاميلا هاريس، التي عملت معها أيضاً، هي مؤيدة لإسرائيل. هي وبايدن كانا بين المرشحين الديمقراطيين الوحيدين اللذين عارضا ممارسة ضغط أمريكي على إسرائيل عبر تقليص المساعدة الأمريكية.
ومع ذلك، فإن إدارة بايدن المستقبلية ستتحدى إسرائيل جداً بسبب خلافات عميقة في موضوعين جوهريين: المسيرة السياسية التي ستتنكر فيها الإدارة لخطة القرن، والعودة إلى مخطط أوباما وكلينتون؛ أي حل الدولتين على أساس حدود 67، وعاصمة فلسطين في القدس الشرقية. كما ستعيد الإدارة فتح السفارة الفلسطينية في واشنطن، التي أغلقها ترامب، وكذا القنصلية الأمريكية في شرقي القدس التي شكلت قبل ترامب سفارة أمريكية بحكم الأمر الواقع للفلسطينيين. وستستأنف الإدارة المساعدة الأمريكية لوكالة الغوث ولمؤسسات فلسطينية أخرى أوقفها ترامب. ستعود الإدارة لتعارض البناء الإسرائيلي في يهودا والسامرة، وكذا في القدس الموحدة، والتي -في نظرها- تشكل “عائقاً للسلام”.
وثمة إشكالية أخرى من ناحيتنا، وهي نية بايدن المعلنة لضم الولايات المتحدة مرة أخرى للاتفاق النووي مع إيران ورفع العقوبات. هذا الأمر سينقذ النظام الإيراني من انهيار اقتصادي ويساعده على العودة لاحتلال أجزاء مهمة في الشرق الأوسط واستخدامها كمواقع متقدمة ضد إسرائيل. يدور الحديث عن تهديد استراتيجي حقيقي.
بخلاف ذلك، إذا فاز الرئيس ترامب بولاية ثانية، فبالتأكيد سيواصل سياسته الأكثر تأييداً لإسرائيل من رئيس أمريكي منذ قيام الدولة. ولا يدور الحديث فقط عن بوادر طيبة رمزية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، بل ثمة خطوات جوهرية، مثل الوقوف إلى جانبنا في الأمم المتحدة وفي كل المؤسسات الدولية.
في أربع سنوات ولاية ترامب – لأول مرة في التاريخ، لم يسجل أي شجب أمريكي لأي نشاط عسكري أو سياسي إسرائيلي. ومع ذلك لم يخفِ الرئيس ترامب نيته للدخول في مفاوضات مع إيران. إذا ما انتخب مرة أخرى، فإن على إسرائيل أن تستعد لهذه الإمكانية أيضاً.
لا يهم من ينتصر، على إسرائيل أن تعرض مصالحها وتوقعاتها علناً من كل اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران. هذا لم نفعله في 2015 عند تحقق الاتفاق، مما سمح لأوباما بأن يدعي بدهاء أنه لا يوجد أي اتفاق جيد بشكل كاف لإسرائيل.
وإذا فاز ترامب بولاية ثانية، فإنه من المجدي لإسرائيل ألا تكرر التفويت الذي حصل في الولاية الأولى، وأن “تعالج” حماس وحزب الله ويحتمل إيران أيضاً، بينما تتلقى إسرائيل كل الدعم العسكري السياسي والقانوني.
وفي هذا السياق، من المهم أن نسأل ماذا سيكون مصير اتفاقات السلام حديثة العهد بيننا وبين الدول العربية. مشكوك أن يستثمر فيها بايدن بذات القدر الذي كان في إدارة ترامب، الأمر الذي قد يكون حاسماً في موضوع السودان، الذي يحتاج للمساعدة الأمريكية. ومن جهة أخرى، فإن الانضمام الأمريكي المتجدد لاتفاق نووي مع إيران سيجبر دولاً عربية كثيرة على الدخول إلى حلف استراتيجي علني ضد إيران إلى جانب إسرائيل. يبدو أننا سنضطر لأن نكون مرنين ونتنازل لتلك الدول العربية التي لا تتلقى حوافز أمريكية وأن نعانق دولاً عربية تحتاجنا في موضوع إيران.
كائناً من كان الفائز، يجب على الرئيس أن يعالج أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية داخل الولايات المتحدة، وكائناً من ينتصر، ستواصل الولايات المتحدة عملية الانسحاب الأمريكي من الشؤون الخارجية ومواصلة السياقات الانعزالية. أما نحن الإسرائيليين فيتعين عليناً أن نتحفز ونحمي مصالحنا الحيوية وكدولة قوية وسيادية يمكننا أن نفعل ذلك.
بقلم: د. مايكل اورن
القدس العربي