يواصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو التزام الصمت حيال انتخابات الرئاسة الأمريكية، بل دعا وزراءه لتحاشي التصريحات الإعلامية، فيما يعبّر 70% من الإسرائيليين في استطلاع واسع عن رغبتهم بفوز ترامب.
بعدما أدلى بعض الوزراء الإسرائيليين بتصريحات داعمة بوضوح أو تلميحا للرئيس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، دعا بنيامين نتنياهو أعضاء حكومته لعدم التحدث في موضوع الانتخابات الأمريكية، وسط تساؤلات عن تبعات فوز المرشح الديموقراطي جو بايدين على العلاقات مع إسرائيل ودول الخليج وعلى الشرق الأوسط.
وكان وزير الداخلية في حكومة الاحتلال آرييه درعي زعيم حزب “شاس” الديني، قد قال خلال يوم الانتخابات، إن المرشح الجمهوري أثبت “صداقته الحقيقية للشعب اليهودي وإسرائيل”. وقال درعي أيضا إنه يصلي من أجل فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بولاية ثانية.
جاء ذلك في حوار لدرعي مع راديو “كول حي” التابع للمتدينين اليهود، وفيه قال درعي: “أصلي من أجل فوز ترامب في الانتخابات”، مضيفا: “لقد أثبت ترامب خلال السنوات الأربع الماضية صداقته الحقيقية للشعب اليهودي ودولة إسرائيل”. وفي محاولة لإمساك العصا من طرفيها، قال درعي إن “بايدين أيضا صديق لإسرائيل، لكن لا سمح الله في حال لم يتم انتخاب ترامب، فأنا أعرف من سيكون سعيدا: الإيرانيون وحزب الله وحماس وغيرهم”.
وفي وقت سابق، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية أن عددا من قادة المستوطنات نظموا صلاة قرب حائط البراق من أجل فوز ترامب.
المستوطنون يصلون من أجل فوز ترامب
ووضع المصلون خلفهم لافتة كتبوا عليها ما اعتبروه إنجازات ترامب للمشروع الاستيطاني، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى لقدس المحتلة، والاعتراف بشرعية الاستيطان، وإزالة القيود على دعم المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية في مستوطنات الضفة، وتقليص أموال كانت مخصصة لدعم لفلسطينيين (في إشارة لوقف واشنطن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”)، والاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السوري المحتلة.
المستوطنون يصلون
وأشارت الصحيفة إلى أن صلوات أخرى من أجل ترامب أقيمت خلال الأيام الأخيرة الماضية في معابد داخل المستوطنات الإسرائيلية بالضفة. يشار إلى أن عام 2020 شهد بناء 12 ألفاً و159 وحدة استيطانية، وهو أكبر رقم منذ عام 2012، وفق منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية المعارضة للاستيطان.
أما الوزير تساحي هنغبي، فقد عبّر هو الآخر عن قلقه من خسارة ترامب وتبعاتها على إسرائيل والمنطقة. وقال في حديث للقناة الإسرائيلية 13 إن انتخابا جو بادين سيؤدي لنقاش سياسي مع إسرائيل حول الصراع مع الفلسطينيين، لكن الأهم والأخطر بنظره، هو التعامل الأمريكي المختلف مع إيران.
وتابع هنغبي: “في موضوع الصراع مع الفلسطينيين لن يكون هناك أي تغيير، ربما نقاشات وتباينات سياسية، لكن الخوف أن يدفع بايدن لتغيير سياسات الولايات المتحدة تجاه ايران والعودة للاتفاق معها حول المشروع النووي، مما يعني عودة انتشار السلاح والإرهاب في المنطقة وهذا سيقود لصدام مباشر بيننا وبين إيران”.
أما وزير الطاقة يوفال شطاينتس، فبدا مرتبكا وحذرا أكثر في حديثه للقناة العبرية 12 عن الانتخابات الأمريكية. فقال إن إسرائيل ستعرف كيف تتدبر أمورها، والعمل مع أي رئيس أمريكي ينتخب بصرف النظر عن هويته. وتابع: “طالما فعلنا ذلك، حتى وإن شهدنا أحيانا نقاشات. إذ تجمعنا قيم ومصالح مشتركة ثابتة، وإسرائيل تواصل سياستها التقليدية بعدم التدخل في شؤون داخلية لأي دولة عظمى”.
صفقة القرن
وقال شطاينتس إن هناك مصالح كثيرة لإسرائيل في الولايات المتحدة أهمها الموضوع النووي الإيراني، داعيا لـ”تجميده”. وردا على سؤال إذاعة جيش الاحتلال الأربعاء، قال وزير الاتصالات يوعاز هندل إنه لا يعرف إذا ما سيبادر جو بايدن لإلغاء صفقة القرن ومخطط الضمّ، متمنيا أن يطبق مخطط فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية. وتابع: “سنتعامل مع أي رئيس أمريكي”.
من جهته دعا النائب المستوطن المتطرف باتسلئيل سموطريتش في حديث للإذاعة ذاتها، الرئيسَ الأمريكي ترامب لاستغلال ما تبقى له من أيام في البيت الأبيض للقيام بخطوات عملية وتطبيق مخططّ الضم.
سيطرة الجمهوريين على الكونغرس
في المقابل نقلت القناة الإسرائيلية “أي 24” المقربة من حكومة نتنياهو وتعتبر قناة شقيقة لقناة فوكس الأمريكية عن مسؤولين إسرائيليين محجوبي الهوية، قولهم إن إسرائيل ليست متخوفة من احتمال فوز بايدن بالانتخابات الأمريكية، وإن الوضع كان سيكون أسوأ بالنسبة لها بما يتعلق بنتائج الانتخابات.
وقال مسؤولون إسرائيليون للقناة إن هذه الفرضية تعتمد على التقديرات أن مجلس الشيوخ الأمريكي سيبقى تحت سيطرة الحزب الجمهوري، ولذلك فإن نتنياهو سيكون له تأثير على القرارات التي ستتخذها الإدارة الأمريكية.
وأوضحت القناة أن هناك تقديرات إسرائيلية أن بايدن هو الفائز بالانتخابات، وقال مسؤولون إسرائيليون الأربعاء إن العلاقات مع بايدن جيدة، وليس من المتوقع أن يكنّ الضغينة لإسرائيل بسبب دعم نتنياهو لترامب.
وذكرت هذه المصادر أن بايدن ليس متعاطفا مع الجانب المتشدد في الحزب الديموقراطي، وأيضا لن يضع إسرائيل على سلم أولويات الحزب في حال نجح بالانتخابات. منوهة أنه في المقابل، يقوم مسؤولون إسرائيليون بدراسة إمكانيات للتأثير على طاولة المفاوضات مع إيران في حال أجريت مثل هذه المفاوضات إذا ما قبلت إيران بإجراء مفاوضات جديدة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وإسرائيل ترغب بالتأثير على نتائجها. ورجحت القناة الإسرائيلية أن نجاح بايدن يمكن أن يعجل إجراء انتخابات في إسرائيل.
وتابعت: “بوسع حزب “أزرق ابيض” أن يصفقوا بفرح من توقعات دخول بايدن إلى البيت الأبيض، حيث من الممكن أن يشعروا أن نتنياهو يضعف ويفقد ظهره في واشنطن. نتنياهو سيستفيد من فوز الجمهوريين في الكونغرس وعلاقاته الطيبة معهم ومن الممكن أن يفهم أنه لا يريد أن يقدم إلى “أزرق أبيض” هذا الشعور والقدرة على تلقي الدعم من البيت الأبيض في حملتهم والذهاب إلى انتخابات قبل أداء بايدن القسم في كانون ثاني/ يناير القادم”.
وتساءلت الإذاعة العبرية عما إذا كانت نتائج الانتخابات الأمريكية لصالح إسرائيل، لكنها رجحت أنها لن تصب الماء على طاحونة رئيس حكومتها الحالي نتنياهو شخصيا، بعدما وضع كل رهاناته في السنوات الأربع الأخيرة على ترامب فقط، غير آبه بالحزب الديموقراطي.
يشار إلى أن مراقبين إسرائيليين حذروا في السابق من فقدان دعم الحزبين الجمهوري والديموقراطي معا لإسرائيل، وسط تنويه للأجيال الأمريكية الشابة التي تنظر لإسرائيل برؤية نقدية بمن فيهم الشباب الأمريكيون اليهود.
القدس العربي