رابحون وخاسرون في انتخابات الرئاسة الأميركية

رابحون وخاسرون في انتخابات الرئاسة الأميركية

مع تأخر إعلان فائز في أول أيام انتخابات الرئاسة الأميركية، ومع وجود حالات شد وجذب بين حملتي المرشحين، مما ينذر بتزايد احتمالات وصول الأمر إلى المحاكم وتأخر الحسم لعدة أسابيع، برزت أسهم شركات التكنولوجيا كأول الفائزين، بعد أن تراجع المستثمرون عن مضارباتٍ توقعت موجة ديمقراطية زرقاء تجتاح الكونجرس بمجلسيه والبيت الأبيض، ليصبوا ملياراتهم فيها وفي سندات الخزانة الأكثر أماناً.

وغابت الموجة الزرقاء مع ضياع حلم الديمقراطيين في السيطرة على مجلس الشيوخ، بينما ضمنوا إلى حد كبير، حتى لحظة كتابة هذه السطور، استمرار سيطرتهم على مجلس النواب، واستشعر المستثمرون اقتراب المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن من البيت الأبيض، فصعدت أسهم شركات التكنولوجيا بمؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية خلال تعاملات يوم الأربعاء، بعد أن بات الجميع على يقين باستمرار انقسام الحكومة الأميركية كما كانت خلال السنوات الأربع السابقة.

وبعد أن عصف اختفاء الموجة الزرقاء باحتمالات التوصل إلى اتفاق فوري بين الرئيس الجديد والكونغرس بمجلسيه على حزمة إنقاذ اقتصادي جديدة، تساهم في منح دفعة قوية لأسهم الشركات المتضررة من أزمة وباء كوفيد – 19، وتساعد الاقتصاد الحقيقي على الانتعاش، سارع المستثمرون بركوب قطار أسهم التكنولوجيا الذي انطلق بقوة قبل فترة وبدا أنه يستعد لانطلاقة جديدة، خاصةً مع معاودة حالات الإصابة بالفيروس الارتفاع خلال الأسابيع الأخيرة.وخلال تعاملات يوم الأربعاء، التي بدأت بينما كان المرشحان متقاربين في عدد أصوات المجمع الانتخابي التي حصل عليها كلٌ منهما، ساهمت أسهم شركات التكنولوجيا في ارتفاع مؤشر اس آند بي 500 بنسبة 2.2%، ليسجل أفضل أيامه منذ شهر يونيو / حزيران الماضي، بينما اقتربت مكاسب مؤشر ناسداك، الذي تغلب عليه شركات التكنولوجيا، من 4%.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه الكثيرون أن عدم سيطرة أحد الحزبين على مجلسي الكونغرس سيساهم في استمرار الصورة الضبابية لمناخ الاستثمار في الولايات المتحدة خلال الفترة القادمة، شهدت الأسواق الأميركية اندفاعاً نحو سندات الخزانة الأميركية، وهو ما تسبب في انخفاض العائد عليها بثلاث عشرة نقطة أساس، هي الأكبر منذ شهر أبريل / نيسان الماضي.

وتسبب تراجع معدلات الفائدة على السندات الأميركية في تراجع أسعار أسهم البنوك والمؤسسات المالية، التي تتعاظم أرباحها دائماً مع ارتفاع معدلات الفائدة، وتعاني مع انكماش الاقتصاد وانخفاض الفائدة على أدوات الدين طويلة الأجل. وقالت فابيانا فيديلي، مسؤول الأسهم بشركة إدارة الأصول “روبيكو” إن “مضاربات الموجة الزرقاء استمرت منذ الصيف الماضي، وتزايدت خلال الأسابيع الأخيرة، وأتوقع أن تنخفض خلال الفترة القادمة”، مؤكدةً أن الاتفاق على حزمة إنقاذ جديدة، كما مسار تزايد أو تراجع حالات الإصابة بالفيروس، سيكونان أكثر أهمية من نتيجة انتخابات الرئاسة وحدها.

وأكد جيم كريمر، محلل أسواق الأسهم أن فوز بايدن واستمرار سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ يقلل من فرص فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية كما وعد المرشح الديمقراطي. وقال كريمر الذي يقدم أشهر برامج التعليق على أسواق الأسهم والسندات الأميركية “ماد موني Mad Money” إن الوقت قد حان للتوقف عن التفكير في السياسة، وزيادة التركيز على الشركات والأموال، مشيراً إلى أن الانقسام بين البيت الأبيض ومجلس الشيوخ سيكون “نعيماً خالصاً” لأسهم شركات التكنولوجيا الصغيرة”.

وبعد نهاية تعاملات يوم الأربعاء، أكد كريمر إن مديري الأموال، الذين تخلوا عن أسهم شركات التكنولوجيا لصالح أسهم الشركات الموسمية، انتظاراً لحزمة إنفاق ضخمة تسمح بها الموجة الزرقاء وتصل الأسواق بحلول شهر يناير / كانون الثاني القادم، “يبدو أنهم الآن عكسوا الاتجاه، في أكبر عملية تراجع أشهدها في حياتي، بتحولهم إلى شركات التكنولوجيا، بعد أن تزايدت احتمالات تأخر أو إلغاء حزمة الإنقاذ المنتظرة”.ورغم توقعه أن تتلقى أسهم شركات البنية التحتية والطاقة الشمسية ضربة قوية مع تلاشي فرص سيطرة الموجة الزرقاء، أكد تيم سيمور، مسؤول الاستثمار بشركة “سيمور” لإدارة الأصول في لقاء مع قناة سي ان بي سي الاقتصادية، أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يساعد تلك الشركات ويدعم أسهمها هو تمكن الديمقراطيين من تمرير حزمة إنقاذ جديدة، يكون فيها نصيب لإنفاق كبير على البنية التحتية التي يحتاج إليها الكثير من الولايات الأميركية.

وعلى نحو متصل، تسبب تلاشي الآمال في تمرير سلس لحزمة إنقاذ جديدة في تراجع أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تضررت بشدة خلال فترة الإغلاق الكبير، وتحتاج حالياً إلى أموال الحكومة الفيدرالية للخروج من أزماتها. ومع وجود ارتفاعات وانخفاضات في أسهمه خلال تعاملات الأربعاء، لم يستفد مؤشر روسل 2000 من انتعاشة يوم الأربعاء، وأغلق تعاملاته بلا تغيير يذكر.

ومع تعالي الأصوات من المعسكرين باللجوء إلى القضاء قبل إعلان النتائج النهائية للسباق الرئاسي، أكد العديد من مديري الأصول ومستثمري صناديق التحوط عدم رغبتهم في تكوين مراكز ضخمة في أحد الاتجاهين، مشيرين إلى أن أكثر ما تكرهه الأسواق هو عدم اليقين. وقال دورون بارنس، العضو المنتدب ومسؤول استثمارات الأسهم في بنك الاستثمار وشركة الخدمات المالية “أوبنهايمر وشركاه”، إن “الأسواق لا تريد رؤية سيناريو تأجيل إعلان الفائز لعدة أسابيع يتكرر أمام أعينهم، فالأسواق لا تحب ذلك على الإطلاق”.

شريف عثمان

العربي الجديد