بعد حوالى 30 عاماً من إغلاق منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية، بسبب غزو نظام صدام حسين لدولة الكويت في أغسطس (آب) 1990، أنهت الحكومة العراقية استعداداتها لافتتاحه من جديد بالتنسيق مع السعودية.
وكانت الرياض سلّمت بغداد، في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، المنفذ بمنشآته وتجهيزاته كافة، من خلال اجتماع ضم وزير النقل العراقي ناصر الشبلي ونظيره السعودي صالح بن ناصر الجاسر خلال اجتماع في بغداد، ضمن أعمال لجنة النقل والمنافذ الحدودية والموانئ المرتبطة بالمجلس التنسيقي السعودي – العراقي.
التسليم جاء بعد عامين من تكفّل الحكومة السعودية بإعادة إعمار وتأهيل المنفذ على الجانب العراقي، باتفاق مع حكومة حيدر العبادي في العام 2018.
أما في ما يخص الجانب الأمني، فإن العراق أعاد نشر مزيد من قواته على الطرق الرابطة بين منفذ عرعر الحدودي ومحافظتي الأنبار وكربلاء، وبدأ بإنشاء ساتر ترابي وخندق يمتد مسافة 120 كيلومتراً على طول الطريق من المنفذ إلى ناحية “النخيب” التابعة لمحافظة الأنبار، وتمثل نقطة محورية للطرق مع كربلاء والرمادي وباقي أنحاء العراق.
وجال رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول الركن عبدالأمير يارالله، الإثنين، في ناحية “النخيب” للاطلاع على الاستعدادات الأمنية لفتح المعبر والطرق الواصلة إليه، في تأكيد على اهتمام السلطات العراقية بما يمثله من نقطة جوهرية في سياق توثيق العلاقات مع السعودية، سياسياً واقتصادياً.
الاستعدادات اكتملت
وقال المتحدث باسم مديرية المنافذ الحدودية العراقية علاء الدين القيسي إن الاستعدادات لفتح المنفذ الأربعاء اكتملت من جميع الجوانب.
وأضاف القيسي أن “الاستعدادات لفتح المنفذ تجري منذ العام 2019، وقد اكتملت جميع المتطلبات من مبان وبنى تحتية وطرق ومحطات مسافرين وساحات تبادل تجاري”، مبيناً أن “فرقاً عسكرية انتشرت على طول الطريق الواصلة إلى منفذ عرعر لتأمينه”.
ويعد المنفذ ممراً استراتيجياً لنقل البضائع بين أوروبا والعراق، بحسب القيسي، الذي أكد أنه “سيكون الطريق الأقصر لنقل المسافرين الذين يرغبون في أداء مناسك العمرة، سواء من داخل العراق أو الدول التي ستتخذه ممراً نحو الأراضي السعودية”.
وانتشرت وحدات عسكرية من قيادة عمليات الفرات الأوسط وعمليات الأنبار التابعة للجيش العراقي ولواء 26 من الحشد الشعبي المرتبط بمكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لتأمين الطريق بين محافظتي الأنبار وكربلاء وصولاً إلى المعبر.
وقال مدير منفذ عرعر الحدودي العميد حبيب كاظم عبد العلي إن المنفذ سيفتتح الأربعاء، ويباشر النشاط التجاري ومرور المسافرين بعد تأمين الطريق الواصلة بين عرعر وكربلاء وعرعر والأنبار.
وأضاف عبد العلي خلال تصريح لوكالة الأنباء الرسمية العراقية (واع)، أن الجانب السعودي سلّم العراق الأبنية والمشغولات في منفذ عرعر، وتم وضع أجهزة الفحص الطبية والبيطرية فيه.
موارد جديدة
وأعربت إدارة محافظة الأنبار التي تقع غرب العراق، ولديها حدود مشتركة مع السعودية عبر منفذ عرعر والصحراء المحيطة به، عن أملها في أن ينعكس افتتاح المنفذ بشكل إيجابي على المحافظة، كونه سيجلب واردات كثيرة للعراق والمحافظة من خلال مرور البضائع والمسافرين.
ويرى مستشار محافظ الأنبار عزيز الطرموز، أن منفذ عرعر يمثل شرياناً تجارياً مهماً للعراق، سيختزل وقت نقل البضائع إليه عبر البحر الأحمر.
ويسهم في تشغيل أيدٍ عاملة من المحافظة، وإحياء منطقتي النخيب والأنبار اقتصادياً وتجارياً.
تفعيل “الترانزيت” والاستثمار
ويعتقد الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن “أهمية المنفذ تبرز في تنشيط العلاقات التجارية بين بغداد والرياض، وتفعيل خدمة الترانزيت عبر الأراضي العراقية”.
اقرأ المزيد
من سيعبّد الطريق بين عرعر وبغداد؟
السعودية تستعد لـ “زراعة صحراء العراق” وحلفاء إيران مستنفرون
ويضيف المشهداني أن “كثيراً من المنتجات السعودية التي تصل إلى الأسواق العراقية كانت تسلك طريق الكويت أو الأردن، لكن بعد افتتاح المنفذ ستصل مباشرة، وستختصر التكاليف والوقت”.
وسيشجع افتتاح المنفذ على الاستثمار في عدد من القطاعات، ومنها إنشاء فنادق ومطاعم وأسواق ومحطات وقود ومحطات صيانة، بحسب المشهداني، الذي أكد حاجة الطريق إلى مثل هذه المشاريع، نظراً إلى أهميتها بالنسبة إلى المعتمرين والحجاج.
لكن المشهداني يرى أن تنشيط حركة الترانزيت عبر الأراضي العراقية يحتاج إلى بنى تحتية جيدة للطرق، وتأمين للاستقرار الأمني.
وتؤيد المتخصصة في الشأن الاقتصادي سلام سميسم المشهداني رأيه في شأن أهمية المنفذ في النقل والتجارة، وتعتبر أنه سيسهل كثيراً من التعاملات التجارية والاقتصادية بين البلدين، لا سيما في ظل الثقل الاقتصادي الذي تمثله السعودية في المنطقة.
وتضيف سميسم، “هناك طلب على المنتجات السعودية في العراق، وافتتاح المنفذ سيسهل وصولها إليه، لا سيما إلى المحافظات المحاذية للسعودية مثل الأنبار والمثنى وكربلاء، وبذلك ستكون هناك قفزة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين”.
وتشير إلى أن “افتتاحه سيساعد في نقل البضائع إلى أوروبا من خلال تركيا”.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عقدا في 10 نوفمبر الحالي اجتماعاً عبر الفيديو، تم خلاله استعراض أعمال الدورة الرابعة لمجلس التنسيق السعودي – العراقي، وكان من نتائجه الاتفاق على افتتاح منفذ عرعر الحدودي، وافتتاح الملحقية التجارية السعودية في بغداد قريباً.
اندبندت عربي