صرح عضو مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديمقراطي كريس كونز، وهو وزير الخارجية المحتمل في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن، بأنه سوف يؤيد العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، فقط إذا كان هناك مسار واضح للحد من البرنامج الصاروخي الإيراني، مع دعم من الوكلاء الإقليميين.
كان الاتفاق، الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترمب في مايو (أيار) من عام 2018، واستتبع ذلك إعادة فرض العقوبات الأميركية ذات الصلة، يهدف إلى فرض القيود الواضحة على البرنامج النووي الإيراني، ومنع الحكومة الإيرانية من تطوير الأسلحة النووية، في مقابل تخفيف وطأة العقوبات الاقتصادية الأميركية عليها.
بيد أن الاتفاق النووي لم يتطرق إلى فرض القيود على البرنامج الإيراني للصواريخ الباليستية، ولا إلى الدعم الإيراني المباشر للميليشيات الموالية لطهران في العراق، ولبنان، واليمن، وسوريا، التي تعتبرها الحكومة الأميركية مثيرة للقلاقل وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن تقويض شركاء الولايات المتحدة في تلك المنطقة.
ورداً على سؤل بشأن ما إذا كان يعتزم تأييد العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، الذي يُطلق عليها رسمياً مسمى «خطة العمل الشاملة المشتركة»، أجاب كونز لوكالة «رويترز» الإخبارية: «لن يكون ذلك في غياب المسار الواضح بشأن التعامل مع البرنامج الصاروخي الإيراني ودعم وكلاء إيران في المنطقة».
كان الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الذي سوف يصل إلى أعتاب البيت الأبيض بصفة رسمية اعتباراً من 20 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، قد صرح بأنه يعتزم عودة الانضمام إلى الاتفاق النووي إذا ما استأنفت إيران أولاً إجراءات الامتثال الصارم، ثم العمل مع الحلفاء على تعزيز وترسيخ الاتفاق الإيراني، مع التصدي بصورة أكثر فاعلية للأنشطة الإيرانية الأخرى المسببة لزعزعة استقرار المنطقة.
وأضاف كونز أن واشنطن «سوف تكون في حاجة إلى مسار واضح للمضي قدماً على سبيل فرض القيود على البرنامج الصاروخي، ودعم الحكومة الإيرانية للوكلاء، وذلك قبل أن أؤيد العودة مرة أخرى إلى خطة العمل الشاملة المشتركة. فلا بد لهذين الأمرين أن يحدثا في الوقت نفسه».
ومن شأن العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني أن تكون عملية معقدة، ومن المرجح لتمهيد الأجواء لإبرام اتفاق إضافي معني بفرض القيود على الأنشطة الصاروخية والإقليمية الإيرانية أن يتسم بالمزيد من الصعوبة، وذلك لأسباب ليس أقلها أن الحكومة الإيرانية سوف تطالب بأشياء في المقابل، هذا إن كانت على استعداد لقبول مثل تلك القيود في المقام الأول.
كان بايدن قد تعهد بمعاودة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني، إذا ما التزمت الحكومة الإيرانية ببنود الاتفاق المبرم سابقاً، بيد أنه يتعين على الجانبين التسابق مع الزمن والتحرك في معترك سياسي بالغ الصعوبة من أجل بلوغ هذا الهدف. فمع اقتراب انعقاد الانتخابات الرئاسية في إيران في يونيو (حزيران) من العام المقبل، فمن شأن كافة التحركات الدبلوماسية على هذا المسار أن تتحرك بوتيرة بالغة السرعة خلال الشهور الأولى من تولي بايدن مهام منصبه الجديد، على نحو ما أفاد به مسؤولون أميركيون ودبلوماسيون أوروبيون وخبراء إقليميون في الآونة الأخيرة.
كان الرئيس الإيراني حسن روحاني، قد ألقى بجُل ثقله السياسي وراء الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، لكن ليست هناك من ضمانات واضحة بأن الرئيس الإيراني المقبل سوف يكون منفتحاً على إبرام صفقات أو عقد اتفاقيات جديدة في هذه القضايا.
وقال مسؤولون أميركيون بارزون، إنه ينبغي على بايدن وروحاني التعامل المباشر مع الصقور المعارضة بشدة للاتفاق النووي في كل من واشنطن وطهران، على حد سواء، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط، كما سوف يحتاج كل منهما إلى التأكيد على أن أي تنازلات تُتخذ من أي جانب سوف تقابلها إجراءات متخذة على أرض الواقع لدى الطرف الآخر. كان الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، قد بعثا برسائل واضحة المعنى مفادها بأن الحكومة الإيرانية على استعداد للحديث مع إدارة الرئيس المنتخب بايدن بشأن محاولات إحياء الاتفاق النووي ما دامت الحكومة الأميركية على التزامها بشروط الاتفاق.
وفي غضون ذلك، كانت وزارة الخارجية الإسرائيلية تُجري العديد من المناقشات بشأن إيران، حسبما أفاد بذلك موقع «والا» الإخباري الإسرائيلي في وقت سابق من الأسبوع الحالي. وأفاد التقرير الإخباري نفسه بأن وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي، قام بتشكيل فريق عمل مصغر مكلف بصياغة استراتيجية لإبلاغ الحكومة الإسرائيلية بآخر مستجدات جهود إدارة الرئيس المنتخب بايدن بشأن عودة الانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني.
كان أشكنازي قد أبلغ لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، في جلسة مغلقة عقدت الأسبوع الماضي، بأنه ينبغي على الحكومة الإسرائيلية الامتناع عن تكرار أخطاء الماضي التي تركتها في عزلة أثناء مفاوضات إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما بشأن الاتفاق النووي الإيراني. كما أبلغ أشكنازي أعضاء اللجنة المذكورة أيضاً أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تعتقد أن الرئيس المنتخب بايدن سوف يفي بتعهداته الانتخابية بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، وفق ما أفاد الموقع الإخباري المذكور.
الشرق الاوسط