عرفت الولايات المتحدة أمس يوم “جمعة سوداء” مختلفا عما عرفته خلال السنوات الماضية بسبب تبعات انتشار عدوى جائحة كورونا.
وتعد “الجمعة السوداء”، وهي اليوم التالي لعيد الشكر، البداية الفعلية لبدء موسم التسوق الذي يمتد لأعياد الميلاد. وتاريخيا يعد هذا اليوم الأكبر والأكثر أهمية من حيث التسوق نظرا للتخفيضات الهائلة التي تقدمها مختلف المتاجر.
غير أن الجمعة “السوداء” تأتي هذا العام في ظرف مختلف وغير مسبوق بسبب انتشار فيروس كورونا، ولعودة الكثير من الولايات للإغلاق الاقتصادي بسبب ارتفاع معدل الإصابات الذي تخطى أمس الأول حاجز 200 ألف إصابة في اليوم الواحد.
وطبقا بيانات جامعة جون هوبكينز، فقد اقترب عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد من 13 مليون أميركي، في حين توفي حتى نهاية الجمعة ما يزيد على 265 ألفا آخرين.
جمعة مختلفة
تقليديا كان يوم الجمعة “السوداء” عادة ما يكون أكثر أيام التسوق ازدحاما في السنة، لكنه بدا هادئا في عدد من المتاجر التي زارتها الجزيرة نت.
وكان الإقبال أخف بكثير من المعتاد في وقت مبكر من الجمعة في عدة متاجر بالعاصمة واشنطن ومقاطعة مونتغمري المجاورة بولاية ميريلاند.
وتحدث أليكس، وهو متسوق، للجزيرة نت وقال “أنا وعائلتي لم نكترث من مخاوف كوفيد-19، لكن نحن نلتزم بارتداء كمامات الوجه، ونحرص على التباعد ونحرص على التسوق في المتاجر كما نفعل كل عام”.
“هذه ليست أوقاتًا عادية، أنا لم يتأثر دخلي، ولم يتأثر دخل زوجتي كذلك، ولن يتأثر معدل إنفاقها على مشتريات موسم الإجازات وأعياد الميلاد” يقول أليكس.
وذكرت آنا ماريا، وهي بائعة في متجر ميسيز الشهير، للجزيرة نت أن “عملية البيع بطيئة للغاية منذ الصباح وحتى منتصف النهار، اليوم يبدو عاديا ولا يمكن مقارنته بأيام الجمع السوداء منذ بدأت العمل هنا قبل 4 سنوات”.
التسوق الإلكتروني فائز
لم تعرف المحال التجارية، كما جرى العرف، انتظار المئات من المتسوقين لحظة فتح أبوابها والتي كانت تبدأ عادة الساعات الأخيرة من الخميس حيث كانت تستمر في فتح أبوابها طوال ساعات الليل وبدون إغلاق حتى اليوم التالي.
وأشار عدد من الأبحاث التسويقية إلى أن الأميركيين سينفقون ما يقرب من 148 مليار دولار في مشتريات خلال موسم الأعياد، الذي يبدأ مع عيد الشكر وينتهي بأعياد الميلاد.
ومع انتشار التسوق الالكتروني، أصبح الاثنين (أول أيام العمل) بعد الجمعة “السوداء” هو أكثر أيام العام تسوقا على شبكة الإنترنت.
ورغم ارتباط حلم التسوق بالجمعة “السوداء” لعقود طويلة، فإنه في السنوات القليلة الماضية تجاوزت مبيعات “الاثنين الإلكتروني” إجمالي أي يوم آخر على مدار العام، ويتيح ذلك اليوم للجمهور التسوق عبر الإنترنت بأسعار وعروض أفضل من نظيرتها في الجمعة “السوداء”.
ويزيد حجم ما ينقفه الأميركيون هذا العام بمقدار 285 مليون دولار مقارنة بـ 2019، ومن المتوقع أن ينفق المستهلكون في المتوسط 665 دولارا على مشترياتهم في موسم الأعياد.
وتحتل عناصر الأثاث المنزلي صدارة قوائم التسوق عام 2020، حيث من المتوقع أن ينفق المواطن 253 دولارًا عليها في المتوسط، في حين يتوقع أن ينفق 223 دولارا على الإلكترونيات.
وكانت دراسات تسويقية أشارت إلى أن ما يقرب من 87% من الأميركيين يخططون للتسوق يوم الجمعة “السوداء”.
تسوق واحترازات
ولاحظت الجزيرة نت التزام المتاجر ببروتوكولات السلامة الخاصة بهم والتي فرضتها السلطات الصحية، وتم تحذير المتسوقين بعدم السماح لهم بدخول المتاجر إلا إذا ارتدوا كمامات الوجه، والتزموا بالتباعد بمقدار المترين عن الآخرين.
وقد وصف المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن “التسوق في المتاجر المزدحمة خلال الأعياد يعرض للخطر”. وأضاف “يجب على الناس الحد من أي تسوق شخصي غير ضروري”.
وقد اتخذ الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، وهو أكبر مجموعة لتجارة التجزئة بالبلاد، وجهة نظر متفائلة، حيث توقع أن يبحث المتسوقون عن أسباب للاحتفال رغم تحذيرات انتشار عدوى كورونا. وتوقع أن ترتفع المبيعات خلال نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول بين 3.6% و5.2% مقارنة بـ 2019.
وتوقعت بيانات الاتحاد أن تحقق المبيعات عبر الإنترنت مكاسب أكبر هذه العام يوم الجمعة “السوداء” لتصل إلى 10 مليارات دولار، وهو ما يمثل قفزة بمقدار 39% عن نفس اليوم العام الماضي. في حين توقع الاتحاد أن يظل “الاثنين الإلكتروني” أكبر يوم للتسوق عبر الإنترنت هذه العام بـ 12.7 مليار دولار أي قفزة بنسبة 35% عن العام الماضي.
في الوقت ذاته استفادت مواقع الشراء والتسوق الإلكتروني مثل موقع أمازون بصورة كبيرة من تبعات الإغلاق والمخاوف بسبب انتشار كورونا، حيث يفضل المتسوقون البقاء في منازلهم للتسوق بدلاً من المغامرة بالمتاجر، واتجهت في الوقت ذاته المتاجر الكبرى لتتوسع في توفير بديل التسوق الإلكتروني في ظل ارتفاع نسب الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
المصدر : الجزيرة