أفادت صحيفة “هآرتس”، اليوم الخميس، بأن تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن الرد الإيراني على مقتل العالم النووي محسن فخري زادة، قد يكون قبل نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية يعتقدون أن هناك احتمالاً كبيراً لأن تقدم إيران على الانتقام، ومن المحتمل أن يتم تنفيذ مثل هذه المحاولة هذا الشهر للحفاظ على مسافة آمنة من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن في 20 يناير/كانون الثاني.
وأضافت “يبدو أنه يتعين على الإيرانيين دراسة تحركاتهم بعناية لتفادي أي صراع مباشر مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها”.
وتقول “هآرتس” إنه بحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن “حزب الله” اللبناني ليس حريصاً إطلاقاً على التورط في تصعيد عسكري إقليمي في هذه المرحلة، وسيبذل قصارى جهده لتأجيل المحاولات الإيرانية لتوريطه في هجمات انتقامية.وذكرت الصحيفة أنه لا يزال أمام إيران عدد من الخيارات للانتقام، من خلال العراق وسورية، وربما أيضاً من خلال المتمردين الحوثيين في اليمن، الذين يمكنهم تهديد التجارة البحرية الإسرائيلية عبر البحر الأحمر.
وأشارت الصحيفة إلى من ضمن المخاطر الأخرى اللجوء إلى مهاجمة شخصيات أو سفارات إسرائيلية بارزة في الخارج، لافتةً إلى أن طهران أظهرت مقدرة عالية في سبتمبر/أيلول 2019 في مهاجمة منشأتين نفطيتين في المملكة العربية السعودية بطائرة بدون طيار وصواريخ كروز، مما تسبب في أضرار جسيمة.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها القول إن ضباطاً كباراً في الجيش الإسرائيلي التقوا خلال الأيام الأخيرة بنظرائهم في القيادة المركزية الأميركية، بهدف توطيد الروابط بين الجيشين، تحسبا لأي انتقام إيراني.
وتُحمّل إيران إسرائيل مسؤولية اغتيال فخري زادة، ولم ترد إسرائيل رسميًا على هذه المزاعم، لكن كبار المسؤولين في إدارة ترامب أبلغوا وسائل إعلام أميركية أن “الموساد” كان وراء عملية الاغتيال.وكجزء من التنسيق الأميركي الإسرائيلي، تم اتخاذ العديد من الإجراءات الدفاعية تحسباً لرد إيراني محتمل، وتشمل هذه الإجراءات الكشف المشترك عن إطلاق الصواريخ على أهداف إسرائيلية أو أميركية.
ويتعاون الجيشان الأميركي والإسرائيلي بشكل روتيني، وأجرى الجيش الإسرائيلي بعض التغييرات الطفيفة في انتشاره الدفاعي منذ اغتيال فخري زادة، لكنه لم يتم حشد قوات احتياطية أو تعزيز أي وحدات.
من جهتها، نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية، اليوم الخميس عن “مصدر أمني كبير” في تل أبيب قوله إن إيران مشغولة حالياً في البحث عن أهداف إسرائيلية ذات قيمة كبيرة لضربها، رداً على الاغتيال، مستدركاً أن طهران معنية بأهداف لا يؤدي المس بها إلى سقوط عدد كبير من القتلى لتقليص فرص اندلاع تصعيد كبير.
وقال المصدر الأمني الإسرائيلي إن الإيرانيين قد يختارون مهاجمة حقول الغاز التي تشغلها إسرائيل في شرق حوض المتوسط، على اعتبار أن هذا الهدف يجمع بين قيمته الإستراتيجية من جهة ومن جهة أخرى، فإن فرص سقوط عدد كبير من القتلى في الهجوم عليه ضئيلة.
مصدر أمني إسرائيلي: الإيرانيون قد يختارون مهاجمة حقول الغاز التي تشغلها إسرائيل في شرق حوض المتوسط
وحول التقدير الإسرائيلي لتوقيت الهجوم، قال معلق الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس”، عاموس هارئيل، إن تل أبيب ترجح أن تقوم إيران بالرد على اغتيال فخري زادة في وقت لاحق من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وفي تقرير نشرته الصحيفة اليوم، نوه هارئيل إلى أن قادة المؤسسة العسكرية في تل أبيب عمدوا مؤخراً إلى التنسيق مع قادة الجيش الأميركي للمساعدة في رصد مسبق لأية عمليات إطلاق صواريخ يمكن أن تقوم بها طهران وتستهدف إسرائيل.
وفي سياق متصل، أعلن سلاح البحرية الإسرائيلي أمس عن تسلمه أول سفينة صواريخ من مجمل أربع سفن ألمانية من طراز “مجين”، كانت تل أبيب قد تعاقدت على شرائها قبل خمس سنوات؛ حيث ستستعمل هذه السفن في تأمين حقول الغاز شرق حوض المتوسط.
ولم يتضح إن كان وصول هذه السفينة التي استقرت أمس في القاعدة العسكرية في حيفا محض صدفة أم أنه تم استعجال قدومها لتقليص خطر تعرض الحقول ومنصات الغاز المائية لهجمات صاروخية إيرانية، رداً على اغتيال فخري زادة.وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” في عددها الصادر اليوم الخميس، أن سفينة الصواريخ الجديدة تعد من أقوى سفن الصواريخ في العالم وستنضم إلى منظومة سفن مهمتها الرئيسة تأمين المياه الاقتصادية والموارد الحيوية لإسرائيل في البحر المتوسط.
من ناحية ثانية، وفي تطور نادر، وجه اثنان من كبار الباحثين في مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي انتقاداً لقرار اغتيال فخري زادة؛ إذ شككا في جدوى العملية من جهة واتهما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالإقدام عليها لدواعٍ سياسية.
وفي تقرير نشره أمس، قال الجنرال شلومو بروم، الذي اضطلع بمواقع قيادية بارزة في المؤسستين العسكرية والاستخبارية والدبلوماسي السابق، شمعون شطاين، إنه لا يوجد ما يدل على أن الاغتيال سيعيق البرنامج النووي الإيراني؛ مشيرا إلى أن حملات التنديد بالاغتيال التي عمت العالم ستقلص هامش المناورة السياسة أمام إسرائيل، سيما عشية تولي الرئيس الأميركي المنتخب جون بايدن مهام منصبه في العشرين من يناير/ كانون الثاني القادم.
صالح النعامي
العربي الجديد