حزب الله “مهر أعرج” في مناطق نفوذه

حزب الله “مهر أعرج” في مناطق نفوذه

بيروت – سلّطت مجلة ناشيونال إنترست الأميركية الضوء على الأوضاع في النبطية (جنوب لبنان)، أحد معاقل حزب الله، مشيرة إلى تراجع شعبية الحزب، وتضرر صورته بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مشبهة حاله حاليا “بالمهر الأعرج”.

واستذكرت الصحيفة قولا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي كتب في مقال شهير “عندما يرى الناس حصانا قويا وحصانا ضعيفا، فإنهم بطبيعتهم سيحبون الحصان القوي”. ووفقا لهذا المعيار، لم يعد اللبنانيون يعتبرون حزب الله حصان سباق أصيلا، بل هو “مهر أعرج”.

ونقلت المجلة الأميركية الصورة في النبطية، خامسة كبرى مدن لبنان، بقولها إن أعلام حزب الله ترفرف على أعمدة الإنارة، كما تظهر صور قتلى الحزب في الحروب على اللوحات الإعلانية.

ويتجوّل رجال ملتحون من الحزب في الشوارع بسيارات بي.أم دبليو جديدة، دون لوحات رقمية، في مخالفة للقوانين المعمول بها في البلاد.

وتصف المجلة الأميركية النبطية بقلب معاقل حزب الله، التي تقع على بعد أقل من 24 كيلومترا من حدود لبنان مع إسرائيل.

وخلال عملية عناقيد الغضب، التي تشتهر تسميتها في لبنان بحرب أبريل 1996، قصفت إسرائيل مواقع في المدينة، وفي حرب 2006، عانى حزب الله ومعه النبطية، “لكن نهاية الأعمال الحربية سمحت بإعادة تسليح الحزب ليصور نفسه على أنه لا يزال قويا”، بحسب الصحيفة.

لكن السكان المحليين الجالسين في مقهى على مشارف البلدة، بمن فيهم قدامى المحاربين ضد إسرائيل، يروون الآن قصة مغايرة، إذ يقولون إن حزب الله أصبح يضم ثلاثة أنواع من الأعضاء، يتمثل النوع الأول في المؤمنين بأيديولوجيا الحزب الحقيقيين، أما النوع الثاني فيجمع أولئك الذين كانوا مقتنعين في البداية بمهمة حزب الله لكنهم يشعرون الآن بالحرج من أفعاله وسلوكه، فيما يتمثل النوع الثالث في من انضموا إلى الحزب للتو للحصول على المال.

ويواجه الجميع صعوبة في التوفيق بين خطاب ميليشيا الحزب والواقع. فبينما تعد شعارات حزب الله المكتوبة على اللافتات والملصقة على اللوحات الإعلانية بالأمن والازدهار، لا يعيش السكان المحليون أيا منها على أرض الواقع. وربما لا يزال أعضاء حزب الله يتلقون رواتب أعلى بكثير من المعدل المحلي، لكن مشاكل إيران المالية وما تلاها من تقليص دعمها لحزب الله دفع الحزب إلى الاعتماد على نصف مدفوعاته ما وضعه أمام تذمر داخلي وسخرية خارجية.

وفي هذا السياق، تضيف المجلة أنه يجب على الأيديولوجيين الحقيقيين، الذين صوروا أنفسهم ذات يوم على أنهم طليعة نظام جديد، أن يشرحوا الآن عجزهم وعجز إيران عن مواجهة اغتيال الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في 3 يناير 2020، واغتيال محسن فخري زاده، “أبي البرنامج النووي الإيراني السري”، في 27 نوفمبر.

وتتهم إيران وعدد من الصحافيين المحليين والغربيين إسرائيل باغتيال زاده، وتعهد القادة الإيرانيون وحزب الله بالانتقام للعالم النووي وقاسم سليماني، لكنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء، مكتفين بإطلاق بضعة صواريخ على القوات والمنشآت الأميركية في العراق، معظمها أخطأ الهدف أو ألحق أضرارا طفيفة.

ويشير السكان المحليون أيضا إلى مقتل أربعة آلاف من أعضاء حزب الله في سوريا، ويتساءلون عن سبب سماح الحزب، الذي صور نفسه على أنه وطني لبناني، لأعضائه بالعمل كمرتزقة لصالح إيران والرئيس السوري بشار الأسد.

تقول المجلة إنّ بعض اللبنانيين يسخرون “من زعيم حزب الله حسن نصرالله، باعتباره خامس سلاحف النينجا، لأنه يختبئ في ملاجئ الضاحية الجنوبية لبيروت خوفا من أن يلحق بسليماني وفخري زاده، إذا ظهر شخصيا”.

وسلاحف النينجا هو مسلسل كرتوني شهير بدأ عرضه أواخر الثمانينات، يحكي قصة 4 مقاتلين سلاحف ومعلمهم الجرذ.

وبحسب ناشيونال إنترست، لم تعد انتقادات المواطنين في النبطية وغيرها من البلدات التي يسيطر عليها حزب الله أو حركة أمل، تقتصر على الهمس، فقد انضم شبان وشابات النبطية إلى الاحتجاجات التي اندلعت في أكتوبر من العام الماضي ضد النخبة السياسية في لبنان، فعندما فقد حزب الله دعم إيران، فقد السكان المحليون خوفهم منه.

ويلتمس السكان في قلب مدينة حزب الله تأثير حملة “الضغوط القصوى” الأميركية ضد إيران، بقولهم إن حزب الله أصبح فقير السيولة ومهزوزا، كما أنه فقد بريقه بعد أن خسر نسبة كبيرة من تمويلات طهران التي كانت تدعمه بما يقارب 70 في المئة من ميزانيتها سنويا، أي بحوالي 700 مليون دولار سنويا.

واتخذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب طيلة السنوات الأربع الماضية عقوبات وإجراءات مشددة ضدّ إيران وأذرعها المسلحة في المنطقة، لوضع حد لتجاوزات طهران وحليفها الرئيسي حزب الله وأنشطتها التخريبية.

وكانت واشنطن تعهدت لعقود بمواجهة حزب الله بعد تفجير مقر مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في بيروت عام 1983 والذي قتل فيه 142 جنديا أميركيا.

العرب