“المغرب مكان رائع جدا للعثور على الحفريات خاصة في مناجم الفوسفات التي تتوفر على رواسب البيئات البحرية”، هكذا علقت الباحثة كاتي سترونج من جامعة ألبرتا الكندية التي قادت فريق بحث دولي أعلن اكتشاف نوع جديد من الزواحف البحرية القديمة كانت تعيش في البيئة البحرية التي يوجد فيها المغرب اليوم.
وتختزن الأرض المغربية ما يعادل 70% من موجودات الفوسفات في العالم، ويعد دعامة من دعائم الاقتصاد المغربي. فما هو الفوسفات؟ وما هي استخداماته؟ وما سر هذه الثروة؟
ما هو الفوسفات؟
الفوسفات صخرة رسوبية تشكلت منذ ملايين السنين بسبب تراكم المواد العضوية في قاع المحيطات، وتوجد احتياطيات الفوسفات في أفريقيا وأميركا الشمالية وكازاخستان والشرق الأوسط وأوقيانوسيا، وأكبر رواسبه في العالم توجد بالمغرب.
وتتكون صخور الفوسفات المستخدمة في التطبيقات الزراعية عادة من “خامس أكسيد الفوسفور” (P2O5) بتركيز 30%، وكربونات الكالسيوم بتركيز 5%، و4% أو أقل من أكسيد الألومنيوم والحديد.
وحسب تقديرات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS) فإن احتياطيات الفوسفات القابلة للاستخراج اقتصاديا ستستمر قرونا عدة وفقا لمعدل الإنتاج العالمي الحالي، حيث تدفع الموارد الموجودة تحت سطح البحر في المحيط الأطلسي والمحيط الهادي التقدير ليكون كافيًا لمدة 1200 عام.
ثروة اقتصادية
يعد الفوسفات ثروة اقتصادية، حيث يعالج الفوسفات الصخري لاستخراج الفوسفور الأولي الذي يعد بمنزلة مخزون مهم للصناعات الكيميائية، والفوسفات هو المصدر الطبيعي للفوسفور، وهو أحد العناصر الغذائية الرئيسة الثلاثة الأكثر استخداما في الأسمدة (العنصران الآخران هما النتروجين والبوتاسيوم)، ويوفر الفوسفور ربع جميع العناصر الغذائية التي تحتاج إليها النباتات لنموها وتطورها، ويمكن أيضا تحويل الفوسفات إلى حمض الفوسفوريك الذي يستخدم في كل شيء من المواد الغذائية ومستحضرات التجميل إلى علف الحيوانات والإلكترونيات.
وبالأرقام، يقدر معدل الإنتاج العالمي السنوي للفوسفات بـ240 مليون طن، وتقديرات احتياطيات الفوسفات القابلة للاستخراج اقتصاديا في جميع أنحاء العالم 69 مليار طن، والموارد التي يحتمل أن تكون قابلة للاستغلال من صخور الفوسفات 300 مليار طن.
ويسعى المغرب عبر استثماراته إلى رفع إنتاجه السنوي في المتوسط من 30 مليون طن إلى 50 مليون طن، وزيادة إنتاج الأسمدة الفوسفاتية من 3.5 ملايين طن إلى 10 ملايين طن سنويا، و18 مليون طن بحلول 2025.
ويضطلع قطاع المعادن بدور مهم في الاقتصاد الوطني، وتبلغ حصته في الناتج الداخلي الخام 10% حسب معطيات 2017.
وحسب الأرقام الرئيسة للربع الثالث من العام الحالي، بلغت إيرادات المكتب الشريف للفوسفات (الشركة العمومية التي تدير الفوسفات بالمغرب) 14 مليارا و283 مليون درهم (1.53 مليار دولار أميركي)، وبلغت إيرادات عام 2020 لـ9 أشهر 41 مليارا و686 مليون درهم (4.34 مليارات دولار أميركي).
وحسب أرقام سنة 2019 بلغ رقم معاملات مجموعة المكتب الشريف 54.09 مليار درهم (نحو 5 مليارات دولار)، وتوظّف الشركة نحو 21 ألف متعاون، وبلغت صادراتها العمومية من الأسمدة ما يقارب 9 ملايين طن السنة الماضية بقيمة نحو 3 مليارات دولار.
ثروة علمية
وعند الحديث عن الفوسفات وأهميته، غالبا ما تقفز إلى الواجهة المعطيات الاقتصادية وما يرتبط بالاستخدامات المتعددة للفوسفات في الصناعات الكيميائية والثورة الزراعية، لكن مناجم الفوسفات تختزن ثروة علمية وبحثية كبيرة تتمثل في المُستحاثات التي تحفظها الطبقات المتراكمة عبر عصور جيولوجية.
ويقول موسى مسرور الخبير المغربي في الحفريات -في تصريح للجزيرة نت- إن الفوسفات بالمغرب يمثل ثروة علمية تمكن من دراسة كيفية تطور الفقريات البحرية في الفترة بين العصر الطباشيري والعصر الثالث، ويوضح مسرور أن مواقع الفوسفات بالمغرب تتوفر على طبقات سميكة تمثل عمرا ممتدا لـ72 مليون سنة إلى 46 مليون سنة، مما يوفر التنوع والكثرة في الاكتشافات.
وبدأت نشأة الفوسفات المغربي منذ نحو 72 مليون سنة، عند قرب نهاية الحقبة الجيولوجية المعروفة باسم العصر الطباشيري، وتحفظ مناجم الفوسفات العديد من البقايا المتحجرة لبعض الكائنات الحية، شكلت موضوعا لعدد من الاكتشافات انضاف إليها اكتشاف “أجنابيا أوديسوس” الديناصور بمنقار البط الذي عثر عليه داخل طبقة جيولوجية يعود تاريخها إلى 66 مليون سنة في منجم للفوسفات بالقرب من الدار البيضاء.
وحسب الخبير موسى مسرور فإن الفوسفات المغربي ما زال يعد بمزيد من الاكتشافات، داعيا للمزيد من الاهتمام بالجانب العلمي، والعمل على تقريب المعلومات من الجمهور عبر المتاحف وإعادة توصيف التاريخ الجيولوجي في سفر عبر الزمن لملايين السنين.
المصدر : الجزيرة