كشفت قوى سياسية عراقية مختلفة، لـ”العربي الجديد”، عما وصفته بشبه اتفاق بين كتل رئيسية في البرلمان على تأجيل الانتخابات المبكرة، المقرر أن تُجرى في السادس من يونيو/حزيران المقبل، والتي تعد أحد أبرز مطالب المحتجين في البلاد. وبحسب اثنين من أعضاء البرلمان العراقي، تحدثا لـ”العربي الجديد”، فإن أربع قوى سياسية نافذة توافقت بشكل مبدئي على الذهاب إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية لنهاية العام المقبل، أو بداية 2022.
وأشارا إلى أنه تم إيصال ذلك لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي يصرّ على إجرائها في موعدها المقرر، معتمداً على موقف المرجعية الدينية في النجف، فضلاً عن بعثة الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وأميركا الداعمة لإجراء الانتخابات بموعدها المحدد. وتوقع أحد النواب ممن تحدثوا مع “العربي الجديد” أن تؤدي التظاهرات الحالية في إقليم كردستان العراق الى تأييد الحزبين الرئيسيين، “الديمقراطي الكردستاني” و”الاتحاد الوطني” لتأجيل الانتخابات بسبب نقمة الشارع.
البطيخ: شبه اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية على عدم إجراء الانتخابات المبكرة
وتستند القوى الساعية لتأجيل الانتخابات، وجميعها من التي تُعرف بأنها مدعومة أو مقربة من إيران، وأبرزها “ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح” بزعامة هادي العامري، إلى رغبتها في ترتيب أوضاعها في مناطقها، خصوصاً بعد تراجع شعبيتها في مدن جنوب ووسط العراق. ويأتي هذا التوجه عقب موجة الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وما رافقها من عمليات قمع وتنكيل، ما أثار نقمة الشارع على القوى السياسية الحاكمة في العراق.
المعلومات التي حصلت عليها “العربي الجديد” جاءت عقب اجتماع ضم عدداً من قيادات الصف السياسي الأول للقوى العربية الشيعية، عقد مساء الجمعة الماضي في بغداد، وتم خلاله تبني خيار تأجيل الانتخابات إلى نهاية العام المقبل أو مطلع 2022. ومن أبرز الكتل المؤيدة لهذا الطرح “دولة القانون”، “الفتح”، “الفضيلة”، “صادقون”، “عطاء” و”حركة إرادة”.
وأكد القيادي في تحالف “الفتح” البرلماني غضنفر البطيخ، في حديث لـ”العربي الجديد”، هذه المعطيات، مشيراً إلى أن “الانتخابات المبكرة لن تُجرى في موعدها المحدد”. وأوضح أن “التوجه العام للقوى السياسية أنها ستكون بداية 2022 أي بعد انتهاء الدورة الانتخابية الحالية”. وأضاف: “هناك شبه اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية على عدم إجراء الانتخابات المبكرة، وإبقاء الوضع على ما هو عليه حالياً”. واعتبر البطيخ أن “تعطيل تمرير قانون المحكمة الاتحادية أمر مقصود، والهدف منه منع إجراء الانتخابات المبكرة، وهذا أمر متفق عليه بين غالبية القوى السياسية. فكل السعي السياسي حالياً يهدف لمنع إقامة الانتخابات. وإجراء الانتخابات ليس بيد الحكومة أو المفوضية، بل هذا الأمر بحاجة إلى توافق سياسي، وبدون ذلك لا يمكن أن تجرى، خصوصاً أن حل مجلس النواب العراقي بيد القوى السياسية التي تسيطر على النواب”. وأضاف: “كما أن الحكومة ومفوضية الانتخابات، لن تعطيان أي تطمينات واقعية لمنع التزوير والتلاعب في الانتخابات المقبلة، وهو ما يزيد المخاوف السياسية والشعبية منها”.
من جهته، تحدث النائب عن تحالف “سائرون”، الذي يتزعمه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رعد المكصوصي عن ما وصفها بـ”قوى الدولة العميقة التي لا تريد إجراء الانتخابات المبكرة”. واعتبر أن هذه القوى “تسعى الى تأجيل الانتخابات خشية من زوال دولتها العميقة، في حال جرت انتخابات عادلة ونزيهة وتغيرت فيها الكثير من الوجوه”. وبين المكصوصي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “المساعي الحالية لتلك القوى هي تأجيل الانتخابات، وتعمل الآن على عرقلة قانون المحكمة الاتحادية لزيادة عرقلة مهمة أن تجرى الانتخابات المبكرة. فهي تدرك أنه لا يمكن إجراء أي انتخابات، من دون وجود هذه المحكمة، التي يحق لها حصراً المصادقة على نتائج أي انتخابات تجرى في البلاد. كما عرقلوا قانون تخصيص الأموال لإجراء الانتخابات”. وكشف عن “اتفاقات سرية بين بعض القوى السياسية، لتأجيل الانتخابات المبكرة”.
المكصوصي: اتفاقات سرية بين بعض القوى السياسية لتأجيل الانتخابات المبكرة
ومن المقرر أن يشارك في الانتخابات المقبلة أكثر من 25 مليون ناخب، من أصل نحو 40 مليون مواطن. واللافت في الانتخابات مشاركة مواليد مطلع العام 2003، سنة الاحتلال الأميركي للبلاد، بعد إتمامهم عمر 18 سنة. وكان القيادي في تحالف “القوى العراقية” النائب عبد الخالق العزاوي تحدث، لوسائل إعلام محلية قبل أيام، عن أن “تأجيل الانتخابات المبكرة أمر وارد جداً، إذا لم يُحسم قانون المحكمة الاتحادية، ويعاد تشكيلها، بالإضافة إلى تأمين الميزانية لمفوضية الانتخابات، بالإضافة إلى طبيعة الأوضاع الأمنية، وتهيئة الظروف المؤاتية لإجراء الانتخابات بشكل نزيه وشفاف”. وبين أن “الانتخابات، سواء جرت في موعدها أم تم تأجيلها، فإن الأهم بالنسبة لنا أن تكون نزيهة وشفافة وتعطي للناخب حرية الاختيار لمن يمثله في البرلمان بدون أي ضغوط. لكن نرى أن الأقرب هو تأجيل الانتخابات”.
وتحدث نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، بهاء الأعرجي، يوم السبت الماضي، عن عدم وجود اتفاق بين القوى السياسية على موعد إجراء الانتخابات المبكرة. وكشف عن تخطيط بعض الجهات للعمل لتغيير نتائجها من الآن. وقال الأعرجي، في تغريدة: “تُناقش غالبية الكتل موعد الانتخابات المبكرة من دون اتفاق عليه، ولكن لا أحد منها يعمل على توفير مستلزماتها، أو يسعى لمناقشة ما يضمن نزاهتها، وهذا دليل على عدم جدية البعض منها بإجرائها”.
واعتبر الخبير بالشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “إجراء الانتخابات غير ممكن بدون اتفاق سياسي كونها تتطلب حل مجلس النواب، قبل شهرين من موعد الانتخابات. لكن لغاية الآن لا يوجد أي اتفاق بهذا الصدد”. وبيّن أن “الكثير من النواب من كتل سياسية مختلفة يرفضون من حيث المبدأ حل مجلس النواب. فهم يريدون إكمال دورتهم الانتخابية التي تنتهي في إبريل/نيسان 2022، بالإضافة الى قوى سياسية وشخصيات متنفذة لا تريد خسارة نفوذها في الحكومة والبرلمان، فهي تدرك أن الانتخابات المقبلة سوف تؤدي لخسارتها الكثير من هذا النفوذ”. وكشف أنه “وفق المعلومات، فإن الاجتماعات بين القوى السياسية، دائماً ما تناقش تأجيل الانتخابات المبكرة، كونها غير مستعدة لها من جميع النواحي، وأهمها الامتعاض والغضب الشعبي من كل الطبقة السياسية، وهذا عامل يدفع إلى مقاطعة الانتخابات، وربما تكون بنسبة أقل من انتخابات 2018”.
وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قد حدد السادس من يونيو المقبل موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة. وأكدت مفوضية الانتخابات استعدادها لتنظيم الاستحقاق في الموعد المحدد، إذا توافرت 5 شروط، هي إنجاز قانون الانتخابات، والتصويت على قانون المحكمة الاتحادية، وتخصيص موازنة مالية انتخابية، وقيام مجلس الوزراء بالتصويت على مديري المفوضية، فضلاً عن قيام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى بتقديم المساعدة الانتخابية.
عادل النواب
العربي الجديد