جدة – كشف الهجوم الذي استهدف ناقلة نفط راسية في ميناء جدة السعودي، الاثنين، أن إيران تسعى لإظهار أوراق قوتها قبل استلام الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامَّه في العشرين من يناير القادم، وذلك من بوابة حرب الناقلات في البحر الأحمر.
وتعرضت الناقلة لاستهداف “بقارب مفخخ” قبالة ميناء جدة في السعودية، في هجوم وصفته الرياض بالإرهابي. وتشير أصابع الاتهام إلى إيران وحلفائها الحوثيين الذين كثفوا هجماتهم ضد أهداف في المملكة.
ويعيد هجوم ميناء جدة الاثنين، إلى الذاكرة ما سمي بحرب الناقلات أثناء الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي، عندما تبادل العراق وإيران قصف الناقلات في المياه الإقليمية لكلا البلدين.
وقالت شركة “حافنيا”، ومقرها في سنغافورة، في بيان إن الناقلة “تعرّضت لضربة من مصدر خارجي بينما كانت تفرغ حمولتها ما تسبّب بوقوع انفجار وباندلاع حريق”.
وتحاول إيران أن تضغط بورقة حرب الناقلات، باستعمال الطائرات المسيرة والزوارق المفخخة، لإظهار أنها الطرف القوي في المنطقة الذي لا يمكن لأي جهة التغافل عن دوره والتفاهم معها، في رسالة مباشرة لبايدن الذي ينوي إعادة التفاوض بشأن الملف النووي لإيران مقابل تعهدات منها بوقف أنشطتها في المنطقة، وخاصة ما تعلق بتسليح الأذرع في العراق واليمن ولبنان، وكذلك التوقف عن تهديد أمن الطاقة والملاحة في المنطقة.
ويعتقد محللون أن الهجمات الأخيرة على أهداف سعودية هدفها جر بايدن ومستشاريه إلى مراجعة الحزم بشأن الدور الإقليمي لإيران، وعدم الانجرار وراء خطط إسرائيل في ضرب النفوذ الإيراني الإقليمي ودفع طهران للانكفاء على الشأن الداخلي، وهي إستراتيجية مدعومة بقوة في الداخل الأميركي.
وتعتقد إيران أن بايدن لا يختلف عن باراك أوباما في ميله إلى الحوار واستبعاد المواجهة، وهي تضغط عليه بوضعه أمام واقع جديد على أمل أن يقبل بأن تستمر في أدوارها الإقليمية مقابل تنازلات شكلية تقدمها في الملف النووي.
ويريد الإيرانيون استثمار الخلافات في المواقف بين بايدن ودونالد ترامب بشأن القضايا المحلية والدولية للحصول على تنازلات سريعة من الرئيس الجديد خاصة ما يتعلق برفع العقوبات عن قطاع النفط، ووقف تهديد الشركات العاملة في المجال، وكأنه تحصيل حاصل.
كما تراهن طهران في تمرير هذه الإستراتيجية على لوبي مُوال لها موجود داخل وزارة الخارجية الأميركية وسبق أن ساعدها في الحصول على مكاسب من إدارة أوباما بينها إقرار الانسحاب من العراق في 2011، فضلا عن الصمت على دخولها إلى سوريا تزامنًا مع رفع الدعم عن المعارضة السورية.
وكان الإيرانيون قد نجحوا خلال السنوات الأخيرة في تنفيذ هجمات مختلفة على أهداف نفطية سواء بشكل مباشر أو عن طريق حلفائهم الحوثيين. ورغم تشدد ترامب تجاه الأدوار الإقليمية لإيران، اكتفت إدارته بالتلويح بعقاب الإيرانيين دون أي خطوة عملية، ما ساعد على استمرار الإيرانيين في تهديد أمن المنطقة والملاحة في منطقة حيوية بالنسبة إلى حركة النفط.
وفي نوفمبر الماضي، هزّ انفجار ناقلة يونانية في ميناء الشقيق السعودي، وفق أثينا، فيما ندد التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن بـ”عمل إرهابي” نفّذه المتمردون الحوثيون.
وكان الحوثيون استهدفوا بصاروخ محطة توزيع للمنتجات البترولية تابعة لشركة أرامكو في شمال مدينة جدة قبل يومين من الهجوم على الناقلة اليونانية.
وتعرّضت ناقلات نفط في منطقة الخليج وفي البحر الأحمر لهجمات “غامضة” في العامين الماضيين، حملت السعودية والولايات المتحدة مسؤوليتها لإيران التي نفت أي دور لها فيها.
واتهمت السعودية مرارا إيران بتزويد الحوثيين بأسلحة متطورة. كذلك، حملتها مسؤولية هجمات غير مسبوقة ضد منشآت لأرامكو في سبتمبر 2019 تسبّبت بتوقّف حوالي نصف الإنتاج لأيام.
كما تتعرض المملكة لهجمات بصواريخ بالستية وطائرات دون طيار مفخخة تطلق من اليمن باتجاه مطاراتها ومنشآتها النفطية.
العرب