هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى توخي الحذر بشأن تعافي الطلب على النفط، رغم المؤشرات الواعدة بعد بدء توزيع لقاح كورونا في عدد من الدول.
وفي تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” (bloomberg) الأميركي، يقول الكاتب جوليان لي إن لقاحات كوفيد-19 أنعشت الآمال في ارتفاع سريع للطلب على النفط العام المقبل، لكن يبدو أنه من المبكر التخلي عن الحذر بخصوص عودة الطلب إلى المستويات الطبيعية.
بلغ سعر برميل خام برنت 50 دولارا للبرميل خلال الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى تم تسجيله منذ مارس/آذار، وذلك قبل أن تبدأ جائحة كورونا بتدمير حياة الناس ويتسبب الإغلاق الاقتصادي في تراجع استهلاك النفط، ويبدو أن الوضع يتجه نحو وفرة طائشة في الإنتاج، لكن هناك طريقا طويلا يجب قطعه قبل أن تعود أسواق النفط الخام إلى طبيعتها.
اللقاح وقطاع السفر
تمثل اللقاحات بلا شك أخبارا جيدة، لكن هناك بعض الإشكاليات -كما يقول الكاتب- فمن المنتظر أن يستغرق تطعيم نسبة كبيرة من الناس عدة أشهر، وحتى في ظل برنامج التطعيم الشامل الجاري تنفيذه في المملكة المتحدة، حذّر وزير الصحة مات هانكوك، يوم الخميس من أنه “خلال الأشهر القليلة المقبلة لن يكون لدينا حماية كافية” لتخفيف القيود، كما لا يُعرف حتى الآن ما إذا كان الأشخاص الذين تلقوا اللقاح قادرين على نقل العدوى أم لا.
ومن المرجح أن تشهد العديد من البلدان المزيد من إجراءات الإغلاق في الفترة القادمة، كذلك، لا يزال يتعين على الناس الصمود خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي، وهي الفترة التي من المتوقع أن يتفاقم خلالها انتشار الفيروس، لأن التجمعات العائلية والاجتماعية الكبيرة خلال العطلات سوف تتسبّب في نقل العدوى، ومن المؤكد أن الزيادات الحادة في عدد الحالات ستؤدي إلى فرض مزيد القيود على السفر وإلحاق أضرار أخرى بالاقتصاد.
وحسب الكاتب، لن يحدث التعافي من تأثير الفيروس على النشاط الاقتصادي بين عشية وضحاها، فعلى سبيل المثال، بلغت الرحلات الجوية التجارية 60% من مستويات العام الماضي، بعد تعثرها في أغسطس/آب.
وكان قطاع السفر الدولي الأكثر تضررا، وهو الذي يعتبر أكبر مستهلك للوقود، وتعتمد عودة الرحلات الجوية إلى المستويات العادية على ثقة الحكومات في أنظمة التطعيم وسرعة توزيع اللقاح ومدى تعميمه، وهو ما يهدد باستمرار إغلاق الأجواء بين الدول.
مسار طويل
يرى الكاتب أنه لا ينبغي مراقبة تطورات أزمة كورونا فقط، فزيادة التعريفات الجمركية على التجارة الدولية والخروج الفوضوي للمملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب احتمال تعرض الرئيس الأميركي الجديد للعراقيل في مجلس الشيوخ، قد تؤدي جميعها إلى إبطاء وتيرة التعافي الاقتصادي.
وحتى عندما يبدأ استهلاك الوقود المخصص للنقل والصناعة في الارتفاع، وهو ما يُتوقع حدوثه في العام المقبل، هناك مسار طويل يجب قطعه قبل أن يترجم ذلك إلى زيادة مماثلة في الطلب على النفط الخام، علما بأن هناك فائضا هائلا من المخزونات التي تنتظر التوزيع في الأسواق.
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، ارتفعت هذه المخزونات في نهاية سبتمبر/أيلول بنسبة 9% على أساس سنوي في البلدان المتقدمة التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وحسب الكاتب، فإن المتفائلين قد يركزون على أن واردات الصين من النفط الخام في طريقها للارتفاع بنسبة 10% هذا العام، ولكن ذلك يرجع في الغالب إلى مستويات شراء قياسية خلال فترة انهيار الأسعار، وقد ذهبت الكثير من الإمدادات الإضافية إلى صهاريج التخزين.
وفي ظل ارتفاع مستويات العرض، ستضيف مجموعة أوبك بلس 500 ألف برميل يوميا إلى إمدادات النفط في الشهر المقبل، وهذا يعد أقل مما كان مخططا له في البداية، لكنه قد يكون كافيا لقلب موازين الاستهلاك العالمي المتوقع في مخزونات النفط في النصف الأول من عام 2021.
وارتفاع أسعار النفط الخام المسجل في الأسابيع الأخيرة، سيشكل ضغطا على هوامش التكرير ويحول دون إقدام المصانع على سحب النفط الخام من الخزانات وتحويله منتجات مكررة، ويتمثل الحل الوحيد لتحسين الهوامش في ارتفاع أسعار المنتجات المكررة أو انخفاض أسعار النفط الخام.
المصدر : بلومبيرغ