الى وقت قريب كانت تركيا تراقب عن كثب عملية قيام إيران ببيع الكهرباء الى العراق وهي تجني ملايين الدولارات من تلك العملية غير المكلفة طامحة الى دخول المنافسة وتجهيز بلد يعاني من نقص مزمن في الطاقة الكهربائية.
ويبدو أن مراوغات ايران وعدم انتظام عملية تجهيزها للطاقة الكهربائية وما تمخضت عنه زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الأخيرة الى أنقرة قد سهلت دخول تركيا بلدا مجهزا للكهرباء في العراق.
وفي هذا الصدد، أعلنت تركيا انها سوف تبدأ الإثنين تصدير الكهرباء إلى العراق، عبر خط سيلوبي- زاخو لمدة 11 شهرا.
ويأتي ذلك بعد منح هيئة تنظيم سوق الطاقة في تركيا، ترخيصا لشركة “أكسا أكسن” لتجارة الطاقة، بتصدير 150 ميغاوات من الكهرباء للعراق.
وبموجب العقد المبرم مع الجانب العراقي سيبدأ تزويد العراق بالكهرباء اعتبارا من 28 ديسمبر الحالي وحتى 1 نوفمبر 2021.
يشار إلى أن تركيا تصدر الكهرباء في الوقت الراهن إلى 3 دول هي جورجيا واليونان وبلغاريا.
وأعرب عن ثقته بأن تركيا ستزيد حجم صادراتها من الكهرباء في 2021.
وعلى صعيد متصل أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، في وقت سابق اليوم، أن إيران قررت تخفيض تجهيز العراق بوقود الغاز من 5 ملايين إلى 3 ملايين متر مكعب لعدم تسديد الديون، محذرةً من أن هذا سيجعل تجهيز الكهرباء شبه معدوم في بغداد والفرات الأوسط، فيما سيزور وزير الطاقة الإيراني العراق الثلاثاء المقبل لبحث تجهيز الغاز والمستحقات المالية.
ويأتي قرار تخفيض نسبة تجهيز الغاز الإيراني بعد أسبوعين من اتخاذ قرار مماثل لخَفَض نسبة التجهيز من 50 مليون متر مكعب إلى 5 ملايين متر مكعب.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى إن “التخفيض سيجعل تجهيز الكهرباء شبه معدوم في بغداد والفرات الأوسط”، مبيناً أن “الحديث عن انقطاع تام للتيار الكهربائي في حال تقليل الغاز من الجانب الايراني غير صحيح لأن الوزارة لديها من المنتج الوطني من إنتاج الطاقة من المحطات التي تعمل بالوقود السائل وتعمل على الغاز الوطني، لكن التخفيض الإيراني سيسبب تراجعاً كبيراً بساعات تجهيز الكهرباء”.
تحاول تركيا اتخاذ أزمة الكهرباء في العراق بوابة للنفاذ إلى اقتصاد جارها النفطي، والذي جعلت منه تجربته السياسية القائمة منذ حوالي 16 سنة نموذجا في سوء التصرّف في الثروات وهدرها.
وبينما يعاني العراق من نقص إنتاج وإمدادات الطاقة الكهربائية اللازمة لتلبية حاجة الاستهلاك اليومية، تملك أنقرة فائضا في الكهرباء، ما يمهد لاحتمالية عملية تصديره لبغداد التي لم تستطع فك ارتباطها بالإمدادات الإيرانية.
وتجد تركيا في العراق، لاسيما قطاعه النفطي، متنفّسا اقتصاديا مناسبا في ظلّ حالة التراجع التي يعيشها الاقتصاد التركي تحت تأثير التوتّرات السياسية، التي أثارتها سياسات حكومة حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
ولكن سيتعيّن على أنقرة أن تنافس بشراسة على حصّة في الكعكة العراقية، إذ ستكون في مقدّمة منافسيها إيران التي تحمي نفوذها في العراق عبر طبقة واسعة من السياسيين وقادة الميليشيات النافذين.
أحوال تركية