لندن – حذر رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي من “جائحة جوع” تولد من رحم فايروس كورونا الذي أوقف عجلة إنتاج الغذاء ودفع الملايين من الأشخاص إلى هاوية الجوع في 2020.
وذكر بيزلي “حتى قبل انتشار جائحة كورونا، كان 135 مليون شخص يسيرون نحو حافة المجاعة. وقد يتضاعف هذا إلى 270 مليونا في غضون بضعة أشهر قصيرة”.
ونبه بيزلي، الذي حصلت منظمته في روما على جائزة نوبل للسلام لعام 2020، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى أن العالم يواجه “جائحة جوع” و”مجاعات متعددة”.
وشدد على أن هذه التحذيرات مدعومة بأدلة أقوى اليوم، مشيرا إلى أن بوركينا فاسو ونيجيريا وجنوب السودان واليمن واجهت مجاعة وأن التأثير الكامل لجائحة كورونا لم يظهر بعد في العديد من الأماكن.
وقالت أسمهان الوافي، كبيرة العلماء في منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، إن المزارعين وسكان الحضر الفقراء يتحملون حتى الآن العبء الأكبر من الوباء، مما يعني أن عدم المساواة بين الدول وداخلها يمكن أن يتعمق أكثر في عام 2021.
وأضافت أن المزارعين المنقطعين عن الأسواق بسبب تراجع طلب الزبائن، كافحوا لبيع منتجاتهم بينما وجد العمال غير الرسميين في المناطق الحضرية أنفسهم عاطلين عن العمل بسبب فرض الإغلاق. وكنتيجة لذلك، اضطر ملايين الأشخاص، من تكساس وجنيف إلى بانكوك وأكرا، إلى الاعتماد على المساعدات الغذائية لأول مرة.
ويحتاج أكثر من خمسين مليون شخص في شرق أفريقيا ووسطها إلى مساعدات غذائية طارئة، ويتوقع أن ترتفع هذه الأرقام مع استعداد المنطقة لموجة جفاف قاسية مرتبطة بنمط مناخ النينا، فضلاً عن المزيد من أسراب الجراد.
وقالت أغنيس كاليباتا، المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة لقمة أنظمة الغذاء 2021، إنه مع اقتراب عام 2020 من أن يكون أحد أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق، شهد المزارعون الأفارقة بالفعل زيادة في الظروف المناخية القاسية بالإضافة إلى الآفات التي تدمر المحاصيل.
وحذر تقريران حديثان للأمم المتحدة من أن جائحة فايروس كورونا قد تتسبب في ارتفاع معدلات الفقر المدقع.
وقال أحدهما إن واحدا من كل 33 شخصا سيحتاج إلى مساعدات إنسانية لتلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه في عام 2021، بزيادة قدرها 40 في المئة عن هذا العام.
وقال تقرير آخر إن مليار شخص قد يقعون فريسة للفقر بحلول عام 2030.
وقال سليم الحق، مدير المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية في بنغلاديش، إن جائحة كورونا تعتبر نذيرًا لما ستحدثه أزمة المناخ.
وأضاف “الفايروس يصيبنا في غضون أيام وشهور. ونأمل أن ينتهي في غضون عام أو عامين، إذا سارت الأمور على ما يرام مع اللقاح. لكن مشكلة تغير المناخ ستستمر لفترة أطول بكثير. ومن المحتمل أن يؤثر ذلك على إنتاج الغذاء، في جميع قارات العالم، وخاصةً على الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية”.
وقالت دراسة حديثة بقيادة جامعة أكسفورد، إن العمل المناخي غالبا ما يركز على خفض انبعاثات الاحتباس الحراري من الطاقة والنقل، لكن تحويل النظم الغذائية أمر حاسم أيضا للحفاظ على معدلات الاحتباس الحراري في مستويات يمكن التحكم فيها.
وحذر التقرير من أنه حتى لو تم القضاء على انبعاثات الوقود الأحفوري على الفور، فإن إنتاج الغذاء قد يدفع درجات الحرارة إلى الارتفاع 1.5 درجة مئوية عما كانت عليه قبل العصر الصناعي، وهو أدنى هدف في اتفاقية باريس للمناخ.
وقال مايكل كلارك المؤلف الرئيسي للتقرير، إن تغيير الشبكة المعقدة بوتيرة متسارعة والشبكة العالمية المتزايدة للأنظمة الغذائية يمثل تحديا كبيرا، لأسباب ليس أقلها عدم وجود بدائل للطعام.
وأضاف أن جعل إنتاج الغذاء أكثر استدامة سيتطلب التركيز على كيفية نموه وما يتم استهلاكه وطرق تقليل الفاقد منه والهدر.
وعززت عمليات الإغلاق بسبب الوباء المواقف المتغيرة في الدول الغنية تجاه نفايات الطعام واستهلاك اللحوم، وكلاهما يتسبب في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ويرى الخبراء أن التركيز الضيق على إنتاجية المحاصيل جاء على حساب البيئة والتغذية، كما قال جيمس لوماكس، خبير نظم الغذاء في برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة.
وأضاف لوماكس أن الكثيرين في صناعة المواد الغذائية بدأوا يفهمون ذلك أيضا، حتى قبل أن يعطل فايروس كورونا سلاسل التوريد، ويأتى على الأرباح ويسلط الضوء على الروابط بين الزراعة والمنتجات الحيوانية والأمراض التي تنتج عن المنتجات الحيوانية.
ويطالب خبراء مؤتمرات القمة رفيعة المستوى، المقرر عقدها العام المقبل حول القضايا المرتبطة بالغذاء والصحة والطبيعة والمناخ، بتغيير طريقة إنتاج الطعام واستهلاكه بشكل جذري. وقالت أسمهان الوافي “لدينا فرصة لتصحيح الأمر”، ولاسيما أن التجمعات تفكر بطريقة مماثلة.
وتأمل مبعوثة الأمم المتحدة كاليباتا أن تسفر قمة النظم الغذائية عن أهداف طموحة وأن توضح ما يجب أن تفعله الدول والمجتمعات والشركات بشكل مختلف خلال العقد المقبل، بالإضافة إلى المزيد من التمويل للمساعدة في تحقيق تلك الأهداف.
وقالت جيسيكا فانزو، أستاذة السياسة الغذائية العالمية والأخلاق في جامعة جونز هوبكنز، إن “الحلول موجودة بالفعل لجعل النظم الغذائية مستدامة وصديقة للبيئة، مثل علف الماشية القائم على الأعشاب البحرية لتقليل انبعاثات الميثان والوجبات الغذائية النباتية”.
وأضافت أن “الإرادة السياسية مطلوبة لدفع هؤلاء إلى الصدارة”. وكما هو الحال مع تغير المناخ، تأمل أن تظهر حركة شبابية حول الغذاء للدعوة إلى عمل تغيير أكثر طموحًا.
وأشارت إلى أن معظم الناس يشاركون في النظم الغذائية في العالم مرتين أو ثلاث مرات في اليوم عندما يأكلون. وأضافت “يجب أن يكون الغذاء شيئًا يقدره المجتمع بشدة، لكن الأمر لا يبدو كذلك”.
العرب