أيام ترمب الأخيرة لا تزال تمثل كابوساً لإيران

أيام ترمب الأخيرة لا تزال تمثل كابوساً لإيران

لا يزال النظام الإيراني ينظر بريبة للتحركات العسكرية في المنطقة، وسط توجس طهران من أيام ترمب الأخيرة في البيت الأبيض، وهو الرجل الذي يصعب التنبؤ بما يفعل.

وعلى الرغم من إعلان وسائل الإعلام الأميركية قبل نحو شهر، أن ترمب المنتهية ولايته تراجع عن توجيه ضربة إلى إيران، فإن كابوس ذلك لا يزال يسيطر على حكومة روحاني التي حذرت اليوم الاثنين 28 ديسمبر (كانون الأول) من تجاوز “خطوط حمر” متعلقة بأمنها في الخليج، بعد تقارير صحافية عن تحركات لغواصة إسرائيلية باتجاه المنطقة، مشددة على أنها ستدافع عن نفسها ضد أي “مغامرة” قد تقدم عليها إدارة دونالد ترمب في أيامها الأخيرة.

وأعلنت البحرية الأميركية الأسبوع الماضي، أن غواصة نووية أبحرت في مضيق هرمز، في خطوة اعتبرت عرضاً للقوة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال اللواء الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية في العراق.

إسرائيل مصدر قلق

وبعيداً ذلك، نقلت تقارير صحافية أجنبية عن وسائل إعلام إسرائيلية، أنباء عن عبور غواصة إسرائيلية قناة السويس في طريقها إلى الخليج أيضاً.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة في مؤتمر صحافي الاثنين رداً على سؤال بشأن هذه التقارير “يدرك الجميع ما يعنيه الخليج بالنسبة إلى إيران”.

وأضاف “يدرك الجميع سياسات الجمهورية الإسلامية في إيران في مجال الأمن والدفاع الوطني، ويعرفون جيداً إلى أي حد سيكون الخطر مرتفعاً في حال أرادوا تجاوز الخطوط الحمر لإيران”.

ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي رسمياً التقارير عن تحرك غواصتها.

وإسرائيل هي العدو اللدود لإيران في الشرق الأوسط، وسبق للـ “جمهورية الإسلامية” أن اتهمتها بالوقوف خلف عمليات عدة استهدفتها، آخرها اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قرب طهران.

ويعتقد المراقبون على نطاق واسع أن توحيد جبهة المنطقة ضد إيران بين أهم الأسباب التي دفعت دولاً في المنطقة بتشجيع من واشنطن إلى عقد اتفاق سلام مع إسرائيل، التي تشترك معها في رفض المخططات الإيرانية، التي أفضت إلى تهديد استقرار معظم دول الإقليم، خصوصاً العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وتستعد إيران هذا الأسبوع لإحياء ذكرى سليماني القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الذي اغتيل بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد في الثالث يناير (كانون الثاني) 2020.

وترافق اقتراب موعد الذكرى مع اتهام واشنطن لطهران بالوقوف خلف هجوم صاروخي استهدف سفارتها في العراق، وهو ما نفته إيران، مجددة رفضها لاستهداف البعثات الدبلوماسية.

لهجة التهدئة

وقال خطيب زادة “بعثنا عبر قنوات مختلفة رسائل إلى الحكومة الأميركية ولأصدقائنا في المنطقة، لئلا يندفع النظام الأميركي الحالي نحو مغامرة جديدة في المنطقة في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض”. ولم يحدد المتحدث هذه القنوات، وفقاً لتقرير “فرانس برس”.

وأضاف “نحن لا نبحث عن التوتر، لم نبحث عنه، ولن نبحث عنه، لا سيما في المنطقة. لكن ليس لدينا أدنى شك في الدفاع عن بلدنا”، مبدياً أمله في أن “يتمكن العقلاء في واشنطن من ضبط التوترات”.

وشهدت العلاقات المقطوعة منذ نحو أربعة عقود بين طهران وواشنطن، توتراً متزايداً في عهد ترمب، الذي اعتمد سياسة “ضغوط قصوى” على الجمهورية الإسلامية، وقام عام 2018 بالانسحاب أحادياً من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران.

ومنذ صيف 2019، وجد البلدان نفسيهما أمام احتمال الانخراط في مواجهة مباشرة، خصوصاً بعد اغتيال سليماني بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد.
وتكشف لهجة المسؤولين في الإدارة الإيرانية حجم المخاوف التي تساورهم نحو ما يعتزم ترمب فعله، قبل وصول خلفه جو بايدن إلى الحكم، هذا على الرغم من تأكيد الإيرانيين أنهم لا يعولون كثيراً على بايدن لتغيير سياسة بلاده الخارجية، في تشكيك مبكر في نوايا زعيم الحزب الديمقراطي التي أبداها أثناء حملته الانتخابية، ومن بينها العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران، الذي كان عقده شريكه في الحزب الرئيس الأسبق باراك أوباما، قبل أن يمزقه ترمب.

ظريف ونجاد يخشيان الحرب

في هذا السياق استدعى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على حسابه في “تويتر” قبل أيام، غزو العراق في 2003 من جانب الرئيس جورج بوش، وهو يعلق بذلك على صورة جمعت بين ترمب ونتنياهو.

وقال “في المرة السابقة، دمرت الولايات المتحدة منطقتنا بسبب تلفيق أسلحة الدمار الشامل، وأهدرت 7 تريليون دولار وتسببت في 58976 ضحية أميركية. ما هو أسوأ بكثير سيحدث هذه المرة (إن فعلها). سيتحمل ترمب المسؤولية الكاملة عن أي مغامرة في طريقه للخروج”.

وكان الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد أعرب هو الآخر في حوار على قناة “الشرق” مع الزميل عضوان الأحمري أمس، عن خشيته من التهديدات والمغامرات التي قال، إنها دائماً تأتي من الخارج، مذكراً بحرب العراق ضد إيران والكويت وأيضاً الغزو الأميركي.

ومع رفضه الإجابة صراحة عن سؤال مقدم البرنامج، حول ما إذا كان يتوقع ضربة أميركية لإيران كما يتردد، إلا أنه أقر بأن المنطقة على “شفا الحرب” هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، وإن كان هو يتمنى ألا يكون ذلك واقعاً ملموساً في الإقليم.

وألقى نجاد الذي لم يؤكد ولم ينف عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية في إيران مجدداً باللائمة على القوى الخارجية في ما تشهده المنطقة، بينما “نحن منذ مئات السنوات نعيش إلى جانب بعضنا متحابين وأصدقاء. القوى الخارجية هي التي تعرقل. يجب أن نقوي عوامل المحبة واليقظة المتبادلة. القوى العالمية تريد بث الفرقة وحروب واشتباكات ليتمكنوا من بيع أسلحتهم. تخيلوا لو توحدت السعودية وإيران وجميع دول المنطقة، ماذا يحدث في العالم؟، هذا يخدم العالم ويغير المعادلة وموازين القوى لصالحنا”.

مصطفى الأنصاري

اندبندت عربي