حافظ النظام المالي الأميركي على قوته خلال الأشهر العشرة الأولى من الجائحة، ويعود الفضل في ذلك للاستجابة الفدرالية التي لم يسبق لها مثيل، والطابع الفريد لكساد فيروس كورونا. ومع أن الاقتصاد المتضرر ما زال بعيدا عن التعافي التام، فإن معظم المخاوف المبكرة بشأن أسواق السندات المجمدة وتراجع الأسهم قد تلاشت.
في تقرير نشرته صحيفة “ذا هيل” (The Hill) الأميركية، استعرض سيلفان لين بعض المخاطر المستجدة لعام 2021 التي تنطوي على المستقبل الغامض للاقتصاد الأميركي والمساعدات الفدرالية.
ارتفاع هائل بالأسهم
كان سوق الأسهم من بين أولى القطاعات الاقتصادية التي تضررت بسبب الجائحة، إلا أنه كان أيضا من أولى القطاعات التي تمكنت من التعافي بشكل تام.
وفي حين أن أسعار أسهم الشركات بالقطاعات الأشد تضررا لا تزال منخفضة، فقد أدى ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا وانتعاش الصناعات الأخرى -التي لم تقوضها الجائحة- إلى ارتفاع قياسي في مؤشرات الأسهم الرئيسية.
واستبعد الكاتب أن تشهد البلاد أزمة حادة جديدة مثل أزمة كورونا، ما لم يحدث انهيار اقتصادي أو صحي شامل، لكن بعض الخبراء يقولون إن المستثمرين يستعدون للتقلبات الاقتصادية في يناير/كانون الثاني الحالي، ويعود ذلك جزئيا لانتخابات الإعادة بولاية جورجيا التي ستحدد الحزب المسيطر على مجلس الشيوخ.
هذا ما أكده بريان أوفربي كبير محللي السوق في “آلي إنفيست” الذي قال “تبعث مؤشرات سوق الأسهم على عدم اليقين بحلول العام الجديد، قلما نشهد تسجيل معظم المؤشرات الرئيسية مستويات قياسية جديدة، بينما مؤشر التقلب يستقر في نسب تتراوح بين 21 و24%”.
ارتفاع أسعار العقارات
أدت أسعار الفائدة المنخفضة للغاية، وشهور من العمل عن بعد، إلى زيادة كبيرة في مبيعات المنازل وارتفاع أسعار البيع، وتسبب الطلب في انحسار أعداد المنازل المتاحة، مما زاد من متوسط أسعار العرض بنسبة 13.3% مقارنة بعام 2019.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأت أشغال تشييد أكثر من 1.5 مليون منزل، وارتفعت تصاريح البناء إلى أعلى مستوى لها منذ سبتمبر/أيلول 2006.
وحالت معايير الإقراض الصارمة دون تقديم البنوك قروضا عالية المخاطر مثل تلك التي غذت الفقاعة العقارية قبل الأزمة المالية عام 2007، وتسببت في الركود الاقتصادي. لكن عدم استقرار الاقتصاد والفجوة الهائلة بين مالكي المنازل والمستأجرين قد يتسببان في مزيد ارتفاع الأسعار عام 2021.
سنّت الحكومة الفدرالية العديد من قوانين لحماية المواطنين من حبس الرهن والإخلاء، إلا أن مدة سريان هذه القوانين تنتهي بنهاية يناير/كانون الثاني الحالي، ويقدر الخبراء أن عشرات الملايين من الأسر قد تواجه قرارات الإخلاء أو حبس الرهن حينها، وعدم القدرة على دفع الإيجار المستحق عام 2020 مما قد يتسبب في تشريد ملايين المستأجرين.
ولن يكون ذلك مجرد كارثة اقتصادية، بل من شأن الخسائر الهائلة التي سيتكبدها العاملون في مجال الرهن العقاري أن تؤثر على المنظومة المالية ككل.
وحسب عضوة مجلس الاحتياطي الفدرالي ميشيل بومان فإنه “كان من الممكن أن تتسبب حالات التخلف والعجز عن السداد التي شهدناها الربيع الماضي في إفلاس بعض الشركات العقارية، خاصة إذا لم تتحقق الزيادة في دخل التأسيس وإعادة التمويل”.
مشاكل العقارات التجارية
بعد ما يقارب من عام من العمل عن بعد، يتلهف الكثيرون للعودة إلى مكاتبهم، لكن خبراء الصناعة يقولون إن العديد من الشركات تتخذ قرارات لتقليص حيز المكاتب، أو البحث عن مبان في مناطق أرخص ثمنا، أو التخلص من مقرها تماما.
يقول كالفن شنور كبير الاقتصاديين في “ناريت” (Nareit) “القطاعات التي لا تتطلب تفاعلا وجها لوجه، مثل مراكز البيانات، شركات الاتصالات، المرافق اللوجستية، تعافت بسرعة من الصدمة الأولية للجائحة، واستفادت من الاقتصاد الناشئ عن التباعد الاجتماعي والعمل والتسوق من المنزل، مما رفع الطلب على خدمات الاتصالات الرقمية والتجارة الإلكترونية، بينما معظم أنواع العقارات التقليدية تشهد ارتفاعًا في معدلات الشغور أو انخفاض الإيجارات أو كليهما”.
خسائر القروض
أمضت البنوك الأشهر الستة الأولى من 2020 في تعزيز مخصصاتها استعدادا لخسائر الائتمان (الأموال المخصصة لتغطية القروض التي لن يتم سدادها) ويبدو أن الاحتياطي الفدرالي واثق في قدرة البنوك على تحمل كل ما يحمله عام 2021 من مخاطر، حيث سمح يوم الجمعة الماضي لأكبر البنوك التي يشرف عليها باستئناف دفع أرباح المساهمين بعد تجميد الأصول في وقت سابق من هذا العام.
مع ذلك، صوتت لايل برينارد عضوة مجلس الاحتياطي الفدرالي ضد هذا القرار، بحجة أن “الحكمة تستدعي تقليل المدفوعات للحفاظ على قدرة إقراض الأسر والمقترضين خلال شتاء مليء بالتحديات”.
المصدر : الصحافة الأميركية