حسب عدد مجلة «نيوزويك» الصادر في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي فإن الجيش الأمريكي كان قد أصدر مذكرة حمراء قبل أسابيع من الحدث الأخير، تحسبا من طلب دعم الجيش الأمريكي لإعادة السلم الأهلي خلال فترة التنصيب وانتقال السلطة، وأن قيادة الجيش اتخذت هذا القرار من دون التشاور مع ساكن «البيت الأبيض»، وأن قيادة القوات المسلحة الأمريكية كانت متأهبة لاحتمال ارتكاب ترامب أزمة، عبر تحريض الميليشيات الخاصة شبه المسلحة المؤيدة له لتخريب عملية انتقال السلطة ولإثارة العنف في العاصمة.
من المفيد التذكير، أنه حتى قبل استلامه للسلطة، فإن ترامب كان قد هدد عدة مرات باستخدام القاعدة الجماهيرية المؤيدة له، وضمنهم ميليشيات مسلحة، وتنظيمات يمينية متطرفة، في حال أن نتائج الاقتراع لم تؤد إلى نجاحه وإسقاط هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية للرئاسة آنذاك.
رغم أن مؤيدي ترامب نفذوا سيناريو «منقحا» للعملية التي كان الجيش الأمريكي متأهبا للتصرف تجاهها، لكن مفاعيل الاجتياح الذي تعرّض له الكابيتول (المبنى الذي يقع فيه مجلسا النواب والشيوخ الأمريكيان)، كانت هائلة، على الصعيدين الأمريكي والعالمي، وكان من تداعياته دعوة كثير من السياسيين والكتاب والإعلاميين والناشطين لعزل ترامب، بعد تسببه بتلك العاصفة السياسية – الأمنية غير المسبوقة.
في شرحه لضرورة عزل ترامب، كتب المخرج الأمريكي الشهير مايكل مور، تغريدة على موقع «تويتر»، قال إن الرئيس المنتهية ولايته خلال أقل من أسبوعين، هو التهديد الأول للأمن الوطني الأمريكي، كونه خطط، وهيّج، وحرّض، ونظّم هجوما إرهابيا على الكابيتول، مما أدى لمقتل أشخاص، ولارتكاب الآلاف من المهاجمين لجريمة».
اختار كثيرون، بينهم سياسيون وإعلاميون، تعبيرات مخفّفة تراوحت بين أوصاف «المرض العقلي»، و»الجريمة السياسية»، وقام وزراء وموظفون كبار ضمن إدارته بالاستقالة، وبدا الرئيس الأمريكي، لأول مرة في تاريخه السياسي، مضطرا للتراجع، والإقرار أخيرا بهزيمته أمام بايدن، بل إنه هاجم أيضا الأشخاص الذين قام بتحريضهم، واعتبره ما حصل «هجوما مقيتا».
أشار بعض الناشطين في حركة «حياة السود مهمة» إلى ما اعتبروه انحياز الأجهزة الأمنية لصالح المتظاهرين المؤيدين لترامب، وهو ما يفسّر دخولهم بسهولة إلى مقرات الكونغرس، وذكروا بالقرارات الصارمة التي اتخذها ترامب ضد مناصري الحركة المناهضة للعنصرية، وتساءل بعضهم ما الذي كان سيحصل لو أنهم هم من قاموا باجتياح الكونغرس.
توصيف بعض المعلقين لترامب بالإرهابي، واعتبار بعض السياسيين أنه «مريض عقلي»، يعيد تذكير المسلمين والعرب بالاستخدام المنحاز لهذين الوصفين، كلّما حصلت عملية عنف، فإذا كان المرتكب مسلما فإنه يصنّف مباشرة تحت مسمى الإرهاب، ويتابع الإعلام الأمر بطريقة تفصيلية، أما إذا كان يحمل اسما مثل أنتوني وورنر، وهو أحد أنصار ترامب، والمنفذ لعملية انتحارية في مدينة ناشفيل مؤخرا، فإن لا أحد يهتم بما حصل، والأغلب أن يعتبر المنفذ «مريضا عقليا».
القدس العربي