حين أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية عن “مرض تنفسي غامض مجهول المنشأ” ظهر في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي، آخر يوم من العام 2019، كان العالم يتعرّف للمرة الأولى على فيروس كورونا.
في البدء، تم تقديم كورونا على أنه وباء محلي أو إقليمي ينتشر في الصين ومحيطها، إلا أنه سرعان ما تجاوز الحدود وتحول إلى جائحة تهدد الصحة العامة، وتتفشى في جميع أنحاء العالم.
وعلى مدار العام الماضي، تابع العالم بكثير من الترقب والاهتمام جميع التطورات المتعلقة بالفيروس، وصارت القضايا المتعلقة بـ”تدابير السيطرة على الوباء” الشغل الشاغل في أجندة الأعمال الرئيسية لجميع البلدان.
ولأول مرة، جرى تشخيص المرض لأشخاص سبق وأن زاروا سوقًا للمأكولات البحرية في مدينة ووهان الصينية، ونُقل المريض الأول إلى المستشفى في 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد إصابته بـ”مرض تنفسي” مجهول السبب، قبل أن يتبين أن المرض الذي تسبب بالتهاب في رئتيه كان نتيجة فيروس جديد غير معروف.
خلال الأشهر التالية، انتشر الفيروس من ووهان إلى مدن أخرى في الصين.
إخفاء معلومات حول الفيروس
بناءً على تقرير أعدته وزارة الأمن العام الأمريكية في 20 أغسطس/آب الماضي، نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن “مسؤولين في الحزب الشيوعي الصيني بمدينة ووهان أخفوا عن الحكومة المركزية معلومات تناولت وجود فيروس مجهول”.
ادعت الوزارة أن السلطات في ووهان تجنبت تقديم معلومات إلى الحكومة المركزية الصينية حول الوباء، معتقدة أنه قد يعطّل برنامجًا للحزب الشيوعي الصيني كان من المقرر انعقاده بالمدينة في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وفي 23 من يناير/ كانون الثاني الماضي، فرضت الحكومة الصينية حظرًا على مدينة ووهان البالغ عدد سكانها نحو 11 مليون نسمة، إلا أنها لم تمنع ملايين الصينيين من السفر إلى جميع أنحاء البلاد لقضاء عطلة رأس السنة الجديدة التي تبدأ في الـ24 من الشهر ذاته، وفق التقويم الصيني.
أولى الإصابات
وجدت الأبحاث التي أُجريت في الأشهر التالية، دلائل على أن الفيروس ربما بدأ في الانتشار حول العالم اعتبارًا من الأشهر الأولى لانتشاره في الصين.
ووجد باحثون من المركز الأمريكي لمكافحة الأمراض الفيروسية أجسامًا مضادة تم إنتاجها ضد فيروس كورونا، وذلك خلال الاختبارات التي أُجريت على تبرعات الدم التي جمعها الصليب الأحمر الأمريكي في تسع ولايات، خلال الفترة ما بين 13 ديسمبر/كانون الأول 2019 و17 يناير/كانون الثاني 2020.
كما عُثر على نتائج مماثلة في فرنسا وإيطاليا.
أعلنت منظمة الصحة العالمية في 7 يناير/ كانون الثاني الماضي، أن سبب المرض الغامض هو “نوع جديد من فيروس كورونا”، وأطلقت على هذا الفيروس التاجي، الذي يُعتقد أنه نسخة متطورة (متحوّرة) عن فيروس “بيتاكورون” الموجود في الخفافيش، اسم “2019-nCov”.
وفي 13 يناير/ كانون الثاني سُجلت في تايلاند أول حالة إصابة خارج الصين، وبعدها بثلاثة أيام جرى تشخيص إصابة في اليابان، وفي 21 من الشهر نفسه، اكتُشفت أول حالة في الولايات المتحدة.
انتشر الفيروس في العديد من البلدان، فيما توالت أخبار تعافي عدد كبير من المصابين به في هونغ كونغ وتايوان وسنغافورة وكوريا الجنوبية وأستراليا وماليزيا وفيتنام ونيبال.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية “حالة الطوارئ العالمية” بسبب كورونا في 30 يناير/ كانون الثاني، مانحة الفيروس في 11 فبراير/ شباط اسم “كوفيد-19”.
تفشي الوباء
عقب ذلك، بدأ تفشي فيروس كورونا في الصين والدول المجاورة، ففي كوريا الجنوبية سُجلت 229 حالة في 22 فبراير/ شباط، مما وضع البلاد في حالة تأهب.
وبعد أيام تحولت كل من إيران في الشرق الأوسط وإيطاليا في أوروبا إلى “أكثر مناطق انتشار الفيروس خارج شرق آسيا”، بعد أن سُجلت أولى حالات الإصابة في البلدين يوم 19 و21 فبراير/ شباط، على الترتيب.
الحجر الصحي
بعد أن اكتسب الوباء بُعدًا عالميًّا، اتخذ العديد من البلدان تدابير للحد من التواصل الجماعي بهدف وقف انتشار الفيروس.
كانت الإجراءات الرئيسية المتخذة لمنع انتشاره؛ هي الإغلاق المؤقت للأماكن التي يتواجد فيها الناس بكثافة، مثل المدارس والجامعات والمقاهي والحانات والمطاعم ومراكز الترفيه والتسوق والمكتبات ودور العبادة، وإلغاء المناسبات العامة.
وطلبت السلطات الرسمية من المواطنين “البقاء في منازلهم” ونصحتهم بتجنب التواصل الاجتماعي، والعمل من المنزل إن أمكن، فيما اتخذت المؤسسات العامة والشركات الخاصة إجراءات في هذا الاتجاه.
لكن ذلك لم يكن كافيًّا، لتُفرض إجراءات حظر التجول والحجر الصحي في معظم بلدان العالم، وفُرضت قيود على التنقل بين المدن والبلدان.
ضائقة اقتصادية
تسببت إجراءات الحظر التي نُفذت بدءًا من منتصف مارس/ آذار إلى أوائل يونيو/ حزيران، في تعطيل الإنتاج والتجارة والخدمات، الأمر الذي أدى إلى انكماش اقتصادي وخسارة الكثير من الوظائف.
ووفقًا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (منظمة دولية)، فإن أكبر 50 اقتصادا حول العالم، تعرض للانكماش في الربع الثاني من العام 2020 ووصلت نسبة الانكماش إلى 9.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
لكن الناتج المحلي الإجمالي في الصين نما بنسبة 3.2%، إذ نجت البلاد من الجائحة بأقل الأضرار، فيما شهد الاقتصاد الهندي أكبر انكماش بواقع 23.5%.
أشهر الربيع والصيف
أظهرت الإحصائيات في بداية مايو/ أيار الماضي، أن الولايات المتحدة تحولت إلى مركز للوباء في العالم، تليها الدول الأوروبية.
ووفقًا للإحصائيات الواردة في موقع “Worldometer”، كانت أوروبا وأمريكا الشمالية “الأكثر تضررًا من الوباء” في توزيع عدد الإصابات والوفيّات والمرضى الذين يتلقون العلاج.
وبحلول أوائل مايو/ أيار، كان ما يقرب من 76% من الإصابات في جميع أنحاء العالم، وحوالي 86% من الوفيات متركزة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
وفي فصل الصيف، أدت زيادة الإصابات في أمريكا الجنوبية، وخاصة البرازيل ودول شبه القارة الهندية وروسيا، إلى تحول هذه المناطق لبؤرة جديدة لانتشار الفيروس.
شكل عدد الإصابات في قارات آسيا وأمريكا الجنوبية حوالي 15.6% لآسيا و5.9% لأمريكا الجنوبية من إجمالي الإصابات في العالم، في 4 مايو/ أيار، لترتفع هذه المعدلات إلى 22.4% لآسيا و21.7% لأمريكا الجنوبية في بداية يوليو/ تموز.
وفي أشهر الصيف، كانت الولايات المتحدة والبرازيل والهند والمكسيك البلدان التي سجلت أعلى عدد من الوفيات بسبب الفيروس.
الخريف وبداية الشتاء
استقبل العالم خريف 2020 تحت وطأة تزايد تفشي فيروس “كوفيد-19”، وفي النصف الشمالي من الكرة الأرضية، اكتسب الوباء زخمًا جديدًا عندما بدأت درجات الحرارة بالتدني وإصابة السكان بالأمراض الموسمية.
كان سبتمبر/ أيلول أسوأ شهر في الهند حيث بلغ عدد الإصابات المسجلة في الرابع من سبتمبر/ أيلول 87 ألفًا و115 حالة، ثم وصل العدد إلى 95 ألفًا و529 في التاسع من الشهر ذاته، و96 ألفًا و760 حالة يوم 10 سبتمبر، و97 ألفًا و654 في 11 سبتمبر.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل، اللتين كانتا الأكثر تضررًا من الوباء في الأمريكيتين، ارتفع عدد حالات الإصابة والوفيات مرة أخرى في الخريف.
ومع بدء فصل الشتاء، لوحظت زيادة جديدة في عدد الإصابات اليومية في العالم، حيث تجاوز العدد عتبة 600 ألف إصابة في 2 ديسمبر/ كانون الأول، و700 ألف إصابة في 11 من الشهر نفسه.
وبحلول نهاية 2020، سُجلت 83.5 مليون حالة إصابة بفيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، بينما توفي بسببه أكثر من 1.8 مليون شخص.
(الأناضول)