العراقيون بين آمال التغيير بالانتخابات… ومخاوف الذهاب إلى المجهول

العراقيون بين آمال التغيير بالانتخابات… ومخاوف الذهاب إلى المجهول

مع دخول العملية السياسية الحالية في العراق عامها الـ18 ما زال العراقيون يخشون الذهاب إلى المجهول مع أمل ضعيف بإمكانية تغيير واقع الحال بانتخابات يراد لها أن تكون مبكرة.

أشياء كثيرة تغيرت بين العام 2003 وأواخر عام 2019 حين اندلعت مظاهرة جماهيرية سرعان ما تحوّلت إلى حركة احتجاجية وانتفاضة جماهيرية كبرى هزت أركان الحكم، الذي تمثله طبقة سياسية عراقية جاءت إلى الحكم بعد الاحتلال الأميركي للعراق. قسم من هذه الطبقة جاء على ظهور الدبابات الأميركية والقسم الآخر ركب موجة التغيير الذي شابته الفوضى منذ البداية، وسط فشل أميركي كامل وبامتياز. وهكذا، بعد سنتين أو أكثر تحولت أميركا التي أسقطت النظام وخسرت أكثر من 5000 جندي قتيل وأكثر من 25 ألف جريح ومعاق وخسارة نحو 3 تريليونات دولار إلى محتل واجب مقاومته وطرده. ومع أن رؤية الطبقة السياسية اختلفت من حيث النظرة إلى الأميركيين بشكل أو بآخر، فإنها تمحورت الآن، ووسط الشد والجذب السياسي، إلى مقبولية كردية ـ سنية كاملة للوجود الأميركي ورفض شيعي كامل له.

والمفارقة أن العرب السنة في المحافظات الغربية من البلاد هم الذين بدأوا منذ وقت مبكّر عملية المقاومة للأميركيين، لكن نظرتهم إليه تغيرت من المقاومة الكاملة له إلى طلب المساعدة منه لقتال «القاعدة». وبينما رأى الكرد – وما زالوا يرون – في الوجود الأميركي في العراق «تحريراً» لهم من نظام صدام حسين، وبالتالي فهم لا يعتبرونه احتلالاً، اختلفت تماماً نظرة الشيعة. هؤلاء اختلفت رؤيتهم للوجود الأميركي بين مقاومة له مثّلها في البداية «التيار الصدري» إلى «مقاومة» من نوع آخر… ارتبطت هذه المرة بمحوَر أعمّ من العراق، هو الذي يُسمّى بـ«محور المقاومة» في المنطقة الذي تقوده إيران وتمثله فصائل عراقية مسلحة.

بعد عام 2003 تشكّلت في العراق ما سُمّي بـ«سلطة الائتلاف» التي كان يقودها حاكم مدني أميركي مطلق الصلاحيات (بول بريمر). لكن بعد نحو سنة سلمت هذه السلطة المؤقتة ما يُفترض أنه «حكم» أو «سلطة» إلى العراقيين. وبما أن هدف غالبية أحزاب المعارضة كان إسقاط صدام حسين من دون أن تضع خطة لـ«اليوم التالي» بعد تغيير نظامه فإنها وجدت نفسها من دون خريطة طريق للمستقبل. بل، كيف يمكن أن تبني دولة؟ وعلى أي الأسس يمكن أن تكون عليها الدولة التي ورثت الدولة العراقية التي كان عمرها لحظة سقوط بغداد في أبريل (نيسان) 2003 نحو 80 سنة؟

تلك الأحزاب والقوى لم تفكّر كثيراً بما يمكن أن تفعله. فقط اتفقت على توزيع المناصب والسلطات طبقا للمحاصصة العرقية والطائفية والحزبية، وعملت شكلاً ديمقراطياً للحكم طبقا لدستور كُتب بسرعة بإرادة شيعية ـ كردية أيام كان بينهما ما كان يُعرف بـ«التحالف الشيعي ـ الكردي» وجرى التصويت عليه على عجل. ومن بعد ذلك، بدأت الحياة البرلمانية عبر انتخابات شابها قدر كبير من التزوير.

الأهم في الأمر أن السلطة التي سلّمها بول بريمر إلى العراقيين بقيت «سلطة» إلى يوم الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 حين انطلقت المظاهرات التي اختزلت كل شعاراتها بشعار واحد من كلمتين هو «نريد وطنا».

الانتفاضة التي كلّفت أكثر من 560 قتيلاً وأكثر من 24 ألف جريح أسفرت عن إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، كما أدت إلى تغيير قانون الانتخابات ومفوضية الانتخابات. وبعد مرور أكثر من سنة على ذلك الحراك الجماهيري، اتخذ الصراع مستويات مختلفة بين حكومة (حكومة مصطفى الكاظمي) نصف مرضي عنها من «ثوار الانتفاضة» ونصف مغضوب عليها من القوى والأحزاب من مستويات مختلفة. ومع أن الحكومة وعدت بإنجاز الانتخابات المبكرة وحددت موعدها (6 – 6 – 2021)، وبإعادة هيبة الدولة عبر السيطرة على السلاح المنفلت، لم يتغير الكثير حتى الآن. ورغم مرور 18 سنة بقيت «سلطة» بريمر مجرد «سلطة» ولم تتحول إلى دولة.

– المفاجأة من برهم صالح

في الواقع، المفاجأة جاءت من الرئيس العراقي الدكتور برهم صالح الذي كان هو الآخر معارضا لصدام عبر الحزب الذي يحتل فيه موقعا قياديا (الاتحاد الوطني الكردستاني). فمع دخول العام الثامن أقر صالح – وهو أول إقرار رسمي من أعلى هرم السلطة في البلاد – بفشل منظومة الحكم بعد عام 2003، وفي حين زادت التوترات حدة بين واشنطن وطهران عشية حلول الذكرى الأولى في الثالث من يناير (كانون الثاني) عام 2021 لـ«حادثة المطار» التي أودت بحياة الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني، و«أبو مهدي المهندس» نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي»، أكد الرئيس العراقي في كلمته بمناسبة بدء العام الجديد أن «العراقيين يستحقون أكثر مما هم عليه الآن، في بلد أنعم الله عليه بالخيرات وبموقع جيوسياسي يمكّنهُ من أن يكون محطة التقاء المصالح الإقليمية والدولية، وأن يكون نقطة تواصل وتوازن بين الشعوب والدول… وهذا لن يتحقق من دون إبعاد العراق عن سياسة المحاور والتخندُقات الدولية، وأن يشغل العراق دورا فاعلا في إحلال السلام والأمن في المنطقة».

لقد أقر صالح بتصدع منظومة الحكم بعد عام 2003 قائلا إن «الأزمات المتتالية والتحديات تؤكد حجم وحقيقة الخلل البنيوي في النظام القائم وطريقة الحكم، وأن المسؤولية التاريخية والوطنية تقتضي العمل الجاد على إنهاء دوامة الأزمات التي تعصف ببلدنا». ونبّه على أن ذلك «يستوجب منا الإقرار بأن منظومة الحكم التي تأسست بعد عام 2003 تعرّضت إلى تصدع كبير، ولا يُمكنها أن تخدم المواطن الذي بات محروماً من أهم حقوقه المشروعة».

– عقد سياسي جديد

ورأى صالح أن العراق «بحاجة ماسة إلى عقد سياسي جديد يؤسس لدولة قادرة ومقتدرة وذات سيادة كاملة». وحول الصراعات السياسية التي يمر بها العراق قال: «من غير الممكن أن يتحمل المواطن العراقي ضريبة الصراعات والإخفاقات السياسية والفساد، إلى حد التلاعب بقوتهِ اليومي»، موضحا أن «هذا يستدعي مراجعات وقرارات إصلاحية جديدة تُبنى على الصراحة، وتستند إلى مبدأ أساسي في عدم زجّ المواطنين في الصراعات السياسية، إذ لا يمكن أن يُربط قوت المواطنين، ورواتب الموظفين في العراق، ومنهم أيضا في إقليم كردستان، بالصراعات السياسية وآفة الفساد».

كذلك دعا الرئيس العراقي لأن «تكون هناك أولوية في دعم الطبقات الفقيرة عبر حزمة إجراءات فاعلة وسريعة، ومواصلة الحرب على الفساد والمفسدين، إذ لا مجال للمحاباة والمجاملة على حساب سيادة البلد وفرض القانون وترسيخ مرجعية الدولة وحصر السلاح بيدها». وبشأن ورقة الإصلاح الحكومية المثيرة للجدل، قال: «تنتظرنا في العام الجديد استحقاقات مصيرية، تتمثلُ في إكمال مشروع الإصلاح من خلال التمهيد لانتخابات مبكرة عادلة ونزيهة، تضمنُ حق الناخب العراقي في الاختيار بعيداً عن التلاعب والتزوير والضغوط وسرقة الأصوات».

– أزمة نظام وطبقة سياسية

في هذا السياق، يقول الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي في العراق» لـ«الشرق الأوسط» إن «ما تحدث به الرئيس برهم صالح يمثل قراءة دقيقة وواقعية لطبيعة الأزمة السياسية في العراق التي هي أزمة نظام وأزمة طبقة سياسية وأزمة شعب حيال الطبقة السياسية». وأضاف أن «العراق يعيش لحظة اختلال وانعدام الثقة من قبل الشعب تجاه الطبقة السياسية، حيث إن العملية السياسية انهارت من وجهة نظري. وبالتالي، فإن التوجه نحو عقد سياسي جديد يمثل أولى خطوات الإصلاح، سيما أن طبيعة تراكمات 17 سنة كفيلة بالذهاب نحو تنازل من أجل العقد السياسي الجديد… وصولا إلى عقول ووجوه سياسية جديدة تضع الأسس الصحيحة لنظام سياسي رصين لا يكون مرتهنا للخارج».

وأوضح الشمري أن «ما تناوله الرئيس صالح ينسجم مطالب ثورة تشرين التي هي مطالب الشعب العراقي، مع قناعتي أن العقول التي أنتجت الخراب لن تنتج الحلول». وبشأن دعوة الرئيس صالح نحو إبعاد العراق عن سياسة المحاور، علّق الشمري بأن «ذلك يمثل خط الشروع في ألاّ يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات. وبالتالي، فهي رسالة للداخل والخارج في أنه يجب أن تحترم السيادة العراقية، لا سيما أن التوتر بين أميركا وإيران بات يثقل كاهل العراق، وهناك قوى معينة تحاول أن تجعل العراق جزءاً من هذا الصراع». واستطرد أن «دعوة الرئيس هي جزء من حالة تثبيت التوازن في العلاقات السياسية، كما أنها جزء من الدبلوماسية الاستباقية التي تتمثل في تجنيب بلدك الحروب والمشاكل، مع المحافظة – على أقل تقدير – على بناء مصالح مشتركة مع كل الأطراف».

– الكاظمي واختبار القوة

من جانبه، يحاول رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي هو أول رئيس وزراء، بعد رئيس الوزراء الانتقالي إياد علاوي، لا ينتمي إلى منظومة الإسلام السياسي، تنفيذ برنامجه الانتخابي، ولو ببطء. هذا البرنامج تضمن أموراً أساسية من بينها إجراء الانتخابات المبكرة في غضون سنة، وإعادة هيبة الدولة عبر مطاردة أصحاب السلاح المنفلت – ولقد خاض الكاظمي معركتين في هذا الاتجاه – ومحاولة إصلاح الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

على صعيد الانتخابات أعلن الكاظمي موعد إجرائها في 6 يونيو (حزيران) المقبل. أما حول محاولة إصلاح الوضع الاقتصادي فإنه طرح ما بات يعرف بـ«ورقة الإصلاح البيضاء» التي تمثلت برفع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، وإعداد الموازنة المالية للعام الحالي في ضوء هذه الورقة. وأما ما يتعلق بمسألة السلاح المنفلت، فإن الكاظمي خاض مع بعض الفصائل المسلحة أكثر من معركة. كانت المعركة الأولى بعد فترة قصيرة من تسلمه السلطة… إلا أنها لم تكن متكافئة فاضطر إلى التراجع. أما الثانية فجرت قبل نحو أسبوعين وبدت فيها الحكومة – لأول مرة – قادرة على التصدي لأي محاولة يمكن أن تخل بالأمن العام في البلاد. ومع ذلك، فإن الخطوات في هذا المجال لا تزال بطيئة. وعلى صعيد متصل، الأمر الذي بدا لافتا هو «عيد الجيش العراقي» الذي صادف هذه المرة ذكراه المائة.

– قيادة الجيش العراقي تاريخياً

الكاظمي بدا مزهواً وهو يستعرض القطعات العسكرية التي يتكون منها الجيش العراقي. ورغم أن الكاظمي مدني، فإن رئيس الوزراء بموجب الدستور العراقي – الذي جرى التصويت عليه عام 2005 – هو القائد العام للقوات المسلحة. ولقد كان معظم الرؤساء العراقيين، قبل سقوط النظام السابق عام 2003 من المؤسسة العسكرية العراقية… على الأقل منذ ثورة 14 يوليو (تموز) عام 1958 وحتى 2003 فإن العهد الملكي (1921 ـ 1958) لم يكن ينطبق عليه هذا الوصف، لأنه في الوقت الذي يكون فيه الملك مصونا غير مسؤول فإن معظم الذين تولوا منصب رئاسة الوزراء آنذاك كانوا من مؤسسي الجيش العراقي (جعفر العسكري ونوري السعيد وياسين الهاشمي وطه الهاشمي وعلي جودت الأيوبي وسواهم). أما خلال العهد الجمهوري فإن عسكريين محترفين من أمثال عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف وأحمد حسن البكر تسلموا مناصب رئاسة الدولة وقيادة الجيش. الوحيد الذي شذ عن القاعدة كان صدام حسين، الذي كان المدني الوحيد الذي منح نفسه رتبة عسكرية هي الأعلى في الجيش العراقي حتى إسقاط نظامه على يد القوات الأميركية في التاسع من أبريل عام 2003، وبعد هذه المحنة توالى على قيادة الجيش رؤساء وزارات مدنيون. بل إن الدستور العراقي قرّر أن يكون حتى منصب وزير الدفاع مدنيا، بمن في ذلك من يتسلم المنصب من القادة العسكريين يتوجب عليه الاستقالة من الجيش وارتداء الزي المدني حتى عند خوض المعارك والحروب.

وطبقا لتوقعات الخبراء المطلعين على الشأن العراقي، فإن رئيس الوزراء الكاظمي أراد عبر الاستعراض العسكري غير المسبوق توجيه رسالة إلى ما يُسمون في العراق بـ«قوى اللادولة» بأنه لم يعد لهم مكان.

الكاظمي، كان قد تجول في ساحة التحرير في قلب بغداد بعد يوم واحد من المظاهرة التي نظمتها الفصائل المسلحة بمناسبة مرور عام على حادثة مطار بغداد الدولي التي أدت إلى اغتيال الجنرال قاسم سليماني و«أبو مهدي المهندس». ثم تناول الغداء مع قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق عبد الوهاب الساعدي في أحد مطاعم بغداد، وكان في كل ذلك يوجه رسالة مؤداها أن الجيش أصبح قوياً. ليس هذا فحسب، بل إنه في خطابه لمناسبة مئوية الجيش العراقي أعلن انسحاب معظم القوات الأميركية من العراق، وهي الذريعة التي لا تزال الفصائل المسلحة المقربة من إيران تتمسك بها لاستمرار حمل السلاح.

وحتى على صعيد التحالف الدولي (الناتو) فإنه طبقا لتصريحات وزير الدفاع العراقي جمعة عناد فإنه «تم الاتفاق على انسحاب تدريجي لقوات التحالف من العراق، والقوات الأجنبية موجودة لضرورات من بينها التدريب والغطاء الجوي والرادارات». وأضاف عناد أن «80 في المائة من القوات الموجودة خبراء ولا توجد قوات قتالية وعددهم الكلي لا يزيد على 3 آلاف»، وبيّن أن «الإسناد الذي تقدمه قوات التحالف الوطني ضروري وحدث دعم واضح في المعارك».

وبشأن استهداف السفارات، قال عناد، إن «إطلاق صاروخ أو اثنين لا يؤثر على هيبة الدولة لكنه يزعج السفارات». وحول أعداد عناصر داعش، لفت إلى أن «العدد لا يتجاوز 2000 يعملون وفق صيغة الذئاب المنفردة». وحول عملية تدريب الجيش العراقي أكد وزير الدفاع أن «مستوى التدريب يؤثر على نسبة الخسائر في صفوف الجيش». وعن تأمين الحدود العراقية، كشف عن «نصب منظومة مانع على الحدود العراقية السورية وستكتمل قريباً، والحدود العراقية السورية ممسوكة ولم نغفل شبراً واحداً» على حد قوله. أما بشأن أجواء العراق فقد أقر وزير الدفاع أن «سماء العراق غير مسيطر عليها بشكل كامل».

– قراءتان في قدرات الجيش العراقي راهناً

> يرى الخبير العسكري اللواء الركن المتقاعد عماد علو في لقاء مع «الشرق الأوسط» أنه «بعد مرور مائة سنة على تأسيس الجيش العراقي فإن المؤسسة العسكرية العراقية لا تزال تحظى بثقة الجيش العراقي. فقد قدم الجيش العراقي المزيد من التضحيات دفاعا عن أمن واستقرار العراق داخليا وخارجيا». وأضاف علو أن «الجيش العراقي اليوم يعاني من عدد من المعاول التي تعيق عمله ويمكن تقسيمها إلى معاول عملياتية وأخرى تنظيمية»، ويشير إلى أن «المعاول العملياتية تتمثل في أهمية إعادة النظر بدراسة وتقييم ساحة العمليات العسكرية وغيرها من تلك التي تتعلق بانفتاح القطعات العسكرية في ساحات العمليات. أما المعاول التنظيمية فتتمثل في الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة العراقية وما يترتب عليه على صعيد القيادة والسيطرة التي تعاني منها المؤسسة العسكرية العراقية».

وأوضح علو أن «ما عانته المؤسسة العسكرية بعد عام 2003 وإلى اليوم أفرز العديد من الدروس… أبرزها مشكلة القيادة والسيطرة وذلك بسبب عدم وجود قيادة عليا للقوات المسلحة تتمتع بصلاحيات قانونية وتشريعية تمكن القائد العام للقوات المسلحة من السيطرة على كل حملة السلاح المنفلت في عموم العراق، بما يؤمن للجيش مواجهة كل التحديات. ولا بد من إعادة النظر بذلك». وبشأن المعارك التي خاضها الجيش العراقي على صعيد محاربة الإرهاب، يقول علو إن «الجيش العراقي نجح نجاحاً كبيراً في مواجهة الإرهاب. وخاض معارك فريدة من نوعها، وهي من معارك الجيل الرابع التي لم تخضها أي من الجيوش بعد. وبالتالي، باتت تجربة الجيش العراقي في خوض هذا النوع من القتال يشار لها بالبنان وتُدرّس في الكليات والمعاهد العالمية نظرا لما تحتويه من ميزات، فهو خاض حروباً من قوى ظلامية وقوات غير منظورة وهذا أمر من الصعب القيام به».

من جهته أكد الخبير بالشؤون الأمنية الدكتور معتز محيي الدين، رئيس المركز الجمهوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الواضح أن قدرات الجيش العراقي قد تطورت عدداً وتسليحاً منذ عام 2003 وإلى اليوم. وكذلك تطور تدريب المقاتلين على عمليات نوعية لمحاربة الإرهاب واسترداد الأرض. وهو ما يعد في الواقع إنجازا كبيرا جدا للجيش العراقي». وتابع محيي الدين أن «عمليات الجيش العراقي انفتحت على مساحات واسعة من الأرض العراقية. ومن ثم، هناك العديد من المشاكل لا تزال تواجه الجيش العراقي. منها مشكلة القرى والأرياف التي يمكن أن يعيش فيها الإرهاب… حيث تعجز في الكثير من الأحيان قوات الجيش النظامية من الوصول إليها، الأمر الذي يمكن أن يربك عمل الجيش لا سيما أن قوى الإرهاب ترتكب كثيرا جرائم بحق المواطنين من دون أن تكون هناك قدرة على مواجهتها».

الشرق الأوسط