الانتقالي الجنوبي: تعيينات هادي تمكين لسيطرة الإخوان

الانتقالي الجنوبي: تعيينات هادي تمكين لسيطرة الإخوان

عدن – وصف قياديون في المجلس الانتقالي الجنوبي القرارات التي أصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، مساء الجمعة، بأنها تأتي في سياق التمكين للإخوان وتسهيل سيطرتهم على مؤسسات الحكومة الجديدة.

يأتي هذا في ما اعتبر مراقبون أن هناك إشكاليات سياسية وقانونية في تعيينات عبدريه منصور، التي تضمنت تعيين رئيس لمجلس الشورى ونائبا عاما جديدا للجمهورية.

ووصف المجلس الانتقالي، على لسان المتحدث الرسمي باسمه، علي الكثيري، القرارات، بأنها “أحادية”، واعتبرها “تصعيداً خطيراً وخروجاً واضحاً ومرفوضاً عمّا تم التوافق عليه”، و”نسفاً لاتفاق الرياض”.

وأصدر الرئيس عبدربه منصور هادي، الجمعة، حزمة جديدة من القرارات، من بينها تعيين رئيس الوزراء اليمني السابق أحمد عبيد بن دغر، رئيساً لمجلس الشورى، إضافة إلى تعيين عبدالله محمد أبوالغيث ووحي طه عبدالله جعفر أمان نائبين له.

واشتملت القرارات على تعيين أحمد صالح الموساي نائباً عاماً للجمهورية، خلفا للقاضي علي الأعوش الذي تم تعيينه وزيرا بوزارة الخارجية، إضافة إلى تعيين مطيع دماج أمينا عاما لمجلس الوزراء.

وأبدت قيادات في المجلس الانتقالي قلقها من إحكام قيادات محسوبة على جماعة الإخوان سيطرتها على المؤسسات القضائية اليمنية، مثل وزارة العدل والمحكمة العليا ووزارة الشؤون القانونية وحقوق الانسان، قبل أن ينضم منصب النائب العام لقائمة المناصب التي يهيمن عليها الإخوان في قطاع القضاء اليمني، في مؤشر يزيد من مخاوف مناهضي الهيمنة الإخوانية داخل الحكومة.

وقال نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك في تغريدة على تويتر “أن يسيطر الإخونج على مؤسسة القضاء فالأمر خطير للغاية”.

وكشفت مصادر مطلعة في المجلس الانتقالي لـ”العرب” أن قيادة المجلس مازالت تجري اتصالاتها بقيادة التحالف العربي للوقوف على خلفيات القرارات الأخيرة التي أصدرها الرئيسي اليمني.

وعلى الطرف الآخر يرى مقربون من الإخوان أن اتفاق الرياض لا يقيد صلاحيات الرئيس في إصدار أيّ قرارات تعيين دون الرجوع إلى المجلس الانتقالي.

وكتب العقيد يحيى أبوحاتم، مستشار وزارة الدفاع اليمنية في تغريدة على تويتر “اتفاقية الرياض كانت حول فض الاشتباكات وإعادة التموضع ودمج الوحدات وتشكيل الحكومة فقط وما سوى ذلك ليس للمجلس الانتقالي ولا غيره أيّ دخل في قرارات رئيس الجمهورية.”

وأكدت مصادر خاصة لـ”العرب” تمكن “لجنة التمكين” في حزب الإصلاح اليمني، التي يرأسها الأمين العام المساعد للحزب أحمد القميري، خلال الأيام الماضية، من الإفراج عن العشرات من القرارات التي كانت محتجزة في مكتب رئاسة الجمهورية منذ سنوات وتتضمن تعيينات في مناصب حكومية ومنح ترقيات لدفع كاملة من ضباط الأمن والجيش.

وينتمي معظم المشمولين بهذه القرارات لجماعة الإخوان التي تسعى – وفقا للمصادر – لتكرار نموذج الصراع الذي خاضته مع الرئيس السابق الراحل علي عبدالله صالح، في أعقاب التوقيع على المبادرة الخليجية والتي انتهت بتحجيم حزب المؤتمر وإعادة هيكلة الجيش، وتوسيع دائرة الهيمنة الإخوانية التي تتولى لجنة سرية العمل على تكريسها، من خلال تمكين عناصر الإخوان من مفاصل الدولة اليمنية.

وتعددت الزوايا التي عبر من خلالها ناشطون وسياسيون وإعلاميون يمنيون عن اعتراضهم على القرارات الرئاسية الجديدة، معتبرين أن القرارات تخالف الدستور اليمني، الذي يشترط انتخاب رئيس مجلس الشورى من قبل أعضاء المجلس وليس تعيينه مباشرة من قبل رئيس الجمهورية.

كما أشار ناشطون إلى أن تعيين النائب العام الجديد مخالف لمعايير شغل منصب النائب العام وشروطه، على اعتبار أن النائب الجديد ينتمي للسلك العسكري والأمني ولم يسبق له أن شغل أيّ منصب قضائي.

وفي تغريدة على تويتر، علق المحامي اليمني محمد علي علاو على قرار تعيين رئيس مجلس الشورى والنائب العام المثيرين للجدل، بالقول “رئيس مجلس الشورى ينتخب من مجلس الشورى وأيّ قرار تعيين له فهو باطل دستورا وقانونا وانتهاك صريح للمبادرة الخليجية واتفاق الرياض”.

وأضاف “لا اجتهاد مع وجود النص يا هادي، يكفيك سابقا أخونت السلطة التنفيذية كلها والآن تلحق بقية السلطات. أيضا النائب العام منصب قضائي مستقل ورفيع لا يتبع الشرطة”.

وفيما يرى مراقبون أن المجلس الانتقالي بات مقيدا باستحقاقات اتفاق الرياض التي تمنعه من السير في أيّ اتجاه أحادي لتكريس نفوذه في المناطق الجنوبية، تستمر مؤشرات الصراع بين الانتقالي وأطراف أخرى مدعومة من قوى إقليمية مثل قطر، على مسارين مختلفين، الأول من داخل “الشرعية” عبر تقليص دائرة نفوذ المجلس في المناطق التقليدية لسيطرته، من خلال استمرار نهج تمكين الإخوان من مؤسسات الشرعية.

أما المسار الثاني فيتمثل في مواصلة طرف آخر لا ينتمي مباشرة للشرعية ولا يعترف بالتزاماتها تجاه اتفاق الرياض في مراكمة القوة العسكرية بتمويل قطري استعدادا لخوض مواجهة عسكرية قادمة في الجنوب.

ووفقا لمصادر “العرب” يسير التحشيد العسكري المدعوم من الدوحة بوتيرة عالية في محافظات شبوة وتعز وأبين والمهرة ومنطقة طور الباحة في لحج (شمال عدن)، حيث يتم تجنيد الآلاف من المقاتلين وفتح المعسكرات بهدف تطويق مناطق فاعلية المجلس الانتقالي الشعبية والسياسية المتمثلة في عدن، الضالع، لحج.

وتتواصل هذه الأنشطة العسكرية التي تتم بعيدا عن دائرة الاتفاق السياسي بين الحكومة والمجلس الانتقالي، في الوقت الذي ينشغل في المجلس – وفقا لمراقبين – بخوض صراع داخلي للحفاظ على جزء من مكاسبه السياسية والعسكرية التي خسرها بعد توقيع اتفاق الرياض، إلى جانب انهماكه في مواجهة الميليشيات الحوثية في محافظة الضالع.

ويعتقد متابعون للشأن اليمني أن في استمرار موجات التحشيد العسكري من قبل أطراف لا تعترف باتفاق الرياض، بالتوازي مع معركة الصراع حول تفسير تنفيذ الاتفاق بين الحكومة والانتقالي، مؤشرات على مواجهة قادمة، ربما يكون الانتقالي فيها أقل جاهزية من الطرف الآخر الذي يستعد لدخول معركة وقد أعدّ لها جيدا.

وتتمحور الرهانات الإخوانية في حسم معركة النفوذ في جنوب اليمن مع المجلس الانتقالي، في تكرار نموذج محافظة “شبوة” التي تحولت من معقل للمجلس وخطابه المطالب بفك الارتباط، إلى أحد ابرز معاقل الإخوان السياسية والاقتصادية.

وتعززت تلك الرهانات من خلال افتتاح أول منفذ بحري يسيطر عليه الإخوان بشكل كلي، ويعدّ بوابة قادمة للتواصل والإمداد اللوجيستي المتوقعة مع أطراف إقليمية أخرى تطمح إلى اقتحام الملف اليمني، كما هو حال أنقرة التي تتواجد قواعدها العسكرية في سواحل الصومال على مرمى حجر من ميناء “قنا”.

وتم تدشين هذا الميناء من قبل الإخوان مؤخرا في شبوة، من دون الرجوع إلى وزير النقل في الحكومة الجديدة (انتقالي جنوبي) أو تمرير قانون الموافقة على تشغيل الميناء عبر مجلس الوزراء، كما ينص “قانون الموانئ البحرية” الذي أصدره الرئيس عبدربه منصور هادي بعد تصويت البرلمان عليه في العام 2013.

العرب