جدعون ساعر المرشح لخلافة نتنياهو يتوعد إيران والفلسطينيين

جدعون ساعر المرشح لخلافة نتنياهو يتوعد إيران والفلسطينيين

تل أبيب – وجّه الوزير الإسرائيلي السابق ورئيس حزب “أمل جديد” جدعون ساعر، انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متوعدا في الوقت ذاته باتباع نهج صارم تجاه إيران والفلسطينيين في حال نجاحه في الانتخابات الإسرائيلية المقررة في مارس المقبل.

ويُراهن ساعر الذي انشق في وقت سابق عن حزب الليكود (حزب نتنياهو)، على إطلاقه وعودا تتعلق باستعادة دعم الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة على حد السواء، متهما نتنياهو بالتسبب في نفور الحزب الديمقراطي الأميركي من تل أبيب نتيجة تقاربه الكبير مع ترامب.

وفي حوار له مع وكالة أسوشيتد برس، اتهم ساعر كذلك نتنياهو بتحويل حزب الليكود الحاكم إلى “عبادة الشخصية”، وذلك في وقت يواجه فيه نتنياهو محاكمة بتهمة الفساد.

ومنذ انشقاقه عن الليكود، بات ساعر رقما صعبا على الساحة السياسية في إسرائيل وأشرس منافسي نتنياهو الذي انهار الائتلاف الحكومي الذي يقوده مع تحالف “أزرق أبيض” في ديسمبر الماضي، خاصة أنه أبرم في وقت سابق اتفاقية “فائض الأصوات” مع حزب “يمينا” الذي يترأسه نفتالي بينت.

و”فائض الأصوات” هو اتفاق يتم توقيعه بين حزبين قبل الانتخابات، وينص على حصول قائمة الحزب التي لديها فائض أصوات أكثر من الأخرى على فائض أصوات الحزبين، ما يعزز فرص حصولها على مقعد إضافي بعد انتهاء المرحلة الأولى من توزيع المقاعد في البرلمان.

وقال ساعر “أعتقد أنني في وضع أفضل من رئيس الوزراء لإجراء حوار فعال وحقيقي مع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وإدارته”. وقد يكون هذا أمرا بالغ الأهمية نظرا للخلافات العميقة بين إسرائيل وبايدن، الذي يخطط للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني وتبني نهج أكثر توازنا في تعامله مع الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وبالرغم من الاتهامات التي يوجهها لنتنياهو، إلا أن ساعر لا يختلف كثيرا عن رئيس الوزراء الإسرائيلي حيث يشترك معه في الأيديولوجيا القومية المتشددة.

وساعر البالغ من العمر 54 سنة، من أشد أنصار المستوطنات في الضفة الغربية، فهو يرفض فكرة تجميد الاستيطان ويفضل ضم المستوطنات في نهاية المطاف، ما قد يضعه في خلاف مع جو بايدن الذي شدد خلال حملته الانتخابية على معارضته لبناء المستوطنات وتفضيله لحل الدولتين في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وقال ساعر إنه لن يوافق على دولة فلسطينية مستقلة تشمل إزالة المستوطنات، مضيفا “أنا أعارض وجود دولة فلسطينية في قلب وطننا، أعتقد أنها لن تجلب السلام وستقوض الاستقرار والأمن في المنطقة”.

ويرى متابعون للشأن السياسي في إسرائيل أن ساعر سيعتمد على سمعته كباني جسور لتدارك الخلافات الحتمية التي قد تندلع.

ويختلف سلوكه وأسلوبه عن أسلوب نتنياهو. ففي حين أن نتنياهو هو خطيب مهيّج، غالبا ما يتمهّل ساعر للعثور على المصطلحات الأسلم.

وبينما اكتسب نتنياهو شهرة بأسلوب حياته المترفة، أجرى ساعر مقابلة يوم الخميس في غرفة المعيشة المليئة بالكتب في شقته في أحد أحياء تل أبيب الراقية. ومع أربعة أطفال، أعرب عن أسفه عن تحديات تربية أسرة مختلطة أثناء الوباء، بما في ذلك الاعتماد على منصة زوم للتعلّم.

في حال انتخابه، من المرجح أن يكون الملف النووي الإيراني أول اختبار لساعر مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن

ودشن ساعر مسيرته السياسية في العام 1999 عندما شغل منصب سكرتير مجلس الوزراء في الأشهر القليلة من أول حكومة لنتنياهو آنذاك. ثم شغل مناصب وزارية رفيعة المستوى بعد عودة نتنياهو إلى السلطة في 2009.

ولم يُحدث ساعر الاستثناء في علاقته بنتنياهو، حيث سرعان ما اختلف معه شأنه في ذلك شأن شخصيات الليكود الصاعدة بسرعة، ليأخذ استراحة من الحياة السياسية سنة 2014 لقضاء بعض الوقت مع زوجته الجديدة المذيعة التلفزيونية جيولا إيفن وأطفاله.

ثم عاد في 2019، لكنه لم ينجح في ترميم علاقاته مع نتنياهو الذي هزمه في تصويت قيادة الحزب وحصره في المقاعد الخلفية.

ومنذ انشقاق ساعر عن حزب الليكود وإطلاق حزبه “أمل جديد” الشهر الماضي، لم يخف أن معركة الزعيمين السياسيين كانت شخصية. ففي خطابه الافتتاحي، اتهم نتنياهو بخلق “عبادة شخصية”، وهو مصطلح كرره يوم الخميس لوصف أولئك الذين يدعمون مزاعم نتنياهو بشكل أعمى ويرون في محاكمته بتهمة الفساد مؤامرة.

وقال ساعر إن اللحظة الحاسمة بالنسبة إليه كانت في مايو الماضي، عندما وصل نتنياهو إلى قاعة المحكمة لافتتاح محاكمته وانضم إليه مجموعة من الوزراء ونواب حزب الليكود. ووقفت الجماعة بصمت خلف رئيس الوزراء الإسرائيلي حين اتهم وسائل الإعلام والنظام القضائي بمحاولة الإطاحة به.

وأضاف أن عبادة الشخصية هي “عندما يكمن أهم شيء للتقدم في نظام سياسي في التملق وخدمة مصالح القائد الشخصية”. وأشار إلى أنه في حين أن لنتنياهو الحق في مواجهة التهم الموجهة إليه، تبقى مزاعمه عن مؤامرة كبرى هي”الهراء بعينه”.

وبالرغم من أنه يُقر بالخدمات التي أسداها ترامب لإسرائيل، غير أن ساعر لا يُخفي انتقاداته للرئيس الأميركي المنتهية ولايته، ولو بالتلميح للأحداث التي شهدها الكونغرس في وقت سابق من هذا الشهر.

وقال ساعر إنه كان يحترم مساهمات ترامب لإسرائيل ولا يريد الخوض في السياسة الأميركية. لكنه قال، في إشارة واضحة إلى أنصار ترامب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول، “لا يمكنني التماهي مع الحديث الذي نزع شرعية العملية الانتخابية الديمقراطية ونتائجها”.

ويبقى ساعر الذي يراوده حلم خلافة نتنياهو، أحد أبرز المنتقدين الذين يعتقدون أن إسرائيل تتجه إلى انتخاباتها الرابعة بسبب مشاكل رئيس الوزراء القانونية والشخصية. ويُعتقد على نطاق واسع أن نتنياهو يبحث عن حلفاء على استعداد لمنحه حصانة من الملاحقة القضائية.

ويبدو ساعر الذي برز كأكبر منافس لنتنياهو في انتخابات 23 مارس، مستعدا لمنع ذلك. وسيصبح “أمل جديد” ثاني أكبر حزب في البرلمان (الكنيست). ورغم أنه قد يبقى أصغر من الليكود، إلى أن له مقاعد كافية لمنع نتنياهو من تجميع الأغلبية.

وقد جعل ذلك ساعر الزعيم غير الرسمي لمجموعة متنوعة من أحزاب ترفض العمل تحت قيادة نتنياهو. ويقول نتنياهو إن خصومه مدفوعون بأكثر من العداء المشترك تجاهه.

ويرى ساعر أنه يستطيع إيجاد أرضية مشتركة كافية لتشكيل ائتلاف بديل. وفي دلالة على ذكائه السياسي وقدرته على العمل مع منافسيه، نسّق مناورة برلمانية مفاجئة في وقت متأخر من الليل الشهر الماضي تسببت في انهيار التحالف.

ووصف ساعر نفسه بأنه براغماتي. وفي دلالة على ذلك، قال إنه يرحب بموافقة نتنياهو على تعليق خطة لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة كجزء من اتفاق العام الماضي لإقامة علاقات دبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة. وأكّد أنه سيحترم هذا التعهد إذا تم انتخابه.

وإذا تحقق انتخابه، فمن المرجح أن يكون الملف النووي الإيراني أول اختبار كبير لساعر مع إدارة بايدن. ففي 2015، ألقى نتنياهو خطابا شهيرا أمام الكونغرس للضغط ضد صفقة إيران بينما كان الرئيس باراك أوباما ينهيها. وكان نتنياهو قوة دافعة في قرار ترامب الانسحاب من الصفقة التي كانت من إنجازات أوباما المميزة.

وقال ساعر إنه يحترم حملة نتنياهو، لكن الأوقات تغيرت وستكون هناك حاجة إلى نهج جديد للتأكد من عدم إحياء الاتفاق النووي في شكله الأصلي، مشيرا إلى أنه سيسعى إلى حوار قائم على الاحترام المتبادل لضمان عدم تطوير إيران لقنبلة نووية.

العرب