يشغل أبو مازن منذ 16 سنة منصب رئيس السلطة ويحكم السكان الفلسطينيين باسمها في يهودا والسامرة. ولكنه يحذر اليوم من إجراء انتخابات مثلما يحذر من النار ولا يشعر بالحاجة لأن يحظى من خلالها بالشرعية في نظر رعاياه وفي نظر العالم.
كان يمكن اتهام إسرائيل بأنها تضع المصاعب والعراقيل التي تمنع إجراء الانتخابات. ولكن للحقيقة، فإن أبو مازن نفسه لا يريد انتخابات بل ويخاف منها. فبعد كل شيء، كانت آخر انتخابات أجريت في العام 2006 وأوقعت مصيبة عليه وعلى كل الفلسطينيين.
مثلما في المجتمعات الشرق أوسطية الأخرى، غير المعتادة على الإجراء الديمقراطي بل وغير الناضجة له، حققت حركة حماس في الحالة الفلسطينية أيضاً الأغلبية، وبذلك شقت طريقها للسيطرة على قطاع غزة. عملياً، فإن الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن هي التي تفصل اليوم بين حماس وكرسي رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله. وهذا الأمر يعرفه أبو مازن أفضل من الآخرين. ولكنه غير الآن طريقه، بل وتوصل إلى اتفاق مع حماس. ومع ذلك، فإنه اتفاق يثير الاشتباه. أولاً، من الصعب الافتراض بأن أبو مازن بدأ يثق بحماس ويصدقها. ثانياً، لا يبدو أن السكان الفلسطينيين متأثرون قبيل الانتخابات أو معنيون بها. وعلى أي حال، لا يوجد ضغط من الميدان لإجراء مثل هذه الانتخابات.
سيحتفل أبو مازن هذه السنة بيوم ميلاده الـ 86 وهذا ليس هو العمر الذي يبدأ فيه الناس حياة سياسية جديدة أو يسيرون إلى الانتخابات. وبالعموم، في السلطة الفلسطينية مثلما في باقي أرجاء العالم العربي، فإن الزعيم لا ينتخب في الانتخابات بل من خلف الكواليس وبعد صراع قوى يكون أحياناً عنيفاً ومضرجاً بالدماء. وليست الانتخابات سوى غلاف خارجي، بل ومزيف، يعطي الشرعية للزعيم بعد أن يكون قد استولى على الحكم. قد يستهدف الإعلان عن الانتخابات أذني النزيل الجديد في البيت الأبيض، وهدفه الحث على بدء عهد جديد في علاقات الفلسطينيين مع واشنطن. فبعد كل شيء، ستكون إدارة بايدن منصتة لاستعراض عابث للديمقراطية في أفضل صورها والتي يرغب أبو مازن في تسويقها له.
ذكريات من إدارة بوش
مهما يكن من أمر، فإن الإعلان عن انتخابات في السلطة الفلسطينية يضع دولة إسرائيل أمام معضلة. في العام 2006، بضغط من إدارة جورج بوش الودية، سمحت إسرائيل لحماس بأن تتنافس في الانتخابات، مع أن المنظمة الإرهابية رفضت الاعتراف باتفاقات أوسلو. والنتيجة معروفة. وعلى إسرائيل هذه المرة ألا تقع في الفخ أو تستسلم للضغط. في كل الأحوال، ثمة شك بإجراء الانتخابات. ولكن حتى لو توجه الفلسطينيون إلى التصويت، فهي انتخابات لن تقدم أو تؤخر، وفي أقصى الأحوال ستمنح الوظائف والتشريفات للمتنافسين ولكنها لن تحدث تغييراً حقيقياً على الأرض.
بقلم: أيال زيسر
القدس العربي