حرب أهلية أميركية سيناريو محتمل أدواته الشبكات الاجتماعية

حرب أهلية أميركية سيناريو محتمل أدواته الشبكات الاجتماعية

يقول خبراء إن رصد إشارات على مواقع التواصل توحي باحتمال ارتكاب أعمال عنف قبيل حفل تنصيب الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن لا يعدّ مصدرا للقلق. بل إن المقلق حقا هو احتمال اندلاع حرب أهلية بعد التنصيب، لأن ترامب قد ملأ فعليا، الولايات المتحدة ضجيجا للسنوات الأربع القادمة.

واشنطن – شدّد موقع فيسبوك سياساته وسط مخاوف من احتمال حدوث أعمال عنف تحاكي ما حدث في مبنى الكابيتول يوم 6 يناير الجاري قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن المقرر يوم 20 يناير.

وأعلن فيسبوك حظرا مؤقتا على الإعلانات التي تروج لملحقات الأسلحة ومعدات الحماية حتى 22 يناير، وقالت الشركة “نحن بالفعل نحظر الإعلانات عن الأسلحة والذخيرة وتحسينات الأسلحة مثل كاتمات الصوت، لكننا سنحظر الآن أيضًا إعلانات الملحقات مثل خزائن الأسلحة والسترات وحافظات البنادق في الولايات المتحدة”.

ويأتي الحظر بعد تعرض فيسبوك لانتقادات بعد نشره إعلانات المعدات العسكرية مثل الدروع الواقية للبدن وحافظات الأسلحة جنبا إلى جنب مع منشورات حول التمرد في مبنى الكابيتول يوم 6 يناير.

كما أعلن آندي ستون مدير اتصالات سياسات فيسبوك عبر حسابه على تويتر، عن إجراءات جديدة ستتخذها الشركة بالتزامن مع حفل تنصيب بايدن، ضمنها حجب أي أحداث يمكن حدوثها بالقرب من البيت الأبيض أو مبنى الكابيتول، كإجراء احترازي ضد العنف. وقال ستون إن شبكة فيسبوك ستجري أيضًا عمليات مسح “ثانوية” خلال أي أحداث متعلقة بالتنصيب للبحث عن انتهاكات لسياساتها في هذه المرحلة، يتضمن ذلك أي محتوى مرتبط بحركة “أوقفوا السرقة” التي تزعم أن فوز بايدن غير شرعي.

وكانت هذه المجموعات قد ازدهرت على فيسبوك عقب أحداث الكابيتول. وكتبت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك، حثت فيها الشركة على “تطوير وتنفيذ سياسة فيسبوك لتحظر بشكل دائم إعلانات المنتجات المصممة أساسًا للاستخدام في العمليات التكتيكية المميتة والقتال المسلح”.

ولا ترقى هذه الاحتياطات إلى مستوى ما دعا إليه بعض منتقدي فيسبوك، لكنها لا تزال تدابير ملحوظة لشركة بدأت منذ وقت قريب فقط التعامل مع نظريات المؤامرات والجماعات المسلحة الخطيرة على محمل الجد.

وقال فيسبوك سابقًا إن التخطيط لحفل التنصيب قد اتخذ “منحى جديدًا” في أعقاب أحداث الكابيتول، وقد واجهت الشبكة الاجتماعية منذ ذلك الحين تساؤلات حول دورها في تسهيل التجمعات ودورها في نشر نظريات المؤامرة.

من جانبها، نفت شيريل ساندبرغ رئيسة العمليات في الشركة مسؤولية فيسبوك عن تنظيم أعمال العنف وقالت “أعتقد أن هذه الأحداث تم تنظيمها إلى حد كبير على منصات لا تمتلك قدراتنا على وقف الكراهية، والتي لا تتبع معاييرنا ولا تتمتع بشفافية”.

وتتبع ساندبرغ نمطًا مألوفًا في العلاقات العامة على فيسبوك، فهي تتبنى قوة الشركة وتقلل من شأنها في نفس الوقت.

من جانب آخر، قالت متحدثة باسم فيسبوك، إن الموقع يشهد زيادة في إشارات توحي باحتمال ارتكاب أعمال عنف ضخمة قبيل حفل تنصيب الديمقراطي جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة. ولفتت إلى أن “الإشارات التي تتبعها فيسبوك تضمنت نشرات رقمية تروج للأحداث، بعضها يتضمن دعوات لحمل السلاح أو شارات ميليشيات أو جماعات الكراهية”.

وأضافت المتحدثة التي طلبت عدم نشر اسمها لأسباب أمنية، أن اقتحام الكونغرس من قبل متظاهرين مسلحين مؤيدين للرئيس الأميركي المنتهية ولايته، دونالد ترامب، كان حدثا محفزا أدى إلى جهود لتنظيم تجمعات في توقيتات مختلفة على مستوى البلاد قرب موعد تنصيب بايدن في 20 يناير.

وتصاعدت وتيرة الخطاب العنيف على المنصات الإلكترونية بالفعل في الأسابيع التي سبقت أحداث الكابيتول حيث خططت جماعات يمينية للهجوم بشكل علني إلى حد كبير، وفقا لما ذكره باحثون.

ويقول خبراء أميركيون إنه لا داعي للقلق بشأن “اندلاع حرب أهلية محتملة خلال تنصيب جو بايدن، بل بعد ذلك”، في وقت يخشى آخرون أن الهجوم على مبنى الكابيتول هو نقطة البداية لهجمات متطرفة مختلفة في الولايات المتحدة ستشن يوم التنصيب.

وقال أورين سيغال، نائب رئيس مركز التطرف التابع لرابطة مكافحة التشهير إن “مؤامرات الغد بدأت تزدهر فعليًا في الوقت الحالي”. وأضاف “يزعم المزيد من الناس أنهم ظلموا من قبل من هم في السلطة”. وتابع “من خلال إخراس الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، فإن تويتر مسؤول جزئياً عن تطرف مؤيدي ترامب المخلصين”.

ويوجد أنصار ترامب المنفيون من تويتر وفيسبوك وعدة مواقع تواصل اجتماعي مختلفة على منصات أخرى كتليغرام، حيث توجد قنوات اليمين الأبيض المتطرف. وفي هذه المنصة لا يعد الثناء على “القتلة الجماعيين” نادرًا. كما أن المنشورات تحتوي على تعليمات تكتيكية ومحتوى تطرف مزعج منتشرة بشكل كبير.

وبالنسبة إلى أورين سيغال، كان للهجوم على مبنى الكابيتول تأثير بالغ على عدد كبير من الأشخاص “أكثر بكثير مما يعتقد”. وأضاف “بات كثيرون يتناقلون الرسائل التي تدعو إلى ‘استعادة أميركا’ أو ‘الاحتجاج ضد الرقابة’. هذا يعني أنه من الصعب منع الضرر”.

من جانبه يعتقد الصحافي الاستقصائي مايكل إديسون هايدن، أن احتمالات العنف في واشنطن ليست عالية كما كانت في 6 يناير. ومع ذلك، يقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه تلقى مؤشرات على “احتجاجات مسلحة” في جميع عواصم الولايات الخمسين في الأيام التي تسبق التنصيب.

وبالنسبة لسيغال، فإن “المتطرفين حذرون. إنهم يعرفون أنهم تحت المراقبة”، وكرر “ليس علينا القلق من اندلاع حرب أهلية قبل التنصيب بل يجب علينا أن نقلق من اندلاعها، فيما بعد”.

ويقول سيغال “لقد ملأ ترامب فعليا الولايات المتحدة ضجيجا للأربع سنوات القادمة”. ويتساءل “ماذا سيحدث عندما تغادر قوات الحرس الوطني؟ سيتجه الناس إلى الشبكات الاجتماعية لطرح الأسئلة؟ سيزيد أنصار ترامب وسيكونون منظمين جدا في المرة القادمة. لقد رميت بذور كثيرة لهجومات أخرى”.

وتواصل الولايات المتحدة تأهبها الأمني غير المسبوق استعداداً لتنصيب بايدن، وسط تحذيرات رسمية من احتمال وقوع هجمات خلال حفل التنصيب.

في غضون ذلك جرى نشر الآلاف من عناصر الحرس الوطني في محيط الكونغرس بالعاصمة واشنطن، حيث يقام حفل تنصيب الرئيس المنتخب. وتقول وسائل الإعلام المحلية إن عدد عناصر الحرس الوطني التي ستؤمن حفل التنصيب سيصل إلى 25 ألفاً.

العرب