أدى الحصار الذي فرض على قطر إلى تعزيز الاقتصاد القطري على أكثر من صعيد، الأمر الذي يعد تطورا إيجابيا للتكامل الإقليمي، إذ ستعمل الدول الأقوى على تعزيز المنطقة ككل، كما يقول مدير البحوث بمركز بروكينغز بالدوحة الدكتور نادر قباني.
وأشار قباني في مقال له نشره موقع المركز (brookings) إلى أن اتفاق العلا الذي تم توقيعه في الخامس من يناير/كانون الثاني الحالي خلال القمة الـ41 لمجلس دول التعاون الخليجي وأنهى الحصار الذي فرض على قطر 3 سنوات ونصف السنة، أدى لاستئناف السفر والتجارة بين قطر ودول الحصار.
ومن المؤمل أن تؤدي المفاوضات اللاحقة إلى تطبيع كامل للعلاقات الدبلوماسية والتجارية بين الأطراف الخليجية.
تكامل الدول الأعضاء
وبعد رفع الحصار، والكلام لقباني، يتطلع بيان القمة إلى تكامل أكبر بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في المجال العسكري والسياسة الخارجية والاقتصاد، وهو التكامل الذي أصبحت المنطقة الآن مهيأة له بشكل أفضل.
وتساءل قباني: كيف سيتحقق ذلك؟ وكيف ستؤثر تجربة الحصار على جهود الاندماج؟ وكيف يمكن لمجلس التعاون الخليجي أن يصبح مؤسسة أكثر فاعلية؟ مشيرا إلى أن النجاح طويل الأمد لجهود التكامل سيتطلب من دول المجلس العمل معًا كشركاء متساوين، والاتفاق على أهداف مشتركة، وتعزيز مؤسساتهم المشتركة.
وقال مدير البحوث ببروكينغز إن قطر أصبحت أكثر استقلالا بعد الحصار، ورأى أن ظروف هذا الحصار أسهمت في استغناء اقتصاد قطر عن السعودية والإمارات والبحرين، في حين كان الغرض من الحصار ممارسة ضغوط اقتصادية على الدوحة.
تعزيز الاكتفاء الذاتي
وقال قباني إن قطر التي كانت تستورد العديد من السلع والخدمات التي تستهلكها من جيرانها قبل الحصار، اضطرت بعد فرضه عليها إلى تطوير طرق إمداد بديلة بشكل سريع، وزيادة الإنتاج المحلي للسلع والخدمات الأساسية، وتوسيع ميناء حمد البحري، الذي بدأ عملياته في أوائل عام 2017.
وتطلب ذلك تكاليف اقتصادية كبيرة على المدى القصير لقطر، إلا أنه ساهم في تعزيز تحقيقها الاكتفاء الذاتي، وأعطى دفعة لجهود التنويع الاقتصادي في البلاد.
فعلى سبيل المثال، تحوّلت قطر من الاعتماد على الحليب ومنتجات الألبان المستوردة من المملكة العربية السعودية إلى دولة تمتلك اكتفاء ذاتيا إلى حد كبير. وفقدت الشركات في السعودية والإمارات والبحرين السوق القطري، التي على الرغم من أنها لم تكن كبيرة، فإنها وفرت أرباحا عالية.
وقال قباني إنه “كي تتمكن الدول الخليجية من المساهمة بشكل جوهري في إطار أمني إقليمي متكامل، فإنها بحاجة إلى قطاعات أمنية قوية وجيوش وتحالفات وشبكات خاصة بها لطرحها على طاولة المفاوضات”.
دعم التكامل الخليجي
كما يتطلب التكامل الإقليمي أيضا من دول مجلس التعاون الخليجي العمل المشترك والتنسيق في مجال السياسة الخارجية، وفق قباني.
وحث قباني في ختام مقاله دول الخليج على تعزيز دور المؤسسات متعددة الأطراف التي تدعم التكامل والتنسيق الإقليميين، خاصة مجلس التعاون الخليجي.
وقال إن على الدول الأعضاء أن تمنح الأمانة العامة للمجلس الخليجي مزيدًا من الصلاحيات لمتابعة جهود التنسيق في مجال الاقتصاد والسياسة الخارجية، ومنحها الصلاحية للعب دور رسمي أكبر في حل النزاعات الإقليمية.
المصدر : مواقع إلكترونية