كشف الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس في أول خطاب له حول السياسة الخارجية لإدارته عن توجه للقطع مع سياسة سلفه دونالد ترامب في الشرق الأوسط، وإن أكد عزمه على الاستمرار في دعم الحلفاء الاستراتيجيين في المنطقة أي دول الخليج.
وأعلن الرئيس الأميركي عن إنهاء الدعم الأميركي للعمليات العسكرية في اليمن، قائلا “سنعزّز جهودنا الدبلوماسية لإنهاء الحرب في اليمن التي أحدثت كارثة إنسانية واستراتيجية”.
وشدّد على أنّ “هذه الحرب يجب أن تنتهي”، معلنا تعيين الدبلوماسي المخضرم تيموثي ليندركينغ مبعوثا لبلاده في اليمن، وأضاف “لتأكيد تصميمنا، فإننا ننهي كل الدعم الأميركي للعمليات الهجومية في الحرب في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة”.
وستلغي واشنطن عقدا لبيع الرياض “ذخائر دقيقة”، وهي صفقة أقرّها في نهاية ولايته الرئيس الجمهوري السابق الذي حافظ على دعم قوي للسعودية، التي شكّلت مع إسرائيل دعامة سياسته ضدّ إيران.
وتقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، ضد المتمردين الحوثيين الموالين لإيران، الذين يبسطون سيطرتهم على أجزاء مهمة من هذا البلد، بما في ذلك العاصمة صنعاء منذ العام 2014.
ومن دون أن تأتي على ذكر إنهاء الدعم الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية، نقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن بيان رسمي أنّ المملكة “تتطلّع إلى العمل مع إدارة الرئيس بايدن (…) في سبيل التوصّل إلى حل سياسي شامل في اليمن”.
وفي خطابه قال بايدن إنّ “المملكة العربية السعودية تواجه هجمات صاروخية وهجمات أخرى من قوات تدعمها إيران في دول عدة. سنساعد المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أراضيها وشعبها”.
وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، أن خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن كان تاريخيا، والذي أكد فيه التزام أميركا بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء على حل النزاعات.
وقال الجبير في تغريدة على تويتر “نتطلع إلى العمل مع أصدقائنا في الولايات المتحدة لإنهاء النزاعات ومواجهة التحديات، كما فعلنا منذ أكثر من 7 عقود”.
وأوضح أن “السعودية وأميركا بذلتا التضحيات في تحرير الكويت وفي محاربة القاعدة، بما في ذلك في اليمن وداعش في سوريا، وسنواصل الوقوف معا لمواجهة أعدائنا المشتركين”.
وقال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في تغريدة على تويتر “نرحّب بالتزام الرئيس بايدن المعلن بالعمل مع الأصدقاء والحلفاء لحلّ النزاعات، والتعامل مع الهجمات من إيران ووكلائها في المنطقة”.
ورحّب الحوثيون بقرار بايدن إنهاء المشاركة في الحرب. وقال المسؤول في صفوفهم حميد عاصم “نتمنى أن يكون مقدمة لاتخاذ قرار وقف الحرب على اليمن”.
ويمكن أن يُفسّر هذا القرار كبادرة حسن نية تجاه إيران التي تستعد للدخول في مفاوضات معقدة مع واشنطن، لإنقاذ الاتفاق حول برنامجها النووي الذي انسحب منه ترامب.
وعلى الرغم من أن البيت الأبيض يعتبر العودة إلى اتفاق 2015 “أولوية قصوى”، إلا أن بايدن لم يأت على ذكر هذا الاتفاق في خطابه.
ويثير نهج بايدن حيال إيران مخاوف إسرائيل والدول الخليجية، التي تصر على ضرورة تضمين جملة من الشروط في أي اتفاق معها، من ضمنها وقف طهران دعمها للميليشيات المزعزعة للاستقرار في المنطقة، وأيضا تشديد الضغوط على برنامجها للصواريخ الباليستية.
وأكّد الرئيس الـ46 للولايات المتحدة أنّه “سيوقف” الانسحاب الجزئي للقوات الأميركية من ألمانيا، في ظلّ “مراجعة شاملة لوضعية” القوات المنتشرة في الخارج، والتي عهد بها إلى وزير الدفاع لويد أوستن.
وكان ترامب أعلن في يونيو رغبته في تقليص عدد القوات الأميركية في ألمانيا تدريجيا ليصل إلى 25 ألفا.
وأثار القرار شائعات كثيرة في صفوف النخبة السياسية الأميركية وفي أوروبا، التي أسيئت معاملة حلفاء واشنطن فيها، لاسيّما برلين، طوال أربعة أعوام من حكم الملياردير الجمهوري.
وقال بايدن في خطابه الخميس إنّ “أميركا عادت. الدبلوماسية عادت”، متعهّدا مرة جديدة بـ”إعادة بناء تحالفاتنا”. ودافع الرئيس الديمقراطي عن القيم التقليدية للدبلوماسية الأميركية، مثل تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان، التي تخلّى عنها ترامب.
ولإبراز عودة هذه “القيادة الأخلاقية” على الساحة الدولية، أعلن أنّ الولايات المتحدة ستستقبل في السنة المالية المقبلة 125 ألف لاجئ في إطار برنامج إعادة التوطين، أي ثمانية أضعاف من استقبلوا هذا العام (15 ألفا) في أدنى مستوى تاريخيا.
وأعرب بايدن عن تصميمه على مواجهة الصين وروسيا، متّهما سلفه بأنّه كان ضعيفا خاصة إزاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال من وزارة الخارجية إنّ الولايات المتحدة يجب أن “تكون موجودة في مواجهة تقدم الاستبداد، خصوصا الطموحات المتزايدة للصين ورغبة روسيا في إضعاف ديمقراطيتنا”.
وأضاف “لقد قلت بوضوح للرئيس (الروسي فلاديمير) بوتين، وبشكل مختلف جدا عن سلفي، إنّ الزمن الذي كانت تخضع فيه الولايات المتحدة لأفعال روسيا العدوانية (…) قد ولّى”.
صحيفة العرب