إذا كان ما حدث مؤخرا في أسواق المال بسبب شركة “غيم ستوب” (GameStop) عبارة عن فقاعة، فهي ليست الأولى، فمن جنون التوليب في القرن الـ17 إلى الإنترنت في تسعينيات القرن الـ20، لطالما شجّعت الفقاعات المستثمرين وأحبطتهم لعدة قرون.
في هذا التقرير الذي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية، قدّم الكاتب ماركو كويروز غوتييريز لمحة عن بعض أبرز الفقاعات السابقة.
جنون التوليب
حظيت زهور التوليب بتقدير كبير عندما أخِذت إلى أوروبا الغربية في القرن الـ16، وذلك بفضل ألوانها الزاهية. وفي نهاية المطاف، انتقل الهولنديون بتجارة التوليب إلى المستوى التالي، على حد تعبير كاتب القرن الـ19، تشارلز ماكاي، في كتابه “أوهام شعبية استثنائية وجنون الجماهير”.
لم يكن سكان هولندا في القرن الـ17 غرباء عن الأسواق والتجارة، وكانت بورصة أمستردام تعمل منذ عام 1602، وكانت شركة الهند الشرقية الهولندية تبيع بالفعل السندات والأسهم.
أدى العرض المحدود، بالإضافة إلى الرغبة في شراء أبصال هذه الزهور النادرة، إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير. وفي وقت ما، كان من الممكن استبدال بصلة واحدة نادرة بعشرات العناصر، بما في ذلك الثيران والخنازير والأغنام، وفقا لما ذكره ماكاي. وقد بلغ سوق الأبصال ذروته ما بين 1636 و1637 قبل انهيار الأسعار، الأمر الذي دفع بعض المستثمرين إلى الهاوية.
شركة البحر الجنوبي
في القرن الـ18، أصدرت بريطانيا العظمى لشركة بحر الجنوب ميثاقا حصريا للتجارة مع أميركا الجنوبية وأماكن أخرى، بعد أن أقرضت الشركة الملايين لدعم الحرب البريطانية، وبالتالي ارتفعت قيمة أسهمها بسرعة.
ظل الطلب ثابتا، ولكن بعد ذلك، أقام مستثمرون جدد مشاريع لكل شيء بدءا من “تشجيع تربية الخيول في إنجلترا” إلى مجرد “شركة للقيام بمهمة ذات ميزة كبيرة، ولكن لا أحد يعرف ما هي”، حسب ماكاي. وفي نهاية المطاف، أصدرت الحكومة قانون حظر الشركات الوهمية (قانون الفقاعة)، الذي منع إنشاء الشركات دون إذن حكومي وأجبر الشركات الموجودة على الاقتصار على الأنشطة المنصوص عليها في مواثيقها. ونتيجة لذلك، انهارت أسهم الشركات الجديدة إلى جانب أسهم شركة بحر الجنوب.
اليابان في الثمانينيات
مدفوعة بالنمو الاقتصادي السريع والديون الرخيصة وسوق الأوراق المالية الصاخبة، بدأت الشركات اليابانية في الثمانينيات في استخدام الهندسة المالية لتضخيم الأرباح. وكان من الممكن للشركات الحصول على قروض منخفضة الفائدة وجمع المبلغ نفسه من المال في سوق الأسهم، ثم إنفاقه في استثمارات قائمة على المضاربة.
في الوقت نفسه، ارتفعت أسعار الأراضي في اليابان. وقد أدت المضاربات الهائلة بالإضافة إلى محدودية الأراضي الصالحة للاستخدام، إلى ارتفاع أسعار العقارات إلى درجة أن 10 أقدام مربعة في منطقة التسوق الشهيرة في غينزا كانت تكلف أكثر من 200 ألف دولار.
وفي وقت من الأوقات، كانت قيمة الأرض الواقعة تحت القصر الإمبراطوري في طوكيو أكثر من قيمة جميع أراضي فلوريدا. ومع ارتفاع كل من الأسهم والعقارات، ازداد قلق الحكومة اليابانية ورفعت أسعار الفائدة. وفي نهاية المطاف، انفجرت فقاعة الأسعار، مما تسبب في أزمة مالية سميت بـ”العقد الضائع”.
كان جنون مختلف تماما يجتاح متاجر الألعاب عندما قامت شركة “تاي”(Ty) بتسويق مجموعة بيني بابيز الخاصة بها كمقتنيات قابلة للجمع (مواقع التواصل الاجتماعي)
بيني بابيز (Beanie Babies)
كان ثمة جنون مختلف تماما يجتاح متاجر الألعاب، إذ قامت شركة “تاي” (Ty) بتسويق مجموعة بيني بابيز الخاصة بها كمقتنيات قابلة للجمع من خلال إطلاق كمية محددة فقط من كل طراز وسحب القديمة منها.
وقف الناس في صفوف ضخمة أمام متاجر الألعاب وأعادوا بيع لعب الحيوانات المحشوة على موقع إلكتروني جديد حينها يسمى “إي باي” (Ebay). وفي مرحلة ما، كانت قيمة لعبة بيني بابيز الأكثر رواجا، والتي بيعت بحوالي 5 دولارات في المتاجر، تبلغ حوالي 5 آلاف دولار. ومع تلاشي النزوة وتزايد الكميات المعروضة، انفجرت الفقاعة. وفي عام 1999، انخفضت مبيعات بيني بابيز بنسبة 90%، وفقا لما ذكره زاك بيسونيت، مؤلف كتاب “فقاعة بيني بابيز العظيمة”.
أسهم الإنترنت
غالبا ما تسبب التكنولوجيا الجديدة ضجة، لكن فقاعة الإنترنت كانت نتاج الاهتمام الهائل، ففي أواخر التسعينيات، كانت الشركات الجديدة تستفيد من الإنترنت وتجمع مبالغ ضخمة غالبا دون أرباح أو نماذج أعمال واضحة حتى آلان غرينسبان، رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي في ذلك الوقت، حذّر من “الوفرة غير المنطقية” في السوق، لكن المستثمرين استمروا في الشراء.
استمر أصحاب رؤوس الأموال في المغامرة بالأموال في الشركات المنكوبة مثل “بتس.كوم” (Pets.com) و”بوب فان” (Popfan) و”آي تويز” (itoys)، على أمل تحقيق ربح في نهاية المطاف.
سجل مؤشر ناسداك المركب رقما قياسيا في مارس/آذار 2000، ولكن عندما بدأ المستثمرون في الابتعاد ورفع بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة، بدأ العديد من شركات الإنترنت المزدهرة في التقهقر. وبحلول منتصف عام 2002، انخفض مؤشر ناسداك بحوالي 75% من ذروته.
المصدر : وول ستريت جورنال