تعليق تفتيش المنشآت النووية يعمّق الخلاف بين قطبي النظام الإيراني

تعليق تفتيش المنشآت النووية يعمّق الخلاف بين قطبي النظام الإيراني

طهران – أعلنت إيران انسحابها من البروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاق النووي الذي يمنح الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصاريح تفتيش خاصة في المنشآت النووية، في خطوة صدامية تعقد الجهود الدولية للتوصل إلى آلية لإنقاذ الاتفاق النووي.

وصرح مندوب طهران الدائم لدى الأمم المتحدة في فيينا كاظم غريب أبادي بأنه تم تعليق كافة التصاريح الممنوحة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة النووية، وذلك في إطار “قانون خطة العمل الاستراتيجية من أجل رفع العقوبات”.

وأكد أبادي أنّ بلاده باستثناء تنفيذ “اتفاقية التفتيش الأمني” لا تتحمل مسؤوليات أخرى، وأن التعليمات أعطيت بهذا الخصوص للمنشآت النووية في البلاد.

تجدر الإشارة إلى أن الوصول غير المحدود للمفتشين إلى المنشآت النووية الإيرانية على أساس البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية هو جزء من الاتفاق النووي لإيران الذي تم التوصل إليه عام 2015، وكان يهدف إلى منع إيران من تطوير سلاح نووي. ومن دون هذه الإتاحة، فإنه لم يعد هناك في الواقع شيء متبق في الاتفاق.

ويأتي التصعيد الإيراني بينما تميل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى العودة إلى اتفاق 2015، ويكابد الشركاء الأوروبيون لإنقاذه من الانهيار.

وحذرت صحيفة موالية للحكومة الإيرانية الثلاثاء من أن التصرفات المبالغ فيها في الخلاف النووي مع الغرب، بسبب سياسات التيار المحافظ قد تؤدي إلى عزلة البلاد، بعد وقف عمليات التفتيش المفاجئ التي يجريها مفتشو الأمم المتحدة.

وانتقدت صحيفة إيران الحكومية النواب المحافظين الذين احتجوا الاثنين على قرار طهران السماح لمفتشي الأمم المتحدة بالمراقبة “الضرورية” لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، قائلين إن القرار يخالف قانونا أقره البرلمان في مسعى واضح للضغط على الولايات المتحدة حتى ترفع العقوبات.

وينص القانون على وقف عمليات التفتيش المفاجئ التي تجريها الوكالة التابعة للأمم المتحدة اعتبارا من اليوم الثلاثاء ما لم تُرفع العقوبات.

وتوجهت الصحيفة بانتقاداتها للمحافظين بالقول “على من يقولون إنه ينبغي على إيران اتخاذ تحرك سريع وصارم حيال الاتفاق النووي أن يقولوا ما هي الضمانات على أن إيران لن تُترك وحدها كما كان الحال في الماضي… وهل سيفضي هذا إلى أي شيء بخلاف المساعدة على تشكيل توافق في مواجهة إيران”.

ولإفساح المجال للدبلوماسية، توصلت الوكالة الأحد إلى اتفاق مع إيران للتخفيف من وطأة تأثير تراجع التعاون الإيراني ورفض السماح بعمليات التفتيش المفاجئ.

وقللت واشنطن من أهمية تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي التي لمح فيها إلى قدرة بلاده على تخصيب اليورانيوم حتى درجة نقاء 60 في المئة.

وقال خامنئي إن إيران قد تخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 في المئة إذا احتاجت البلاد ذلك، مع تكراره نفي أي نية لدى إيران للسعي إلى امتلاك أسلحة نووية.

ويحدد الاتفاق النووي، الذي أبرمته إيران مع ست قوى عالمية عام 2015 والذي تنتهكه منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، النقاء الانشطاري الذي يمكن لطهران تخصيب اليورانيوم عنده بنسبة 3.67 في المئة، وهي أقل كثيرا من 20 في المئة التي وصلت إليها الجمهورية الإسلامية قبل إبرام الاتفاق، وأقل بكثير من نسبة 90 في المئة اللازمة لصنع سلاح نووي.

وذكر متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن تصريح خامنئي “يبدو تهديدا”، وكرر استعداد بلاده للدخول في محادثات مع إيران بخصوص العودة إلى الاتفاق النووي.

وقال مسؤول أميركي إنه إذا خصبت إيران اليورانيوم بنسبة 60 في المئة، فسيكون ذلك مقلقا لواشنطن لكنها لم تفعل ذلك بعد. وأضاف أن الولايات المتحدة ترغب في “إيجاد سبيل يبدد أي شعور لدى الطرفين بالحاجة إلى التصعيد، بل على العكس تريد العودة إلى النقطة التي كان الجانبان يمتثلان فيها للاتفاق”.

وأشار المسؤول الأميركي “حتى نعود إلى المحادثات، سيسعى الطرفان لاتخاذ مواقف لتشديد اللهجة… دعنا نرى ما إذا كانوا سيوافقون على العودة إلى طاولة التفاوض”.

ودخلت واشنطن وطهران في سجال حول كيفية إحياء الاتفاق، حيث تصر إيران على تخفيف العقوبات قبل استئناف الامتثال للاتفاق، في حين أكدت إدارة بايدن أنها لن ترفع العقوبات لمجرد عودة إيران إلى طاولة التفاوض.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت الأسبوع الماضي أنها مستعدة للتحدث مع إيران بشأن عودة البلدين إلى الاتفاق الذي تخلى عنه الرئيس السابق دونالد ترامب.

وقالت طهران الأسبوع الماضي إنها تدرس مقترحا من الاتحاد الأوروبي لعقد اجتماع غير رسمي بين الدول المشاركة حاليا في الاتفاق النووي والولايات المتحدة، لكنها لم ترد بعد.

وثمة خلاف بين واشنطن وطهران، التي استأنفت التخصيب بنسبة 20 في المئة، في محاولة على ما يبدو لزيادة الضغط على الولايات المتحدة، حول من يجب أن يتخذ الخطوة الأولى لإحياء الاتفاق.

ويرى مراقبون أن إيران لن توقف تصعيدها بشأن ملفها النووي، مستفيدة من سياسة تخفيف الضغوط من قبل إدارة بايدن التي تبدي نوعا من الليونة تجاه طهران.

العرب