أعاد الانتشار المتزايد لفصائل مسلّحة حليفة لإيران في بلدات ومناطق حزام العاصمة العراقية بغداد، بحجة اتخاذ إجراءات أمنية فيها، المخاوف من هيمنة جديدة لتلك الفصائل. ووسط حديث عن عمليات ابتزاز وانتهاكات جديدة، حمّل مسؤولون محليون الحكومة مسؤولية ذلك، مطالبين بتوفير الحماية لتلك المناطق وضبط الفصائل.
وأخيراً، شهد عدد من مناطق حزام بغداد، ومنها الطارمية والرضوانية وأبو غريب وبلدات أخرى ضمن ضواحي شمال العاصمة وغربها، اعتداءات إرهابية راح ضحيتها مدنيون وأفراد أمن، دعت القوات العراقية الى إطلاق عمليات أمنية لضبطها، وحققت نجاحاً ملموساً في هذا الإطار، غير أن مليشيات مسلّحة دخلت على خط العمليات عبر القيام بعمليات انتشار كبيرة في تلك المناطق وإقامة ثكنات ومواقع لهم فيها.
وشهدت الأيام الماضية عدة دعوات لزعماء محليين وناشطين طالبوا فيها الحكومة بوقف تدفق المليشيات على مناطقهم، واعتبروا أن وجود قوات الجيش والشرطة هو ما يطلبونه وأن الانتهاكات قد تتكرّر في مناطقهم أسوة بمناطق أخرى تنتشر فيها فصائل مسلّحة في الأنبار ونينوى وديالى.
وأقرّ مسؤول بوزارة الداخلية العراقية في بغداد، انتشار فصائل عدة، أبرزها “النجباء” و”عصائب أهل الحق” و”كتائب حزب الله”، في بلدات ومناطق حزام بغداد خلال الأيام الماضية، لكنه أكد أن الانتشار لم يكن بطلب من رئيس الحكومة، وجرى خارج إطار الخطة الأمنية لقيادة عمليات بغداد. ولفت إلى أن تركز الفصائل المسلّحة يجري في مناطق الطارمية والرضوانية وشمال أبو غريب على وجه التحديد، وضمن ما يقولون إنه بسبب وجود تهديدات لتنظيم “داعش” فيها.
وبيّن لـ”العربي الجديد”، أن “أهالي تلك المناطق غير مرتاحين، وقدموا طلبات لقيادة عمليات بغداد، يطالبونها فيها بمنع وجودهم داخل المناطق السكنية، والاكتفاء بالقوات العراقية، الجيش والشرطة”. واعتبر أن ذلك بسبب انتهاكات ومشاكل تعرّض لها سكان مناطق أخرى بعد انتشار الفصائل المسلّحة.
وحمّل النائب عن تحالف القوى العراقية، أحمد المشهداني، الحكومة مسؤولية توفير الحماية لأهالي تلك المناطق من أي جهات خارجة عن القانون. وقال لـ”العربي الجديد”: “يجب أن نكون اليوم أقرب إلى دولة قانون ومؤسسات. يفترض أن توفر الحكومة لكل الأهالي في حزام بغداد حماية من تنظيم “داعش” ومن المليشيات المنفلتة، التي تهدّد السلم المجتمعي والنسيج الاجتماعي فيها”، مضيفاً: “نرفض أي تهديد لأهالي تلك المناطق، ونحمّل الحكومة مسؤولية أخذ دورها مع القوى الأمنية الماسكة للأرض ومنع أي جهات خارجة عن القانون من تهديد المناطق”. وأشار الى أن “من حق المواطن على الحكومة أن تحميه وممتلكاته من أي انتهاك”.
وأكد رئيس لجنة الأمن في البرلمان السابق حاكم الزاملي، أن الحكومة اليوم غير قادرة على مواجهة الجهات الخارجة عن القانون، وأن ضعفها سبّب تلك الانتهاكات.
وقال لـ”العربي الجديد” إنه “بعد انشغال الأجهزة الأمنية بمحاربة “داعش”، نشطت انتهاكات خارجة عن القانون في عدد من المناطق، من قبل عصابات ومافيات معينة استغلت الوضع لتحقيق أجندات خاصة من خلال الابتزاز والسيطرة على الأراضي والممتلكات وغيرها”، مبيناً أن “الحكومة منشغلة بملفات الإرهاب والأزمات، والأجهزة الأمنية لا تستطيع أن تجابه هذه الجماعات”.
وتابع: “ما لاحظناه في السنوات الأخيرة أن انتهاكات عديدة حصلت في عدد من مناطق البلاد، وهذا مؤشر على ضعف الحكومة، وأن ضعفها يزيد من قوة الجهات الأخرى”، مشدداً على أن “الحكومة لا تستطيع ضبط الفصائل أو العشائر أو العصابات المسلحة. نحتاج إلى قرار مركزي من رئيس الحكومة بمنع أي جهة مسلحة تهدد المواطنين”.
سلام الجاف
العربي الجديد