الفوضى الأمنية صنعت مكانة حفتر في بنغازي فهل تنهيها أيضا؟

الفوضى الأمنية صنعت مكانة حفتر في بنغازي فهل تنهيها أيضا؟

بنغازي (ليبيا) – يستشعر القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر خطورة الانفلات الأمني الذي تشهده مدينة بنغازي على مكانته وشعبيته، حيث ارتبط اسمه خلال السنوات الماضية بضبط الأمن والقضاء على الإرهاب الذي انتشر في عهد المؤتمر الوطني العام (2012 – 2014) الذي سيطر عليه الإسلاميون.

وأعلنت سلطات شرق ليبيا السبت تشديد الإجراءات الأمنية في بنغازي بعد تسجيل سلسلة من عمليات القتل في المدينة.

وقال رئيس اللجنة الأمنية الكبرى – بنغازي العميد عبدالباسط بوغريس، في مؤتمر صحافي “حسب تعليمات المشير حفتر أجبرنا جميع المحلات على تركيب كاميرات مراقبة وآخر مهلة الاثنين”.

وسجلت مدينة بنغازي سلسلة من عمليات الاغتيال كان آخرها اغتيال القيادي في القوات الخاصة الصاعقة المقدم محمود الورفلي الذي كانت تجاوزاته مظهرا من مظاهر الانفلات الأمني في المدينة بسبب استغلال نفوذه لتصفية خصومه خارج نطاق القانون، بالإضافة إلى تجاوزاته أثناء الحرب على الإرهاب في بنغازي حيث ظهر في فيديو وهو يقوم بإعدام أسرى من التنظيمات المتطرفة ما دفع محكمة الجنايات الدولية إلى المطالبة بتسليمه.

وحاولت السلطات الأمنية في بنغازي السبت التبرؤ من ممارسات الورفلي حيث أكد بوغريس أنه كان يعاني من مرض نفسي وأن المحكمة العسكرية أحالته على “مستشفى الأمراض العقلية للمتابعة”.

وقبل الورفلي تم اغتيال الناشطة حنان البرعصي التي عرفت بمواقفها المنتقدة لحفتر وأبنائه وخاصة صدام. ومؤخرا ذكرت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أنه تم اختطاف ابنتها حنين على خلفية ظهورها في فيديو اتهمت فيه شخصا يدعى صالح المسماري بالمشاركة في استدراج والدتها لاغتيالها.

وكانت حادثة اختطاف سهام سرقيوة، النائب عن مدينة درنة، قد أثارت جدلا واسعا في 2019 بعد ظهورها الإعلامي على قناة “الحدث” القريبة من الجيش الليبي انتقدت خلاله الهجوم على طرابلس. وما زال مصيرها مجهولا إلى الآن في حين تذهب أغلب التكهنات إلى أنه قد تمت تصفيتها على يد مسلحين مؤيدين للجيش.

وفي الفترة الأخيرة تزايدت بين سكان بنغازي الشكوك حول ظاهرة إطلاق جهات مجهولة أعيرةً نارية في الهواء ما يشكل خطرا على حياة الذين يعيشون قرب المناطق التي يتم منها إطلاق النار، وهو الأمر الذي يطرح التساؤل بشأن عدم اتخاذ السلطات الأمنية إجراءات في اتجاه احتكار السلاح وحصره في يد الجيش والأجهزة الأمنية.

وبينما تذهب بعض الآراء إلى أن أطرافا معارضة لحفتر تحاول تأجيج حالة الانفلات الأمني لإثارة القبائل عليه، خاصة من خلال استهداف معارضين له ليظهر في شكل دكتاتور يصفي كل من ينتقده ويخالفه الرأي، يقول متابعون إن هذه الجهات تستغل التقصير الأمني الذي بات مؤخرا يهدد مكانته أكثر من أي وقت مضى.

واكتسبت عملية الكرامة التي أطلقها حفتر سنة 2014 شرعيتها من الدعم الاجتماعي القوي من قبل قبائل المنطقة الشرقية التي تجمهرت أمام بيته مطالبة إياه بمساعدتها في القضاء على الانفلات الأمني الذي شهدته المدينة حينئذ واتهمت مجموعات متطرفة بالوقوف خلفه. ولا يستبعد مراقبون تكرار هذا السيناريو إذا استمر الانفلات الأمني، ولكن بطريقة مختلفة حيث ستطالب القبائل هذه المرة بخروج حفتر وأبنائه من المشهد من أجل السماح للحكومة الجديدة التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة بتولي الأمور.

وكانت مكونات برقة الاجتماعية والسياسية والحقوقية أصدرت بيانا تزامنا مع تولي حكومة الدبيبة السلطة دعت فيه إلى فتح تحقيق في كل الأعمال التي وصفتها بـ”الإرهابية”، وهي الخطوة التي حملت رسالة تفيد برفع قبائل الشرق دعمها عن حفتر.

وطالبت المكونات في البيان بفتح التحقيق في كل الأعمال الإرهابية ومنها اغتيال الناشطة حنان البرعصي واختطاف سهام سرقيوة ومقتل شيخ قبيلة العواقير أبريّك اللواطي في تفجير سنة 2017.

ودعا البيان إلى “إخراج جميع الكتائب من مدينة بنغازي واستلام وزارة الداخلية (مهمة) تأمين المدينة”.

ويقلل مراقبون من جدوى الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات شرق ليبيا ويرى هؤلاء أن تصريحات بوغريس تشير إلى أن الوضع الأمني صار خارج سيطرة الأجهزة الأمنية والعسكرية.

وقال بوغريس “إن على المواطنين تأمين أنفسهم بأنفسهم، وإنه من غير المعقول أن نضع سيارة مصفحة وحماية خلف كل مسؤول”، مشيرا إلى أن “عدم ذكرهم لأسماء المقبوض عليهم يأتي لعدم تعرض ذويهم للأذى وحرق ممتلكاتهم ومنازلهم”.

العرب