ليس مفاجئا أن تستمر إدارة أوباما في الصراع مع نهجها الحالي في سوريا. ليس هناك خيارات جيدة في الحرب التي حصدت أرواح 200000 شخص و شردت حوالي 10 مليون آخرين.
الرئيس محق في القول بأنه ليس هناك حلولا سحرية, مع أنه من الواضح أنه يدرك بأن تجنب التدخل ليس خيارا إذا أردنا تحقيق هدفه المعلن لتفكيك ومن ثم تدمير الدولة الإسلامية. ترك هذه الجماعة الإرهابية تتمتع بملاذ آمن في سوريا يضمن أن تعيث فسادا في العراق وأن يكون لديها المجال العملياتي الكافي للتخطيط والتجنيد وشن الهجمات في جميع أنحاء العالم.
كل خيار من الخيارات يمثل معضلة أيضا. فعليا, فإن قصفنا لأهداف تابعة للدولة الإسلامية في سوريا أعطى نظام الأسد الحرية لتكثيف قصفه على مواقع ليست تابعة للدولة الإسلامية. ومع مشاهدة هذه القوى بأن هجماتنا ضد الدولة الإسلامية جعلتهم يدفعون الثمن, فإننا بذلك نكون قد قمنا باستعداء جماعات كنا نأمل أن تحل مكان الدولة الإسلامية.
ولكن الإدارة تجنبت شن هجمات ضد أهدف تابعة للنظام السوري على الأقل بسبب المخاوف من الرد الإيراني – ليس بصورة كبيرة في سوريا ولكن في العراق. كما أخبرني أحد المسئولين البارزين في الإدارة, بأننا لو هاجمنا مواقع بشار الأسد, فإن الإيرانيين سوف يطلقون العنان للميليشيات الشيعية للعمل ضد وجودنا في العراق.
كما أن علينا أن ننظر في إمكانية أن قرب إيران من الأسد يمكن أن يؤدي إلى رد إيراني أيضا. ولكن هل يمكن لهذا القرب أن يحل مكان التهديد المباشر القادم من الدولة الإسلامية المفروض على إيران وحلفائها في العراق؟ هل يقدم قتال الإيرانيين للدولة الإسلامية في العراق معروفا لنا؟ من الصعب تصديق أن إيران يمكن أن تسعى إلى إضعاف القتال ضد الدولة الإسلامية في العراق من أجل حماية الأسد.
ولكن تجنب الإدارة ضرب أهداف تابعة للنظام السوري لا زال أمرا صائبا. عندما كتب هشام ملحم من قناة العربية هذا الشهر بأن السبب الحقيقي وراء عدم ضرب الإدارة مواقع الأسد هو لأن ذلك سوف “يؤثر سلبيا على موقف إيران في المفاوضات” بشأن الملف النووي, فقد كان يعبر في ذلك عن وجهة نظر الكثيرين في المنطقة.
مرة أخرى, نحن أمام مشكلة: التردد في ضرب الأسد, خصوصا إذا كان بدافع من حساسية المخاوف الإيرانية, يغذي قلق شركائنا السنة. السعوديون والإماراتيون وآخرون يخشون فعلا من أن أي اتفاق نووي سوف يكون على حسابهم, وهم غير مرتاحون تماما للحديث حول انفراج أمريكي مع إيران.
وللتأكد, فإن الانفراج سوف يكون مفيدا إذا كان من شأنه تغيير موقف إيران في المنطقة. لسوء الحظ, ليس هناك أي إشارة كافية بأن الجمهورية الإسلامية لديها أي نية لذلك؛ على العكس, يبدو أن الإيرانيين مصممون على تغيير توزان القوى الإقليمي لصالحهم, مع حديثهم الصريح عن نفوذهم الواضح على أربع عواصم عربية هي؛ بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء. هذا الشعور بالنصر يعمق الشكوك السنية حيالنا – وبالطبع السنة هم من يهمنا إمرهم إذا كان يجب هزيمة الدولة الإسلامية.بببساطة, السنة فقط – القادة والعشائر والجمهور- هم من يمكن أن يشوه سمعة الدولة الإسلامية. أما نحن فليس بوسعنا ذلك.
الإيرانيون والميليشيات الشيعية أيضا لا تستيطع القيام بذلك. وإذا سمح لنظام الأسد زيادة هجماته ضد المعارضة من غير الدولة الإسلامية دون أن يكون هناك أي عقاب, ودون دعم حقيقي للمعارضة, فإننا سوف نخسر السنة. الأسوأ من ذلك, فإننا نخاطر بأنه سوف ينظر إلى الدولة الإسلامية على أنها حامية السنة.
وهكذا فإننا أمام خيارات بائسة. إعلان الإدارة عن جهود لتدريب وتسليح 5000 مقاتل من المعارضة في السعودية وأماكن أخرى, بانتظار تمويل الكونغرس – حتى عملية التحري عنهم لم تبدأ بعد. وهناك حدود لم يمكن تحقيقه من خلال تصعيد برنامج السي آي أيه السري- والقوات التي يجب أن تتلقى التسليح من خلال هذا البرنامج تعرضت للهزيمة على يد جبهة النصرة, حيث إما خسروا أسلحتهم أو أنهم سلموها لمقاتلي جبهة النصرة. مسارنا الحالي في سوريا يبدو بائسا ويشكل خطرا واضحا من إمكانية فقدان السنة.
ربما حان الوقت للإدارة في أن تعيد النظر في موقفها من إنشاء منطقة عازلة لصالح المعارضة السورية على طول الحدود التركية السورية. يمكن أن يتم إنشاء المنطقة من خلال إعلان أن أي طائرة سورية مقاتلة تطير ضمن مسافة 75 ميلا من الحدود سوف تسقط عبر بطاريات صواريخ باتريوت التي نشرها الناتو على طول الحدود.
سوف تعالج المنطقة العازلة مجموعة من الاحتياجات: سياسيا, سوف تمنح المعارضة منطقة داخل سوريا لتنظيم وتوحيد صفوفها وتجاوز خلافاتها؛ عسكريا سوف توفر قاعدة للتدريب داخل سوريا, وسوف تضفي شرعية أكبر لهم؛ أما من الناحية الإنسانية, فإنها سوف توفر ملاذا آمنا في الوقت الذي يمنع فيه اللاجئون السوريون من دخول تركيا والأردن ولبنان.
في مقابل إنشاء مثل هذه المنطقة العازلة, فإننا يمكن أن نصر على أن تكون تركيا شريكا فاعلا معنا ضد الدولة الإسلامية والسماح باستخدام قواعدها في القتال. بشكل مماثل, علينا أن نخبر السعوديين والإماراتيين والقطريين بأن عليهم أن يلبوا الاحتياجات المادية للاجئين وتنسيق التدريب العسكري معنا عن قرب داخل المنطقة العازلة.
الإيرانيون والروس والأسد لن يحبذوا مثل هذا الخيار – ويمكن أن يحاولوا رفع تكاليف العمل به. ولكن ليس أمامهم الكثير من الخيارات الجيدة أيضا. هل يريد الأسد حقا فقدان طائراته الحربية؟ بالنسبة للإيرانيين والروس, فإن إمكانية زيادة الكلفة أمر من شأنه أن حفزهم للبحث عن مخرج سياسي للصراع السوري. ليس هناك أي خيار خال من الكلفة. ولكن مسارنا الحالي لا يقدم الكثير لنا في سوريا وحتى إنه يمكن أن يقوض أهدافنا ضد الدولة الإسلامية.
دينيس روس
نقلا عن مركز الشرق العربي
الكلمات الدلالية :سوريا ،أوباما،داعش،العراق،الميليشيات الشيعية،إيران،السنة،اللاجئين.
http://goo.gl/lQAY0i