خلافة داعش في موزمبيق استمرت أياما على عكس خلافته في الموصل

خلافة داعش في موزمبيق استمرت أياما على عكس خلافته في الموصل

مابوتو – أفشلت الموزمبيق مدعومة بقوات خارجية هجوما لم يستمر لأكثر من أسبوعين شنه تنظيم داعش على مدينة بالما الاستراتيجية، وأطاحت بمشروع “خلافة” جديدة للتنظيم المتشددة كان يخطط ليعيد تجربة الموصل في جنوب شرق القارة الأفريقية.

وعزا مراقبون سرعة الهزيمة بالنسبة إلى داعش في موزمبيق إلى غياب حاضنة اجتماعية للتنظيم المتشدد خاصة أن أغلب المهاجمين مقاتلون أجانب يحملون أفكارا متطرفة لا تتلاءم مع تدين تقليدي لحوالي أربعة ملايين مسلم في البلاد، على عكس الموصل حيث وجد التنظيم حاضنة عشائرية داعمة له.

وأعلن رئيس موزمبيق فيليب نيوسي الأربعاء أن الجهاديين “طردوا” من مدينة بالما. لكنه امتنع عن إعلان النصر بينما تكافح البلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات مقاتلين إسلاميين معروفين محليا باسم الشباب في مقاطعة كابو ديلغادو الفقيرة والغنية بالغاز الطبيعي. وقال “لا نعلن النصر لأننا نكافح الإرهاب”.

وتوشك موزمبيق أن تتحول إلى مركز عالمي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في جنوب شرق القارة الأفريقية بعدما توقع خبراء اقتصاديون أن تتصدر المشهد العالمي للطاقة، قريبا، بفضل الاكتشافات الهائلة للغاز.

كولين كلارك: لتحسين الروح المعنوية بين مؤيديه يسعى داعش لتقوية الفروع الإقليمية

وبعد أن كانت مجموعات مثل “أنصار السنة” أو “حركة الشباب” تعتمد في هجماتها على أسلوب حرب العصابات بشكل أساسي، التحق بها داعش في 2019 وطور أساليبها في القتال، وأصبحت تسعى للاستيلاء على المدن وحقول الغاز.

وتقول تقارير إن التنظيم المتشدد، وبعد أن سقطت خلافته في العراق وسوريا وجد شريان حياة جديدا له في أفريقيا، قد سعى لتشكيل تحالفات مع جماعات مسلحة محلية لمساعدته على جمع الأموال وتجنيد مقاتلين ضمن برنامجه لتأسيس ما يسميه “ولاية داعش في وسط أفريقيا”.

ويقول كولين كلارك محلل مكافحة الإرهاب في مجموعة صوفان، إن “داعش يتأذى كمنظمة بشكل عام، ولتحسين الروح المعنوية بين مؤيديه تسعى قيادته إلى تقوية الفروع الإقليمية لإظهار أفضل النتائج في شن الهجمات والحفاظ على وتيرة عملياتية قوية”.

وتشكل سيطرة داعش على مدينة بالما (شمال شرق)، عاصمة الغاز في موزمبيق، أكبر تهديد ليس فقط لأمن البلاد واقتصادها، بل لمصالح كبرى الشركات العالمية للطاقة، سواء الأميركية منها أو الفرنسية أو الإيطالية أو الصينية وحتى اليابانية، والتي استثمرت مجتمعة نحو 60 مليار دولار لاستغلال حقول الغاز.

وأكثر ما تخشاه الدول الغربية وخاصة الشركات التي استثمرت عشرات المليارات من الدولارات أن يستولي داعش على المنشآت الغازية في موزمبيق، وتصبح له قوة مالية يمكن أن يستخدمها في شراء الأسلحة وتجنيد المزيد من العناصر، بل وتأسيس إمارة له في محافظة كابو ديلغادو على الحدود مع تنزانيا.

وبعد أن عجز الجيش الموزمبيقي عن دحر داعش اضطر لطلب الاستعانة الخارجية من دول مثل الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا التي قالت إنها تسعى إلى “عقد مباحثات مع مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية بهدف إيجاد حل ينهي الإرهاب في موزمبيق”، وهو ما يعني أنها قد تشكل تحالفا عسكريا من دول “مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية” التي تضم 15 دولة في جنوب القارة السمراء لمنع التنظيم من إقامة مراكز قارة.

بالمقابل لا تبدي واشنطن حماسة في تشكيل تحالف دولي لمواجهة داعش في شمال موزمبيق على غرار ذلك الذي تشكل في العراق وسوريا وضم 83 دولة لمحاربة التنظيم الإرهابي.

ويحذّر متابعون من أن أيّ تدخل عسكري دولي لا يراعي الحساسيات السياسية والدينية شمالي موزمبيق، التي يقطنها 4 ملايين مسلم، قد يفاقم الوضع ويجعله أكثر تعقيدا، وأن حرمان داعش من أيّ حاضنة اجتماعية له في المنطقة لا يتحقق ذلك إلا بكسب ثقة السكان المحليين وتخصيص جزء من عائدات الغاز لتنمية هذه المنطقة المهمشة والبعيدة عن العاصمة مابوتو بنحو 1600 كلم.

وتسببت هجمات داعش في عرقلة مشاريع تصدير الغاز التي تأمل موزمبيق أن تنقلها من أفقر 10 دول في العالم إلى نادي الدول الأغنى في أفريقيا.

وإذا لم يتم احتواء تمرد داعش بكابو ديلغادو في المهد فإن كامل منطقة أفريقيا الجنوبية والبحيرات الكبرى ستكون تحت تهديد تمدد الخطر الإرهابي على غرار ما حدث لدول الساحل (مالي والنيجر وبوركينافاسو)، وبلدان بحيرة تشاد (نيجيريا، تشاد، النيجر وبنين والكاميرون).

العرب