تأجيل زيارة الدبيبة إلى بنغازي: ليبيا لم تتجاوز بعد عقدة الشرق والغرب

تأجيل زيارة الدبيبة إلى بنغازي: ليبيا لم تتجاوز بعد عقدة الشرق والغرب

بنغازي (ليبيا) – يعكس قرار رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة تأجيل زيارة إلى شرق البلاد كانت مقررة الاثنين لإظهار تقدم حكومة الوحدة نحو إنهاء سنوات من الانقسام بين الشرق والغرب، أن هذا الهدف ما زال بعيد التحقُّقِ.

وقال محمد حمودة المتحدث باسم الدبيبة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن الزيارة تأجلت، دون أن يذكر تفاصيل.

لكنّ مصدرا ليبيا قال لوكالة الأناضول التركية إن “تعليق الزيارة جاء بعدما منعت قوات موالية للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر هبوط طائرة تحمل على متنها أفراد الحماية والمراسم التابعين للحكومة”.

وتضاربت التأويلات بشأن سبب منع طائرة الحكومة من الهبوط في بنغازي؛ حيث تداول نشطاء ما مفاده أن عناصر الحماية طلبت إخلاء مطار بنينا، الأمر الذي استفز قيادة الجيش باعتبار أن الخطوة لم تتم في زيارات سابقة قامت بها الحكومة لمناطق أخرى، في حين أرجع آخرون قرار منع هبوط الطائرة إلى تصريحات الدبيبة المستفزة التي أثارت غضبا في المنطقة الشرقية بعد أن قابل في طرابلس الأسبوع الماضي نازحين فروا من بنغازي.

وقال الدبيبة في حديث عفوي مخاطبا النازحين “سنعيد بنغازي إلى حضن الوطن” وهو ما عدّه البعض مؤشرا على نوايا لاستهداف الجيش وإخضاع المدينة لسيطرة الإسلاميين.

وحارب الجيش تنظيمات متطرفة، من بينها داعش وأنصار الشريعة، وفصائل أخرى متحالفة معها. واستمرت الحرب نحو ثلاث سنوات (2014 – 2017) انتهت بإعلان الجيش تحرير بنغازي بالكامل في يوليو 2017.

ويسلط التأجيل الضوء على استمرار الانقسام بين المعسكرين المتناحرين اللذين يتمركز أحدهما في العاصمة طرابلس غربَ البلاد، بينما يوجد الآخر في بنغازي بالشرق حيث معقل الجيش، وهو الانقسام الذي بدا أن ليبيا قد تجاوزته بعد منح البرلمان الثقة لحكومة الوحدة الوطنية.

وشكل الشرق والغرب حكومتين متنافستين في عام 2014 مما زاد من الانقسام في البلد الذي كان يعاني بالفعل من مظاهر الفوضى والعنف التي أعقبت الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي عام 2011.

وزادت حدة الانقسام بالتزامن مع تولي حكومة الوفاق السلطة وبدئها العمل دون موافقة البرلمان لتتطور الأمور نحو الأسوأ سنة 2019 عندما قرر الجيش شن هجوم للسيطرة على العاصمة طرابلس.

مراقبون يرجعون التوتر إلى تصريحات الدبيبة التي قال فيها “سنعيد بنغازي إلى حضن الوطن”، ما عُدّ مؤشرا على نوايا لاستهداف الجيش

وعُين الدبيبة في مارس لقيادة حكومة وحدة وطنية في إطار عملية توسطت فيها الأمم المتحدة لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا عبر إعادة توحيد مؤسسات الدولة وإجراء انتخابات في ديسمبر المقبل.

وأقر البرلمان المتمركز في الشرق الحكومة الجديدة، وسلمت كلا الحكومتين في طرابلس وبنغازي سلطاتهما إلى الإدارة الجديدة. وتمكن وزراء الحكومة بطرابلس ومسؤولون آخرون من السفر بحرية إلى بنغازي ما عزز الآمال بشأن تجاوز الانقسام، وخاصة أن الأمر لم يتحقق مع حكومة الوفاق التي لم يتنقل وزراؤها إلى مناطق خاضعة لسيطرة الجيش.

وظهرت مؤشرات التنافر بين حفتر والدبيبة مبكرا بعد تغيب الأخير عن مراسم تسلم السلطة من الحكومة المؤقتة في بنغازي، وهو ما فُسّر على أنه تجنب لزيارة الرجمة، إضافة إلى تدخل الدبيبة ونشر تغريدة تعليقا على تداول أنباء بشأن العثور على أكثر من 12 جثة في بنغازي.

ولا يزال الطريق الرئيسي (الساحلي) الفاصل بين خطوط الجبهة مغلقا. ونفى القيادي بمدينة مصراتة والناطق باسم غرفة العمليات المشتركة سرت ـ الجفرة الهادي دراه ما تم تداوله حول تأمين الطريق الساحلي من قبل كتيبة حطين، والشروع في نزع الألغام من جهتي طريق مصراتة بوقرين والوشكة سرت، استعدادا لفتح الطريق.

وأكد دراه أن رئيس الأركان محمد الحداد الذي عينه الدبيبة “لم يصدر أيَّ قرار” بخصوص ذلك.

كما تستمر النزاعات بشأن توزيع إيرادات النفط بينما عارض البرلمان خطط الميزانية العامة التي طرحها الدبيبة وطالب بإعادة النظر فيها.

وفي حين يعلل البرلمان رفضه للميزانية بسبب حجمها الذي تجاوز 100 مليار دينار ليبي (21 مليار دولار)، وهو ما يرى أنه رقم ضخم لحكومة ستعمل أقل من سنة، يربط مراقبون تعطيل الميزانية بالصراع على المناصب السيادية وفي مقدمتها مصرف ليبيا المركزي الذي يتولاه الصديق الكبير منذ عشر سنوات.

العرب