حذر هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق ووزير الخارجية في عهد الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد، من خطر المواجهة المفتوحة بين الولايات المتحدة والصين .
وأكد كيسنجر (97 عاما) -في تصريحات له خلال منتدى نظمه “معهد ماكين للقيادة الدولية” بواشنطن وأوردتها صحيفة تايمز (The Times) البريطانية- أن خطر اندلاع حرب نووية تفاقم خلال السنوات الأخيرة خاصة بسبب القوة الاقتصادية المتنامية للصين وقدراتها التكنولوجية.
ولئن كانت الأسلحة النووية بالفعل كافية لإلحاق الضرر بالعالم بأسره خلال الحرب الباردة التي شهدها القرن الماضي، كما يقول كيسنجر، فإن التقدم المتسارع في مجالي التكنولوجيا النووية والذكاء الاصطناعي -حيث تحتل فيهما كل من الصين والولايات المتحدة معا مركز الصدارة- ضاعف تهديد سيناريو “فناء البشرية”.
وأضاف “لأول مرة في التاريخ، تمتلك البشرية القدرة على إفناء نفسها في فترة زمنية وجيزة، لقد طوّرنا قوة تفوق ما كان يتخيله أي شخص حتى قبل 70 عاما.. والآن ينضاف عنصر التكنولوجيا الفائقة والذكاء الاصطناعي للمعطى النووي. ويكتسي هذا الأمر قيمة هائلة في أي صراع بين القوى الرائدة تكنولوجيًّا”.
ونوه إلى أن الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ركزت على المنافسة في مضمار الأسلحة النووية، لكن لم تكن لدى الاتحاد السوفياتي قدرة تكنولوجية متنامية مثل التي تمتلكها الصين حاليا حيث أصبحت في الآن ذاته “قوة اقتصادية ضخمة وقوة عسكرية كبيرة”.
وقد وصف الرئيس الأميركي جو بايدن الصين مؤخرا بأنها “التحدي الأكبر” الذي يواجه الولايات المتحدة، معتبرا التنافس بينها وبين واشنطن بأنه تنافس بين الاستبداد والديمقراطيات في العالم، خاصة مع ظهور مؤشرات على تعاون أكبر بين بكين وموسكو.
ويسعى بايدن -وفق الصحيفة- إلى استخدام تهديد التوسع الاقتصادي الصيني كحجة رئيسية لتمرير خططه للبنى التحتية البالغة 4 تريليونات دولار وخطط الإنفاق الاجتماعي محليا، كما يسعى إلى تعزيز التضامن بين حلفاء أميركا في المحيط الهادي -ولا سيما اليابان وكوريا الجنوبية- مع تصاعد التوترات بشأن تصرفات بكين العدوانية في بحر جنوب الصين وتجاه كل من هونغ كونغ وتايوان.
من ناحية أخرى، جدد كيسنجر -الذي أدت دبلوماسيته المكوكية في السبعينيات إلى لقاء بين الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون والزعيم الصيني ماو تسي تونغ وإلى تحسن في العلاقات الأميركية الصينية- إيمانه بأن خيار الدبلوماسية هو الأنسب لمعالجة المشاكل العالقة بين الطرفين رغم صعوبته.
وقال “أنا لا أقول إن الدبلوماسية ستؤدي دائما إلى نتائج مفيدة.. هذه هي المهمة المعقدة الملقاة على عاتقنا.. لم ينجح أحد قط في الدبلوماسية نجاحا كاملا”.
وكان كيسنجر صرح في وقت سابق لصحيفة “دي فيلت” (Die Welt) الألمانية، بأن على كل من الولايات المتحدة والصين السعي لإرساء نوع من التعايش فيما بينهما في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدل سعي كل طرف للتغلب على الآخر قائلا “جاهدوا من أجل الوصول إلى هذا المبتغى، لأن سيناريو الصراع الشامل البديل من الصعب جدا تخيل تداعياته”.
المصدر : تايمز