لودريان يحرك فرصة أخيرة للمبادرة الفرنسية في ظل فتور مع الحريري

لودريان يحرك فرصة أخيرة للمبادرة الفرنسية في ظل فتور مع الحريري

بيروت – اعتبرت مصادر سياسية في بيروت زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان للبنان ابتداء من مساء غد الأربعاء فرصة أخيرة للمبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون في أغسطس من العام الماضي.

وكان ماكرون زار بيروت مباشرة بعد تفجير المرفأ في الرابع من أغسطس الماضي وعقد لقاء مع كبار المسؤولين والسياسيين اللبنانيين واتفق مع هؤلاء على تشكيل حكومة “اختصاصيين” بغية تمكين لبنان من الحصول على مساعدات خارجية.

وكشفت هذه المصادر أن العراقيل التي وضعها رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل في وجه تشكيل مثل هذه الحكومة دفعت السلطات الفرنسيّة إلى التلويح بفرض عقوبات على شخصيات لبنانية محدّدة من أجل الدفع في اتجاه تشكيل حكومة.

وتتصاعد التكهنات بشأن زيارة لودريان إلى بيروت الأربعاء بعد أن حصر اللقاءات التي سيجريها برئيس الجمهورية ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.

واعتبرت المصادر نفسها أن ذلك يعتبر مؤشرا على وجود فتور في العلاقة بين باريس من جهة ورئيس الوزراء المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى.

وأشارت في هذا المجال إلى أنّ أوساطا فرنسيّة بدأت تتحدّث أخيرا عن فرض قيود، تتعلّق بدخول فرنسا، على أشخاص معينين وتشمل سعد الحريري نفسه أو محيطين به.

وتستهدف فرنسا من هذا التوجّه إظهار حرصها على أن تكون على مسافة واحدة من الجميع.

ولاحظت هذه المصادر أن فرنسا تعمل من أجل “الضغط على الجميع” في لبنان لتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، وذلك كي يستطيع الرئيس ماكرون الظهور بمظهر من استطاع تنفيذ مبادرته.

ولم تستبعد المصادر السياسية اللبنانية رفض ميشال عون، بضغط من حزب الله، تسهيل تشكيل حكومة وذلك في ضوء إصرار إيران على ربط الأزمة اللبنانية بالمفاوضات التي تجريها مع الولايات المتحدة بشأن ملفّها النووي.

وذكرت المصادر السياسية اللبنانية أنّ نقطة الضعف الأساسيّة في المبادرة الفرنسيّة تكمن في أن باريس غير قادرة على تحويل أي عقوبات تفرضها على سياسيين لبنانيين إلى عقوبات أوروبيّة نظرا إلى أن أي قرار أوروبي في هذا الشأن يحتاج إلى إجماع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وتقود فرنسا الجهود الدولية لإنقاذ لبنان من أسوأ أزمة يواجهها منذ الحرب الأهلية، وبعد ثمانية أشهر من عرض مبادرتها أخفقت فرنسا حتى الآن في إقناع السياسيين المتناحرين بتبني خارطة طريق إصلاحية أو تشكيل حكومة جديدة تفتح الطريق أمام وصول المساعدات الدولية.

وتعمل فرنسا مع الاتحاد الأوروبي على إنشاء نظام للعقوبات خاص بلبنان قد يتضمن في نهاية المطاف تجميد الأرصدة وفرض حظر على السفر. لكنْ مِنَ المرجّح أن يستغرق ذلك وقتا.

وقال دبلوماسيون إن فرنسا تعتزم وقف إصدار تأشيرات دخول لمسؤولين بعينهم قد يتجاوز عددهم الأربعين، وذلك في إطار الجهود المبذولة لزيادة الضغط على بعض الأطراف الفاعلة في لبنان.

ويؤكد ماكرون في كل مناسبة أن لبنان سيظل يعاني ما لم ينفذ إصلاحات يضعها المجتمع الدولي شرطا لحصول لبنان على دعم يخرجه من دوامة الانهيار الاقتصادي.

ولئن أبدى أقطاب السلطة في لبنان استجابة للمبادرة الفرنسية فإنهم في الواقع عملوا على التملص منها وإفراغها من محتواها، حيث أن تلك الأطراف ترى في المبادرة ضربا لمواطن نفوذها بإخراجها من المعادلة الحكومية.

وفيما راهنت باريس على دعم الحريري في مهمته تشكيل حكومة اختصاصيين، يقول متابعون إن رئيس الحكومة المكلف تحول بدوره إلى عنصر معطل من خلال انشغاله بالمماحكات مع رئيس الجمهورية بدل التحشيد لإنهاء مهمته في تشكيل الحكومة.

وفضلا عن الأزمة الحكومية التي تستمر أشهرا تحت وقع حسابات الفرقاء يعيش لبناء على وقع قضايا فساد متعددة وعلى رأسها القضية المتعلقة بحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة التي تشهد فرنسا أحد فصولها من خلال قضية تقدمت بها منظمة معنية بمكافحة الفساد.

وقالت “شيربا”، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن ضحايا الجرائم الاقتصادية، في بيان إنها قدمت الشكوى بالاشتراك مع مجموعة من المحامين يوم الجمعة وإنها تتعلق بعمليات شراء “مشبوهة” لعقارات في فرنسا.

والشكوى هي الأحدث بين شكاوى رُفعت أمام السلطات في أوروبا تتعلق بشبهات فساد في لبنان، وهي تُسلط الأضواء على النخبة السياسية والمالية في لبنان منذ وقت طويل بسبب اتهامات بسوء الإدارة والفساد وعرقلة جهود رامية إلى السماح بتدفق المساعدات الدولية.

وقال حاكم مصرف لبنان لرويترز إنه أثبت حصوله على مصدر ثروته قبل توليه منصب حاكم مصرف لبنان في 1993 وعرض وثائق في عدة مناسبات تؤكد ذلك.

العرب